رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«الجنزوري»: مصر كسرت مشروع «الشرق الأوسط الكبير» بعد 30 يونيو.. نحتاج «حكومة حرب».. «السيسي» يتحدث قليلًا ويعي ما يقول.. الدين المحلي الحكومي ١٦٠٠ مليار جنيه وا

 الدكتور كمال الجنزوري
الدكتور كمال الجنزوري

قال الدكتور كمال الجنزوري، المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية رئيس الوزراء الأسبق، إن مصر تعيش في حالة ثورة من ٢٥ يناير ٢٠١١، وحتى الآن، مضيفًا أن ما حدث في مصر هو نتاج لما سبق في عشر سنوات سابقة من عام ٢٠٠٠ وحتى عام ٢٠١٠، سواء فيما يتعلق بالأمن، أو الاقتصاد، أو علاقة مصر بالعالم الخارجي.

وأشار «الجنزوري»، في حوار مع صحيفة «أخبار اليوم»، اليوم السبت، أن مصر «كسرت مشروع الشرق الأوسط الكبير» بعد ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن البلاد تحتاج إلى «حكومة حرب».

وإلى نص الحوار: -

- أين نحن الآن؟

مصر تعيش في حالة ثورة من ٢٥ يناير ٢٠١١، وحتى الآن وفي تصوري أن ما حدث في مصر الثائرة هو نتاج لما سبق في عشر سنوات سابقة من عام ٢٠٠٠ وحتى عام ٢٠١٠، سواء فيما يتعلق بالأمن، أو الاقتصاد، أو علاقة مصر بالعالم الخارجي.

تلك السنوات شهدت إهمالا للتنمية الحقيقية والتحرك في قطاعات ريعية وليس قطاعات منتجة في مجال الصناعة والزراعة والتشييد، مما أدي إلى تراكمات في البطالة وأخري في التضخم. وشهدت أيضا إهمالا للعلاقات مع العالم الخارجي.

وفي السنوات الثلاث الأخيرة فرضت علينا الظروف أن نتكلم وأن نتعامل في الشأن السياسي، وأصبح شغلنا الشاغل هو تعديل الدستور أو وضع دستور جديد والانتخابات البرلمانية والرئاسية، وغيرها من القضايا، مما شغلنا عما هو أهم سواء الوضع الأمني أو الاقتصادي أو علاقة مصر بدول العالم

نبدأ بالأمن، يبدو أنك تعطيه أولوية؟

- لابد أن نعترف أن هناك نجاحات تحققت في مجال الأمن بالنسبة لما يدور في الشارع المصري ومايحدث في سيناء ومايدور على الحدود الغربية مع ليبيا أو الجنوبية مع السودان، لكن هناك أمن جنائي يهم المواطن المصري في الشارع وهو للأسف غير موجود، وعدم وجوده جعل المستثمر المصري لايستثمر خوفا، والمستثمر المصري لو عايز يستثمر حيستثمر غدا وليس بعد أيام، فالمال المصدر في حدود ٢١٠ مليارات والمتداول نحو من ١٤٠ إلى ١٥٠ مليارا.. إذن هناك ٦٠ مليارا في يد المواطن المصري وفي بيته وغير متداولة في السوق أو مجال الاستثمار.

تقصد تحت البلاطة؟!

- هذا تعبير صحيح، مال غير متداول ومحتجز في البيوت لأن المستثمر المصري ليس لديه طمأنينة لكي يعمل ويضع أمواله في السوق، هذا المستثمر المصري لو لم يعمل لن يأتي المستثمر الأجنبي، فالمستثمر الأجنبي يأتي بعدما يري ابن البلد يعمل وينتج، إذن لابد أن نعترف أن الأمن الجنائي الذي يخلق الأمان والطمأنينة لدى المواطن المصري في الشارع لو تحقق سيؤدي إلى الاستثمار المصري والخارجي، ويجعل السائح يأمن وتعود حركة السياحة، وللأسف هذا الأمن الجنائي خلال السنوات الثلاث الماضية لم يتحقق

