رئيس التحرير
عصام كامل

محلب والتحديات الصعبة


طويت صفحة الدكتور الببلاوى بما لها وما عليها، وإن كان الذي عليها أكبر بكثير من الذي لها.. المهم أنه فتحت صفحة جديدة باسم المهندس إبراهيم محلب، وبغض النظر عن عدد الوزراء، فالذي نتمناه أن تكون الحكومة -في المجمل- على مستوى التحديات الصعبة التي تواجهها، خاصة في ظل مناخ عام سيء ورديء.. المهام كثيرة ومتعددة، وبالتالى من الضرورى في البداية أن تقوم الحكومة بتحديد الأولويات وترتيبها وفق أهميتها، ووضع خطة لكل منها.. من المؤكد أن المشكلة الأمنية والأزمة الاقتصادية لهما الأولوية الآن، إضافة إلى عبء الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.. صحيح أن فترة عمل هذه الحكومة محدودة، لكن هذا لا يمنع من أن تضع أساسا صحيحا وسليما للحكومة القادمة.


مطلوب أن تعمل الحكومة الجديدة وفق رؤية إستراتيجية واضحة، وأن يكون هناك انسجام تام بين رئيس مجلس الوزراء والوزراء، وأن تعمل الحكومة بروح الفريق الواحد بحيث لا تبدو الوزارات وكأنها جزر منعزلة، وأن تتمتع الحكومة بالهمة العالية والعزيمة القوية والإرادة الصلبة، وأن تصل الليل بالنهار في العمل، وألا تسمح بفساد في أي موقع، وأخيرًا أن يتوافر لديها الأمل والحلم والطموح..

وهذا كله يتطلب التخطيط الجيد، والإدارة الواعية، والمتابعة اللصيقة والدقيقة، فضلًا عن الحسم وعدم الخوف أو التردد أو التسويف في اتخاذ القرارات المناسبة، بعد الدراسة المستوفاة.. وعلى كل وزير أن يقدم النموذج والقدوة لمن حوله، وأن يكون لديه فريق عمل من ذوى القدرات والكفاءات وأهل التخصص.

إن حل المشكلة الأمنية يمثل حجر الزاوية في علاج كل المشكلات الأخرى، خاصة الأزمة الاقتصادية.. وبالتالى فهى التحدى الصعب أمام الحكومة الجديدة.. ويجب أن نعترف بأن الأجهزة الأمنية لم تتعاف بعد، بالرغم من الجهد الذي تبذله.. وما لم يحدث التطوير في نظمها النوعية والفنية، وهياكلها الإدارية، وتأهيل قياداتها وأفرادها ورفع كفاءتهم في كل المجالات، فلا ينبغي أن ننتظر أي تقدم..

نريد أجهزة أمنية قادرة على التعامل مع الخلايا الإرهابية بعلم ومنهجية عالية، بحيث تستطيع أن توجه إليها ضربات استباقية قبل أن تقع الجريمة.. إن كثيرا من الجرائم التي وقعت مؤخرًا كانت بسبب إهمال، أو نقص في المعلومات، أو قصور في الأداء، في حين يرجح البعض حدوث اختراق للأجهزة الأمنية جرى أثناء فترة حكم الإخوان.. في الوقت ذاته عليها أن تحذر اللجوء -في أي وقت - إلى انتهاج وسائل مخالفة للدستور والقانون..

لا شك أن موجة الإرهاب التي تواجهها مصر الآن تؤثر سلبا وبشكل مباشر في الاستثمار وقطاع السياحة، وهذا يلقى بظلاله الكئيبة على الأزمة الاقتصادية برمتها، ومن المؤكد أن عدم قدرة الأجهزة الأمنية على التصدى لها بالكفاءة اللازمة يزيد من تعقيد الأزمة.. لكن هذا لا يمنع من تغيير الرؤية والمنظومة الاقتصادية، وضرورة إعداد البيئة التشريعية المناسبة..

وتمثل الإضرابات الفئوية ومسألة الحدين الأدنى والأقصى للدخول في تحدٍ آخر أمام الحكومة الجديدة.. وفى هذا الصدد لابد أن تتمتع الحكومة بالشفافية الكاملة، فالشعب لم يعد يثق في أي حكومة أو مسئول بسبب كثرة الوعود التي لم يتم تنفيذ شيء منها أو أغلبها.. إن لدينا مشكلة كبيرة وهى أن الشعب بعد ثورتيه العظيمتين أصبح مسيسًا.. الكل يتحدث في السياسة، وسقف الطموحات صار عاليًا، وفى الوقت ذاته العمل والإنتاج في تراجع.
الجريدة الرسمية