رئيس التحرير
عصام كامل

حقًا... التاريخ يعيد نفسه

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اللهم ارحم شهداء مصر وسوريا والعراق وبورما وفلسطين وسائر من أزهقت روحه ظلما وجورا…

لم تكد تطوى صفحة أعنف قرن مر على البشرية وأكثرها إراقة لدماء البشر حتى بدأ الناس يتنفسون الصعداء. سقط الاتحاد السوفييتي وانتهى “التاريخ” وتوحدت قطبية العالم وسادت قيم الرأسمالية والحرية الفردية فالعالم كان متجها نحو سلام سرمدي. أو هكذا توهم الغرب الذي عمي عن رؤية العالم من غير منظاره.


ما يلفت نظري هو كمية الدماء المراقة ليس في الحربين العالميتين فقد كانت حروبا وهدف الحرب هو الفوز والفوز في حينها كان يعني من يقتل ويدمر أكثر. ولكن المتأمل يعجب من كمية عمليات “التطهير” والإبادة الجماعية في ذلك القرن.

فمن “التطهير الأعظم” لستالين بين 1936-1939 لكل من عادى الاتحاد السوفييتي من الجيش الأحمر والشيوعيين والذي انتهى إلى قتل ما بين ال 500 ألف والمليون ونصف إلى الخمير الحمر الشيوعيون الحاكمون في كمبوديا والذين ابادوا ما بين 2 إلى 3 مليون تقريبا أي نحو 25% من كامل الشعب الكمبودي وذلك ممن عاداهم من الشعب والمثقفين والمسلمين والبوذيين. وحتى في عالمنا الإسلامي كان لنا نصيب ففي محاولة الانقلاب الشيوعي على سوكارنو في اندونيسيا سنة 1965 واختطافهم الرئيس والتحكم في كافة قنوات الإعلام (التاريخ حقا يعيد نفسه؟) والتي كان نصيبها الفشل. لوحق المنظمون وتم قتل نحو 500 ألف منهم!، أخيرا إذا تغاضينا عن التضخيم الإعلامي والتوظيف السياسي السافر لا يمكن أن نتغاضى عن حقيقة الهولوكوست اليهودي أو الذي أزهق ما بين 1-3 مليون نفس خلال الحرب العالمية الثانية على يد هتلر وألمانيا النازية. وهذا كله غيض من فيض من عمليات الابادة التي شهدها القرن الدموي.

و حقا أن التاريخ يعيد نفسه. فعشرات الملايين من تلك الأرواح قتلت في سبيل التطهير والتغيير القسري ومحو الهوية والتاريخ يعيد نفسه لأن الحجج التي استعملت للتبرير هي ذاتها التي تستعمل اليوم وهي التخلص من أعداء “الحرية والديموقراطية” ومن تسببوا في “الإرهاب والتخريب” ومن هم “عملاء وخونة وأعداء لأمن البد واستقراره”

نحن كفصيل البشر كرمنا الله وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا.من استخلفنا في الأرض لنعمرها لا لنفسد فيها ونسفك الدماء. أما آن لنا أن نتعظ؟ أم أنه انحياز الذاكرة وقصور النظر والكبر والعزة بالإثم واتباع الهوى وتفضيل مصلحة الذات على المجتمع. كلنا يخطأ ولكن الفظاعة عندما تخطأ وتستمر في الخطأ ولا تتعلم منه وتشوه ذاكرتك وذاكرة كل من حولك وتزيف الحقائق لنفسك أولا ولكل من حولك وتنظر للحقيقة من جانب واحد.. والأدهى والأمر عندما يأخذك الكبر سيد الخطايا الذي أهلك موسى “ما أريكم إلا ما أرى” وإبليس “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين”

فهل نفهم الغاية من كلمة “تاريخ” أم لابد أن نستنسخ لأنفسنا نسخة ثمنها ملايين الأرواح حتى نتأكد من فهمنا للدرس؟

اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان.
الجريدة الرسمية