كيف تشخص الوضع الاقتصادي.. هل هو بكل هذا السوء الذي يستشعره رجل الشارع؟

- الوضع الاقتصادي فيه صعوبة لو قورن بأي فترة مضت.. مثلا عام ٢٠٠٠ كان الدين المحلي الحكومي الذي يظهر في الموازنة العامة للدولة يقدر بـ ١٤٧ مليار جنيه. النهاردة الدين أصبح ١٦٠٠ مليار بما يوازي عشرة أضعاف، ولا نستطيع أن نقول إن السنوات الثلاث الأخيرة هي السبب لأن الدين في عام ٢٠١٠ كان يقترب من تريليون جنيه نفس الأمر فيما يتعلق بالدين الخارجي الذي كان ٣٣ أو ٣٤ مليارا وأصبح الآن يتجاوز ٥٠ مليارا، وهنا يجب ألا نتأثر بكل مايقال لأن هناك ودائع موجودة بالفعل، صحيح هي ودائع بدون فائدة لكنها أنفقت وهي قرض في أمور مثل هيئة البترول واحتياجاتها، صحيح هذا لايظهر، لكن هيئة البترول تقترض للدولة، وهذا الرقم لو وضعته سنجد الدين الخارجي يتجاوز ٥٠ مليارا بينما في الماضي كان أقل من هذا بكثير، وبالطبع نتيجة توقف الإنتاج زادت الواردات سنة بعد أخرى إلى أن وصلت إلى ٦٠ مليار دولار، مما يعني أن قيمة الواردات ٥ مليارات كل شهر بما يتساوي مع دخل قناة السويس في السنة. 

وهذا التوسع في الواردات سيظهر أثره بعد ذلك لأنه فتح الباب لإغراق الداخل بواردات مثل الملابس الجاهزة.. وعندي مصانع الغزل والنسيج كلها أوشكت أن تغلق بسبب الاستيراد.. والإغراق تحت مسمي حرية التجارة، لكن ليس هناك دولة في العالم إلا ولديها ضوابط للحد من هذا الإغراق وإذا تركنا هذا الدين الحكومي والدين الخارجي نجد معدل النمو أقل من ٪٢. 

بما يعني أن معدل النمو أقل من معدل النمو السكاني فمعني هذا أن مستوي معيشة الفرد يقل يوما عن يوم ولو وصلنا للبطالة سنجد حجم القوى العاملة ٢٧ مليون نسمة والقوي العاملة الرسمية التي تعمل بالفعل عددها ٢٣ مليون نسمة. معني ذلك أن لدينا ٤ ملايين عاطل رسميا لكن الحقيقة أكبر من هذا لما نرجع للمراجعة الحقيقية فرقم البطالة يصل إلى ١٤ ٪ وهذا رقم كبير مقارنة بأي دولة في العالم.

أما إذا جئنا للحديث عن التضخم وهوناتج لوجود عجز في الإنتاج. 

فالتضخم وصل إلى مايفوق ١٥ أو ١٦ ٪ كل هذه المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن الوضع الاقتصادي غير محتمل فلو وضعنا الشأن الأمني ثم الشأن الاقتصادي ثم الشأن الخارجي سنجد أننا في وضع سيئ، وأي شخص ممكن يقول هذا الحديث معروف.. نعم معروف ولكن يجب أن نضعه أمام أعيننا حتى نستطيع التصدي له.

