رئيس التحرير
عصام كامل

عز "الدنجوان".. وعز"الإمبراطور"


بين أحمد عز "إمبراطور الحديد" وطفل نظام مبارك المدلل، وأحمد عز "الدنجوان" محطم قلوب العذارى تشابه كبير، الأول كان يعتبر أنه يمن على الناس بإطلالته متحدثا في الفضائيات وبذهابه بنفسه إلى المذيعة وليس العكس، وكان يعتقد أن عليهم أن يسجدوا لله شكرا على تكرمه وتعطفه ورقة قلبه بالسماح لهم بمشاهدة طلته البهية على الشاشة.


قبل سقوط نظام مبارك بفترة قصيرة، وفى المرة الوحيدة التي أجرى فيها "عز الحديد" لقاء تليفزيونيا، اشترط باستعلاء شديد عدم قبول مداخلات هاتفية مسجلة أو على الهواء، وحدد بنفسه الزمن الذي ستستغرقه وطبيعة الأسئلة المطروحة، ولو كان الأمر بيده لطلب " تشفير" الحلقة، بحيث يدفع المشاهدون أجرا وثمنا لرؤيته على فضائية دريم، تعامل في ذلك اليوم باعتباره مالك كل شيء، مالك القناة التي اختار أن يظهر فيها، ومالك المذيعة التي ستحاوره، بحيث بدا الأمر وكأن اللقاء إعلان مدفوع الأجر بفلوسه، وعلى الجميع الرضوخ لإرادته ورغبته وشروطه وإملاءاته.

كان عز الحديد وقتها متهما بالاحتكار واستغلال النفوذ، لكن عز الدنجوان الذي استضافه عمرو الليثى مساء أمس الأول على قناة "الحياة" الحمراء ليرد على اتهامه في جريمة تمس الشرف وليس الذمة المالية أو الاحتكار، في حلقة جرى تسويقها إعلاميا باعتبار أن سيادته تكرم على المشاهدين بقبول الظهور، وحصريا وفقط مع الليثى، وظلت قناة الحياة - التي بطبيعتها تسوق للبرامج التافهة وتكرر وتعيد وتزيد لغاية ما تزهق المشاهدين وتكرههم في عيشتهم - تسوق للقاء باعتباره انفرادا وسبقا وخبطة إعلامية.

لكننى اكتشفت أن بين منى الشاذلى وعمرو الليثى فارقا كبيرا، ذلك أن الأولى كانت تملك من الجرأة والشجاعة والمهنية ما جعلها أقوى في مواجهة رجل حديدى كان يدير دفة السياسة في مصر ومتحدثا باسمها، وصديق الوريث جمال مبارك بكل جبروته وسلطانه، بحيث استفزته وواجهته بكل الاتهامات لدرجة أخرجته عن شعوره.

لكن في حلقة الدنجوان ذهب الليثى المذيع بنفسه إلى الضيف، وظننت أنه سوف يجرى حوارا يدخل به التاريخ، ذلك أن أمزجة الناس تتابع بجنون وشغف وترقب هذا النوع من النميمة المرتبطة بالفضائح والحكاوى التي تمس الشرف والأعراض، وبدأ الحوار، لكن خانه ذكاؤه ولم يتحل خلاله بأى قدر من المهنية والموضوعية، وأبجديات تلك الموضوعية - كما تعلمنا في مهنة الصحافة والإعلام أن تعرض أو تجتهد في عرض وجهتى نظر الطرفين المتنازعين - وإذا رفض أحدهما الحديث ترضى بذلك ضميرك المهنى، لكنه لم يكلف نفسه عناء تكليف معدى البرنامج الاتصال بالطرف الثانى في الخصومة الفنانة زينة التي تدعى أن الدنجوان هو "والد أبنائها"، أو حتى يعلن للمشاهدين أنه حاول وفشل لأنها رفضت الحديث أو أغلقت هاتفها أو كان تليفونها خارج الخدمة.

للأسف أدار الليثى الحوار الباهت بمنطق الصديق الذي يحابى ويدافع و"يطبطب" على صديقه، وليس بمنطق المحاور الذي يسعى لكشف واستجلاء الحقيقة ونقلها بموضوعية وحيادية، وللوهلة الأولى شعرت وكأنه يحاور شخصية عبقرية خارقة صاحبة إنجاز تاريخى مثلا، أو خدمت البلد في السياسة أو العلم أو الدين أو الاقتصاد أو الحرب مثلا، وليس فنانا شابا تطاله أصابع الاتهام في جريمة تمس الشرف، أسئلة استرضائية سطحية تافهة عن الحب والأكل والشرب والنوم والشغل والشائعات، قطعتها كثير من فواصل القناة المتكررة كالمعتاد.

وكان عز الدنجوان – كما فعل عز الحديد - قد وضع سيناريو اللقاء وأسئلة الحوار الفاتر مسبقا، وفى نهايته سأله الليثى السؤال الذي تم إملاؤه عليه وكان يجب أن تدور حوله الحلقة "بماذا ترد على اتهامات الفنانة زينة لك"، وعلى طريقة الدبلوماسيين رد الدنجوان ردا لا يغنى ولا يثمن المشاهد من شغف " الموضوع في يد القضاء".

لا أريد أن أسيء لفنان شاب له جمهور عريض ولا أقصد ذلك، لكن انطباعى السلبى المستفز عن إنه "شايف" نفسه أزيد من اللازم تزايد في نهاية اللقاء، غير أننى التمست له العذر في إحجامه عن الزواج رغم عمره الذي يلامس الـ43 عاما.
الجريدة الرسمية