رئيس التحرير
عصام كامل

باسم يوسف.. حرامي الشهرة


باسم يوسف الذي اقتربت نجوميته وجماهيريته من الأسطورة ليس أكثر من سارق شهرة وحرامى نجومية وخاطف أضواء ولص مجد، و"بلياتشو" أو مهرج أو أراجوز في سيرك.

منذ سنوات قال لى أحد أساتذتى في الصحافة مقولة أراها مدخلا مناسبا للحديث عن ظاهرة أو لغز باسم يوسف المحير، قال لى " بقى لى 30 سنة بكتب في الصحافة، ماحدش سمع عنى، ولما عملت برنامج في قناة فضائية بقيت نجم والناس بتشاور على وتنادينى بالاسم لما بمشى في الشارع وتشاور عليا لما بكون راكب عربيتى".

هذا إذن زمن الفضائيات، ذهب فيه المجد والشهرة والنجومية والأضواء إلى الشاشة، صار مذيعو ومقدمو برامج التوك شو على كثرتهم أكثر شهرة من الفنانين ولاعبى الكرة. 

هبط باسم يوسف فجأة بالبراشوت وقرر بدهاء وذكاء شديدين أن يستحوذ على كل أدوات الشهرة في يديه، وأن يركب الجميع ويكون هو نجم نجوم مذيعى التوك شو، من خلال الخروج على النص وتجاوز المألوف وتخطى ما اعتاد عليه الناس. 

قبل 29 يناير 2011 وباعترافه لم يكن له أي علاقة بالثورة، ولم يكن ناشطا سياسيا أو إعلاميا ولم يكن يعرفه أو يسمع عنه أحد، منذ ذلك اليوم بدأ يذهب إلى ميدان التحرير ليستكشف الأمر من باب حب الاستطلاع، ثم قرر أن يصور مشاهد من الثورة وينشرها على اليوتيوب، والدافع كما قال هو "السخرية من أطفال الثورة الذين يأكلون البيتزا"، وشاء حظه أن تحصل هذه الفيديوهات على نسب مشاهدة عالية، ومن اليوتيوب كانت البداية إلى عالم الفضائيات.

بدأ باسم في "أون تى في" وكان مذيعا عاديا في طريقة الأداء وفى نسب المشاهدة، لم تكن شخصية الأراجوز قد بدأت تروق له، إلى أن اكتشف أن تقمصه لها هي بوابته من عالم الأضواء الخافتة إلى عالم النجومية الخارقة، بدأ بالسخرية من المعزول مرسي لأنها بضاعة رائجة، وبعد سقوطه تمسك بنفس البضاعة وهى السخرية من السيسي، في الأولى كان مقنعا ومنطقيا، وفى الثانية كان مفتعلا ومصطنعا، وعندما تعرض لمضايقات استمر في ممارسة هواية " الخبط في الحلل" و"اللعب في الممنوع" وهو يعلم أن الظرف يسمح له بذلك دون أن يتعرض له أحد، وحتى لو تعرض فسوف يكون بطلا قوميا. 

كان يمكن أن نصفق للبرنامج ونقتنع أنه يقدم شيئا لمصر إذا ظهر في زمن غير الزمن وامتلك شجاعة السخرية من مبارك وفساده ورموز نظامه وأمن دولته عندما كان ذلك من المحرمات، لكنك تقضى ساعتين من وقتك في مشاهدة حركاته وإيماءاته وغمزاته ولمزاته، ثم تكتشف أن مشاهدته كغثاء السيل مثل عدمها، لم يضف إليك أي شيء، لا يتحدث في قضية تفيد وتخدم البلد، وإذا كان هناك نجاح فيجب أن ينسب لفريق إعداد البرنامج الذي يجتهد في اختيار الفيديوهات، وإلى الجمهور الذي يصفق للمهرج "عمال على بطال".

باسم يرفع شعار " نفع واستنفع يازومول"، ذلك أن كثيرا من المذيعين ومقدمى البرامج الذين يتناولهم يتمنون ذلك ويفرحون به، لأنهم "يتلمعون" في "البرنامج" الذي يحظى بأكبر نسبة مشاهدة في مصر، ويدخلون بؤرة الشهرة ويعرف الناس أسماءهم حتى لو من باب السخرية والاستهزاء، وهو شرف لا ينالونه حتى في برامجهم.

بضاعة باسم التافهة جزء من منظومة الذوق والمزاج العام، وانعكاس لحالة الانفلات السلوكى والأخلاقى التي تسيطر على الجميع، من بائعة الخضار إلى مذيع الفضائيات، وكما صعدت ظاهرته بسرعة الصاروخ إلى أعلى نقطة الآن، حان وقت سقوطها إلى الهاوية.
الجريدة الرسمية