تقصد التشخيص يجب أن يسبق العلاج؟

- نعم.. فلو أخذنا المفردات التي تتعلق بالمواطن المصري وأخذنا أساسيات حياته سنجد القمح إنتاجنا منه ٦٦٪ ونستورد ٤٤٪ وهو أمر خطير لأنه يتعلق برغيف العيش، والسكر ننتج منه ٦٦٪ ونستورد الباقي، وزيت الطعام وهو شيء أساسي ننتج منه ٢٠ ٪ ونستورد ٨٠٪ أما إذا جئنا للبروتين الحيواني فالشق الخاص باللحوم الحمراء نحن ننتج ٧٠٠ ألف طن ونستهلك مليون طن، ولو أخذنا الإنتاج الحيواني كله من لحوم حمراء وبيضاء والبيض والألبان ككل سنجد نصيب الفرد في مصر ١٩ جراما في اليوم يعني مايقرب من ٧ كيلو في العام، بينما المعدل العالمي يصل إلى من ١١ إلى ٢٩ كيلو في السنة.

هذه المؤشرات كلها لايستطيع أحد أن يقول إننا في وضع أفضل، لكن هذه التراكمات من فعلها ومن أين جاءت والي أين أخذتنا؟

هذه تراكمات.. استمرت من سنوات قبل الثورة وعندما جاءت الثورة لم تتح الفرصة للمنتج أن يعمل ولا للسائح أن يأتي وهذه هي النقطة التي نتحدث فيها. 

هذه أشياء لايمكن إنكارها وتمت على مدي السنوات العشر السابقة لمصر الثائرة وإذا قال أحدهم لقد سمعنا عن معدل نمو وصل إلى ٧٪ في ٢٠٠٨ و٢٠٠٩ هذا المعدل الذي أعلن عنه في ذلك الوقت لو أخذناه بصدق سنجد أنه يتعلق بقطاعات ريعية بمعني أنها ناتجة عن تجارة الأراضي والدخول في البورصة وداخل فيها أيضا شق الاتصالات والتليفون المحمول التي تصل إلى من ٤٠ إلى ٥٠ مليارا وهو استهلاك. على الجانب الآخر تم إهمال الإنتاج الزراعي والصناعي وكذلك أهمل قطاع التشييد وقطاع التشييد من أهم القطاعات لأنه يضم تشييد الطرق والكباري ومحطات المياه والصرف والكهرباء وغيرها

ننتقل إلى ثالث أبعاد المشهد الراهن، وهو الوضع الخارجي؟

- لابد أن نعترف أن علاقاتنا الخارجية قبل الثورة كانت تعتمد على علاقة الرئيس بإسرائيل وأمريكا أما باقي دول العالم فلم يكن هناك اهتمام وخلال الثلاث سنوات الماضية لم ننظر للعالم الخارجي وكان كل همنا الدستور والانتخابات والتعديلات وكانت النتيجة أنه خلال العامين ونصف العام حتى ٣٠ يونيو لم يكن أحد فاضي يبلغ العالم الخارجي إحنا بنعمل إيه وإحنا مين بالضبط.

كان العمل على مستوي البلد ما يسمي بتسيير الأعمال وليس ما يسمي قيادة دولة تقول مصر وتتصرف على أساس مكانة مصر، هذه المكانة وتلك العلاقات الدولية لا تأتي بالخطب والشعارات ولكن ببلد آمنة أكثر ومنتجة أكثر بلد لديها صوت وكل العالم يعرف أن له هذا الصوت بلد كل العالم يشعر أن هناك دولة.

- ويكمل د. الجنزوري حديثه قائلا: نعم سمعنا كثيرا وفي مواقف متعددة كلمة أن مصر مستهدفه، حتى إن البعض يقولها بلا وعي ولكن لو نظرت نظرة واقعية سنجد بالفعل مصر الآن مستهدفة وإذا كان هذا الكلام قد استخدمه البعض زمان لإلهاء الشعب عن الحاكم، لكن اليوم هذا الكلام حقيقي وواضح فالواقع يقول إن مصر تهاجم من وسائل الإعلام العالمية كما لم يحدث في تاريخها وإذا عدنا إلى عام ١٩٥٦ وقت العدوان الثلاثي كنا متصادمين مع إسرائيل وفرنسا وانجلترا وإذا عدنا للصحف العالمية وقتها سنجد أنه كان هناك من ينصف مصر، وفي ١٩٧٣ لو عدنا للصحافة العالمية كان هناك من يهاجم مصر بدعوي أنها بدأت الحرب لكن كان في المقابل من ينصف مصر ويقول الحقيقة إنها حاربت لتسترد أرضها، أما إذا وصلنا لما يحدث الآن فلن نجد من ينصفنا وسنجد كل الغرب يهاجمنا

