رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومة الجديدة والتحديات المرعبة !


لماذا لا نجرب الامتناع مرة واحدة عن طرح السؤال التقليدي الممل.. ماذا تريد من الحكومة الجديدة؟ ولماذا لا نلوذ بالصمت الإيجابي الذي يعطي الفرصة لمن يتولي المسئولية أن يقدم ما عنده من جهد وفكر ورؤية قبل أن نشهر السيف في وجهه أو نصوب فوهة المسدس إلى رأسه أو نضع نصل السكين في ظهره لنقوده كيف نريد؟ دعونا نجرب مرة واحدة الطريقة التي نمارس بها الرقابة والمتابعة بشكل آخر.


الحكومة – أي حكومة – الجديدة إذا لم تكن تعرف مسئولياتها، وتعرف لماذا جاءت ولماذا تم اختيارها فلا أمل في أن تقدم شيئا له قيمة ومن ثم فإن كل ما نقوله وما يقوله الإعلام بكل أشكاله وأنواعه هو نوع من الاستهلاك الإعلامي والكلامي لزوم أكل العيش في حالة حسن النوايا الظاهرة، أما سوء النوايا فتلك يعلمها الله ويحاسب عليها.

استقالت حكومة الببلاوي أو أقيلت..النتيجة واحدة في الحالتين.. رحلت وتركت خلفها عددا من الملفات الشائكة التي تمثل تحديات صعبة ومرعبة يراها الكثير- وأنا منهم - ملفات كارثية !! ولو كان لدى الحكومة الراحلة جزء من ضمير حي أو رغبة حقيقية في حل بعض مشاكل هذه الملفات لفعلت.. لكنها لم تفعل عن قصد وعلي رأسها رجل اقتصاد معروف ونائب اقتصادي معروف استقال في وقت حرج سياسيا فتغلب الهوى والغرض على الانتماء والمصلحة الوطنية !!

رحلت وزارة الببلاوي وتركت اقتصادا يعاني في غرفة العناية الفائقة رغم كل الدعم المادي الذي لم يتوفر لحكومة قبلها من الداخل والخارج وفر عليها عناء الحديث والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وتركت إضرابات واعتصامات في عدد كبير من مؤسسات ومرافق الدولة الحيوية مثل مصلحة الشهر العقاري وهيئة النقل العام إلى جانب الإضرابات والاعتصامات الفئوية في الأطباء والصيادلة والباقي في الطريق رغم وجود وزير للقوي العاملة في الوزارة ينتمي إلى الثورة وكان من الذين قادوا أشهر الإضرابات والاعتصامات أيام نظام مبارك هو الوزير كمال أبوعيطة الذي دفع في اتجاه تطبيق الحدين الأدنى والأقصى لكنه هو وحكومته فشلوا في تطبيق القرار حتى رحيل الوزارة.

رحلت الوزارة التي ترأسها خبير اقتصادي بعد فشلها في تطويق الأسعار من الارتفاع الجنوني الذي أصابها، رحلت وتركت حالة أمنية لم تتعاف وكان يمكن أن توفر الحكومة الدعم المطلوب لوزارة الداخلية من العتاد والسلاح وبعض القوانين التي تحمي هذا الجهاز وهو يطبق القانون، رحلت وتركت الوزارة المقالة أو المستقيلة جماعة إرهابية ما زالت تمارس البلطجة بكل أشكالها في الشارع المصري، رحلت وتركت أزمة مرور طاحنة وعشوائية خانقة في الشوارع والميادين، وتركت غير هذا وذاك الكثير من مشاكل التعليم والصحة كان يمكن لها أن تضع بعض بذور الإصلاح أو التطوير في ظل ظروف حالة ثورية يلتف فيها الشعب حول حكومة جاءت في أعقاب عزل رئيس وخلع نظام كان يستهدف استباحة الوطن كاملا لحساب خطة أمريكية لتقسيم الوطن وتفكيك جيشه وإسقاط شرطته!!

رحلت حكومة كانت تضع أعينها على الخارج أكثر من وضعها على مشاكل وقضايا الداخل فكانت مرتعشة ولا تأخذ قرارا إلا تحت ضغط شعبي شديد وغالبا ما كان القرار يأتي متأخرا فيضيع على الوطن مكسب اللحظة المناسبة!! هل بعد ذلك تحتاج الحكومة الجديدة إلى من يقول لها ماذا تفعل ؟ هل تحتاج الحكومة الجديدة إلى من يعرفها أولويات عملها في هذه المرحلة؟

أتصور أن المطلب الوحيد هو أن تعمل الحكومة فقط، أن تعمل بروح الفريق الذي افتقدته الحكومة المستقيلة ولو استطاعت إنجاز ملف أو اثنين من هذه الملفات المرعبة تكون قد حققت نجاحا كبيرا حتى يكتمل بناء باقي مؤسسات الدولة وتعود من جديد تؤدي دورها كاملا.
Elazizi10@gmail.com
الجريدة الرسمية