رئيس التحرير
عصام كامل

الداخلية "ضلالية"


انقسمت آراء المصريين فى الشارع المصرى خلال الأيام القليلة الماضية حول أداء الداخلية خلال أحداث العنف الضخمة التى شهدتها البلاد منذ يوم 26 يناير بعد إعلان الحكم فى قضية "مذبحة بورسعيد" ، وخروج الآلاف الغاضبة من أبناء بورسعيد للشوارع الأمر الذى صاحبه مواجهات عنيفة مع قوات الأمن خلفت وراءها عشرات الضحايا إضافة إلى مئات المصابين الأمر الذى يؤكد اللجوء إلى العنف من جانب الداخلية فى التعامل مع الأزمة وهو الأمر الذى أتصور أنه أدى إلى تطورها، إضافة إلى الكثير من الكذب والتضليل من أبناء الداخلية خلال الأزمة لتصوير كل المتظاهرين الغاضبين على أنهم مخربون وخارجون عن القانون وهو الأمر الذى لا يمكن قبوله على الإطلاق حيث كان ذلك من خلال خروج بعض الضباط المكلفين بتأمين سجن بورسعيد على وسائل الإعلام وإعلانهم أنهم مستهدفون من المتظاهرين وأنهم لا يحملون أى سلاح للدفاع عن أنفسهم أو عن السجن وهو الأمر الذى تأكدنا من كذبه تمامًا بعد معرفتنا لسيطرة قوات الجيش على تأمين السجن من الخارج عقب خروج الأوضاع عن السيطرة وبالتالى حدوث مواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، إضافة إلى الفيديوهات التى شاهدناها جميعاً لقناصة من الشرطيين أعلى أسطح المبانى لقتل مشيعى الجنازة الشعبية لضحايا الأحداث، وهو الأمر الذى أكدته لجنة تقصى حقائق "القومى لحقوق الإنسان" .


وبعد انتقال عدوى التظاهرات الغاضبة لبقية المحافظات كان تعامل الداخلية لا يختلف كثيراً عما كان عليه فى بورسعيد وبالأخص فى مدن القناة ، ففى السويس المحافظة التى شهدت عنفًا غير مسبوق لم نجد له مبرراً واحداً ونحن نتابع أحداثه أمام شاشات التليفزيون، اكتشفنا سببه فى مفاجأة كبرى من شهود عيان وقوى سياسية بالمحافظة وهو إطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين أمام مبنى المحافظة وهو الأمر الذى كان بمثابة نقطة التحول لمجريات الأمور على أرض المحافظة بعد سقوط شهداء بين المتظاهرين على أيدى رجال الداخلية، الأمر الذى لم يختلف كثيراً عما حدث فى القاهرة وكل المحافظات الأخرى ليؤكد أنه كانت هناك تعليمات لقيادات الداخلية باستخدام العنف فى التعامل مع كل التظاهرات.

المصريون انقسموا بعد هذه الأحداث وتساءلوا هل الداخلية "ضحية" أم أنها "مفترية" الفريق الأول يرى أن الداخلية ورجالها براء من كل الدماء التى أسيلت وأنهم يؤدون واجبهم الوطنى فقط فى إقرار الأمن والأمن ، أما الفريق الآخر فيرى أنهم هم المسئولون عن إشعال الأحداث واستمرار العنف بإفراطهم فى استخدام القوة تجاه المتظاهرين السلميين ، إلى أن أسكت "حمادة" المواطن المصرى البسيط "المسحول" خلال أحداث الاتحادية أصوات الجميع وأظهر جانباً أبشع مما يختلف عليه المصريون وهو أنها ليست "ضحية" ولا "مفترية" ولكنها "ضلالية" .

الجريدة الرسمية