ما السر في تقديرك؟

- ليس سرا فمصر كسرت المشروع الذي كانت أمريكا والغرب يستهدفه في الشرق الأوسط والذي أطلق عليه اسم الشرق الأوسط الكبير ومحوره الأساسي أن تكون دول المنطقة دولا صغيرة الحجم وضعيفة وهذا الكلام تم في تونس واليمن وليبيا ثم إلى سوريا ونحن في مصر واجهنا الأمر فمصر عمود الخيمة أو هي العمود الفقري للعالم العربي الذي يضم٣٢٠ مليون نسمة بما يعني أنه يزيد سكانيا عن دول الاتحاد الأوربي، ربنا أراد أن شعب مصر الذي به جزء كبير لايقرأ ولايكتب وجزء فقير لديه جينات فطرية رفضت هذه التقسيمة وخرج في ٣٠ يونيو أمة واحدة وشعب واحد.

هذا الأمر في نظر الغرب أجل ما كان ينوي مشروعهم عمله، وليست قضية أوباما أنه يساعد فصيلا معينا، ولكن الموضوع يتعلق بالمشروع الذي يعدون له من ٣٠ عاما مضت وأعلن عنه في بداية تولي بوش الأب وأكد عليه عندما جاء بوش الابن وجاءت كونداليزا رايس وقالت لقد أغفلنا عيوننا عن حكم مستبد وآن الأوان أن نتعامل معه وكان الهدف ليس ضرب مستبد ولكن خلق الفوضي التي وصفتها بالخلاقة. 

هذا الكلام قلته للرئيس كارتر عندما جاء في يناير الماضي ٢٠١٢ وكان يحضر اللقاء الوزيرة فايزة أبو النجا، قلت له أتمني أن يأتي اليوم الذي يتعامل فيه الأمريكان مع الأمر بتفكير العقل وليس كمبيوتر، تدخل له معلومات فتخرج لك سيناريوهات معدة سلفا وتأخذ أحدها دون تفكير.

وقلت له إن سيناريو الكمبيوتر آلي يعتمد على بيانات قد يكون ٨٠٪ منها غير دقيق وليس له رؤية، لقد ذهبتم إلى كوريا فأصبحت نصفين، وفي فيتنام ضيعتم ٥٠ أو ٦٠ ألف جندي وفي العراق تمزق العراق ولم تستفد انت شيئا، لأن العراق كان يعطيك قبل التمزق أكثر مما تأخذه الآن، وذهبت لأفغانستان تبحث عن دور تخرج به ولا تجد.

وسألته: لماذا تضربون في مصر الآن وهي عمود الخيمة ولو وقعت ستقع على مصالحكم قبل مصالحنا كنت أقول هذا الكلام وكان الرفض لما يحدث في مصر وقتها بسيطا وكانوا ينظرون إلى ثورة ٢٥ يناير على أنها أمر يكتب في التاريخ. 
ثم يأتي موقفهم الآن وهو موقف عكسي تماما، وأنا شخصيا كنت أتصور أن محطات التليفزيون والجرائد العالمية الكبيرة فيها استقلالية كاملة لكن ثبت أن هذا الأمر غيرصحيح.

هذه هي الحالة المصرية كما أوضحت، ما المطلوب من الرئيس القادم، والحكومة المقبلة، في ظل تلك الأوضاع؟

- لابد أن ندرك إننا في حالة حرب، لذا فالحكومة المقبلة أشبه بحكومة الحرب، لأننا نعيش في فترة فارقة في تاريخ مصر لازم نعترف كدولة ونظام وحكومة أننا في المرحلة القادمة في مرحلة حرب، ليست بمعني حمل السلاح ولكن حرب تتطلب أمورا ضرورية لكي نواجهها، أول شيء أن ننظر إلى بعيد كي نري مايواجهنا فمشكلتنا ليست في الحدود الشرقية ولا الغربية ولكن مع ما يدبر ويخطط إعلاميا ومخابراتيا، فعدد أجهزة المخابرات الموجودة حاليا في مصر كأجهزة مخابراتية لدول الغرب يفوق أي رقم لأي دولة في العالم،وبالتالي المطلوب مني نظرة أبعد من النظرة الضيقة لحدودي الجغرافية فقط، وفي نفس الوقت يجب ألا أنظر للخلف، وما أقصده بالخلف هنا ليس المصالحة وماشابه ولكني أقصد بعدم النظر للخلف عدم الانشغال بالماضي، فهناك من في مسئوليته أن يواجه مايتعلق بالفساد والانحراف. هناك قضاء ونيابة وأجهزة تحقيق، لكن الدولة كدولة فيها رئيس ورئيس حكومة وأجهزة مساعدة لابد ألا تنشغل كثيرا بالخلف. 

الأمر الثالث ما دمت باعترف أنها حالة حرب فعنصر الوقت مهم لابد أن تحسب الوقت والوقت يحسب في حالة الحرب بالساعة وليس باليوم أو الشهر وفي نفس الوقت يجعل القرار صائبًا ليس لأنه صح أو خطأ ولكن لأنه أتي في وقته المناسب كل هذا لأنني في حالة حرب.

الأمر الرابع في حالة الحرب لابد أن تكون هناك وحدة للشعب ففي حالة الحرب، الشعب يتناسي كل شيء، الشعب شبابا ورجالا وسيدات وشيوخا فقراء وأغنياء، مسيحيين ومسلمين، مرضي وأصحاء، في حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣ لم تسجل الداخلية أي جرائم لا سرقة ولا غيره، ومن ٢٥ يناير إلى ١١ فبراير لم تسجل إصابة أو طوبة على كنيسة.

لكل حرب مهمة مباشرة، ما المهمة المباشرة لنا في حالة الحرب التي تتحدث عنها؟


- المهمة المباشرة لو تمكنت أن تجد الشعب آمنا تحقق الشق الثاني الاقتصادي لأن السياحة والاستثمار يأتي لك مع الاستثمار المصري ثم صوتك يظهر للعالم فتتحسن علاقاتك الخارجية، وحالة الحرب هي التي تفرض عليَّ التعامل مع المحاور الثلاثة في وقت واحد والأولوية للأمن الذي سيتحرك بعده الوضع الاقتصادي ثم الخارجي مع الأمن وعلاقته بالخارج، فأنا لا أعيش من أجل منحة ولكن أعيش لكي أنتج، لذلك لابد أن نتحد ولو سنة واحدة بس.


هل تري أننا نقدر أن نتحد جميعا، بينما هناك تنظيم له أتباع وأعوان يضرب في الدولة؟

- مش مصالحة أنا أتحدث عن غالبية الشعب المصري وهم من أكلمهم، ومن لا يري هذا فأنا لست مهتما به، لأنه لا حيتغير ولا حيغيرني ولا حيخليني أنظر للخلف، أنا لا أريد النظر للخلف لكن الـ ٩٥٪ اللي يهمهم مصر ودول اللي خرجوا مرة واتنين وتلاتة وآخرهم اللي خرجوا في ٢٥ يناير ٢٠١٤.

هناك نقطة مهمة ونحن نتكلم عن وحدة الشعب لما قلنا أمنيًا واقتصاديًا وخارجيًا وأننا في حالة حرب ولابد من وحدة الشعب، قلنا إن هناك جهازا تنفيذيا هو الحكومة وهناك برلمان.. وأعتقد أن البرلمان القادم سيكون أخطر برلمان جاء في الـ٦٠ عامًا الماضية، لماذا لأن الدستور الجديد أعطي رئيس الوزراء والحكومة نحو ٦٠٪ من سلطات رئيس الجمهورية، وأعطي الجزء الأكبر للبرلمان.. البرلمان يملك كل شيء.

الرئيس لا يقيل وزيرا وبالتالي لا يقيل رئيس حكومة والبرلمان لو وافق ثلثاه على إقالة الرئيس يقال الرئيس.
وبالتالي أقول للمواطن المصري خد بالك ده مش برلمان خدمات لكن انتخب ما تراه مناسبًا للمرحلة القادمة سياسيًا واجتماعيًا، وأعتقد أن الدوائر وتقسيمها عندما يظهر ستكون دوائر صغيرة وعضو البرلمان لن يمثل سوي ١٢٠ ألف نسمة بما يتناسب مع المعدل العالمي. والـ١٢٠ ألفًا لازم يكونوا عارفين، وأتمني أن شعب مصر الواعي والذكي والذي أثبت ذكاءه ووعيه خلال الثلاث سنوات الأخيرة أكثر من مرة أن يختار عضو البرلمان الذي يهمه مصلحة البلد فهو الأحق في أن يمثله

ونحن نتكلم عن البرلمان ما هو النظام الانتخابي الأصلح من وجهة نظرك؟

- النظام الفردي.. فالقول بأن هذا سيغفل حق الأحزاب وحيمنع حق المسيحي والمرأة أنها تدخل البرلمان.. غير دقيق أنا أعتقد اننا لكي نحقق ما نسميه التمثيل الحقيقي لكل فئات الشعب لابد أن نصل بالدائرة لـ١٢٠ ألفًا فقط وإذا كنت أنا غير قادر على أن أصل للـ١٢٠ ألفًا فلا يحق لي أو لك أن أدخل هذا المكان.

ولكن القوائم القومية التي يدافع عنها أحد الزملاء ويطالب بقائمة قومية تضم ٥٠ اسمًا ليس عندك حزب يستطيع أن يضم هذه القائمة من يدافع عمن في أسوان ومن يدافع عمن في الإسكندرية. 

ولكن إذا كانت هذه القائمة تضم أحزابًا فلماذا لا ينزل أعضاؤها ويعلن كل منهم أنه نزل على مبادئ حزب كذا.. وعندما يدخل المجلس ينضمون كتكتل حزبي للحزب الذي ينتمي له كل منهم، هذا رأيي وأعتقد أنني لست مخطئًا خاصة في هذه الدورة، حتى نمارس ونعرف متي نسحب الثقة ومتي نقيل الوزير ومتي نحاسب الرئيس، لهذا أعتقد أن الفردي سيكون أفضل.

تلك هي الصورة.. من أين نبدأ إذن؟

- هناك خطة عاجلة مدتها عام أو عام ونصف العام لابد أن نبدأ فيها من الغد تتعلق بالزراعة والصناعة والتشييد، وخطة بعدها للخروج من الوادي القديم قد تستغرق ٤ سنوات ولا مخرج لنا سواها.

لكن قبل هذه الخطة العاجلة، هناك ناس جعانة وعريانة ومحبطة وشديدة الفقر.. أنا لا أتكلم عن الطبقة المتوسطة التي هي جوهر عملية الإنتاج، أنا أتكلم عن الطبقة محدودة الدخل والمعدمة، الناس تنتظر بعد الثورات ماذا تجني، لا أتكلم عن إصلاح زراعي جديد، لكن إقول أن جمال عبدالناصر إنه في غضون ٤٨ يومًا استطاع أن يحول انقلابا عسكريا إلى ثورة، هل نستطيع أن نتعامل مع مشاكلنا بنفس الجرأة.. وكيف نُشعر المواطن البسيط أن هناك شيئًا جديدا مختلفا عن النظام السابق المنغلق والإقصائي الذي يتبع الجماعة أو النظام الأسبق الذي كان يمثل تزاوجا بين السلطة ورأس المال.. كيف أقدم له النموذج الثالث القريب من نظام ثورة يوليو والذي يتوجه للغالبية العظمي من الناس كيف أعمل بخطوات عاجلة على أن يشعر المواطن أن هذا الوطن له مكان فيه وله نصيب فيه وأن القيادة الجديدة أيًا كان من سيختاره الشعب المصري يشعر به.

كيف نتصرف في هذا الأمر؟

- الوضع يختلف عن عام ١٩٥٢ لأن عدد السكان كان قليلًا جدًا عن وقتنا الحالي قانون الإصلاح الزراعي كان في سبتمبر ٥٢، وكان البلد وقتها ممسوكا وله رابط متحكم في وارداته وكان الجنيه قيمته مستقرة سنة واثنتين لكن الآن الوضع مختلف والمقارنة صعبة.

لكن مع ذلك هناك حلول فمثلًا يمكننا تقديم إعانة بطالة لمدة عام أو عامين لنحو ٣ ملايين عاطل حتى يجدوا عملا ويمكننا إيجاد وسيلة مناسبة لربات الأسر «المرأة المعيلة» والمعاقين كقرض حسن لإقامة مشروع أو معونة شهرية لمدة عام حتى تتحرك عجلة الإنتاج، ولا يمنع أن أوفر ٢٠ مليار جنيه لهذا الغرض من أجل طمأنة الناس.

والعدالة الاجتماعية ليست مجرد تحسين دخل الفرد ولكنها تتحقق بتعليم أفضل ومسكن يوفر الحد الأدنى من سبل المعيشة الصالحة، ومع كل هذا كفالة الأمان لحياته في الشارع والمدرسة والعمل.. والعدالة الاجتماعية لفظ جميل لكن لكي يتحقق لابد أن تكون كل هذه الخدمات موجودة.. خدمات صحية أفضل، لا أقول مثالية ولكن أفضل حالا من أمس كذلك التعليم والإسكان والعدالة الناجزة والأمن أولا وأخيرا

ما تكلفة تطبيق هذا؟

- من ضمن الخلل الموجود هو الخلل في الموازنة فعجز الموازنة هذا العام «٢٠١٤/٢٠١٣» بلغ ٧١٥ مليارًا منها ٢٤٪ أجورا ٣٠٪ دعما لذا في أي تحرك لابد أن أروح للدعم أو أذهب للضرائب، لكن عندما تحرك الدعم أو تحرك الضرائب فلن يدفع الثمن إلا الفئة المتوسطة والفقيرة، هذا مع وجود البطالة وزيادة الأسعار. وسوف يأتي يوم غصب عني وعنك نتعامل فيه مع الدعم والضرائب، لكن بعد أن يدور الإنتاج وتشتغل العمالة لتكون الوطأة أخف.

نعود للخطة العاجلة التي قلت إنها ستستغرق عاما أو عاما ونصف العام.. هل تؤدي إلى دوران عجلة الإنتاج؟

- هذه الخطة يجب أن تبدأ اليوم أو غدا، للتوسع الزراعي وتشجيع الصناعة ودفع عملية التشييد.

أولا: بالنسبة للزراعة.. لدينا ٢ مليون فدان عاطلة عن الزراعة، منها ٢٢٠ ألف فدان على ترعة السلام «١» من فارسكور إلى الكيلو ٢٨ عند قناة السويس، و٤٠٠ ألف فدان على ترعة السلام «٢» في سيناء و٢٠٠ ألف فدان في شرق العوينات و٦٠٠ ألف فدان في مناطق متناثرة بمختلف أنحاء مصر عددها ٧٣ منطقة منها ٥٠ تروي بمياه النيل و٢٠ بالمياه الجوفية و٣ بمياه الصرف الزراعي المعالج، بجانب ٥٤٠ ألف فدان في توشكي، وبالمناسبة الذين يهاجمون توشكي هم الذين لم يشاركوا في الدراسة الخاصة بها، والهجوم على توشكي كان يستهدف شخصي أكثر مما يستهدف المشروع

هل مياه النيل متوافرة لري كل هذه الأراضي؟

- تكفي.. وموجودة على رأس الغيط، وكل مهمتي أن أبذل جهدا.. أشغل الناس واطلع إنتاج آخذ منه ضرائب ولا آخذ من لحمي الحي.

من يزرع الأرض؟

- ممكن شركات كبيرة وممكن أفراد.

هل تؤيد فكرة التوزيع على الشباب العاطل والأسر الفقيرة؟

- هناك أماكن.. لكن أنا مش عاوز أوزع مكافآت أنا عاوز أنتج، فالموقع الذي يتطلب شركات كبري أو مساهمة أو جماعات، لكن المهم أن يكون عندي الرغبة والارادة السياسية أن ابدأ من اليوم، لأنه ليس لي مخرج آخر سوي الإنتاج.

هل تري أن هذا يخرج الـ ٦٠ مليارا من تحت البلاطة؟

- الفلوس موجودة في يد الناس.. لكن ليه مبتتحركش؟.. السبب إنها خايفة من الأمن.. صحيح هناك جهد كبير جدا في الأمن، لكن مازال الأمن الجنائي محتاج لوقفة لعودة الاستثمار المحلي والخارجي، ساعتها سينتهي الإرهاب، عندما ننتج وتتحقق العدالة الاجتماعية والتي تجتمع مع الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الناجزة، ولكي تتحقق العدالة لابد كما قلنا من توفير خدمات صحية وتعليمية وثقافية إلى جانب الإسكان والدخل، كل هذا يمثل تكلفة والتكلفة كما قلنا لا نستطيع اليوم أن نبدأ بالضرائب والدعم لأن من سيدفع الثمن هم الطبقة المتوسطة والفقيرة والمهمشة.

لذلك فالتحرك في المجال الزراعي سيكون بداية مناسبة لأنه سيستوعب على الأقل مليون مواطن.. قد يكون العدد في المرحلة الأولي أقل، لكن مع التسويق والإنتاج ووجود العمال والصناعات المكملة يمكن أن يزيد العدد عن ذلك

النقطة الثانية في الخطة العاجلة التي تحدثت عنها هي التوسع الصناعي.. كيف يتم ذلك؟

- أثناء وجودي في رئاسة الحكومة الثانية، أجرينا حصرا للمصانع المتوقفة، وبلغ عددها ١٥٧٠ مصنعا، وهذا الرقم زاد ولم يقل، وهناك عدد كبير آخر من المصانع المتعثرة، إما لسوء الإدارة، أو تضخم الديون لدى البنوك بسبب الفوائد.

وهناك سبب ثالث وهو قضية الإغراق بسبب البضائع التي نستوردها والتي أدت إلى توقف أو شبه توقف لصناعات مهمة مثل الغزل والنسيج نتيجة أن المنتج النهائي غير قادر على المنافسة.

وأنا بإجراءات ممكن أعالج الجزء الإداري وباجراءات أخرى أعالج الجزء المادي ثم بقرارات يمكننا الحد من هذا الإغراق.

ومن يقول لا نستطيع عمل ذلك بسبب اتفاقية الجات، أقول إنه عالميا إذا كان لديك عجز في ميزان المدفوعات سنة بعد أخرى يحق لك أخذ قرارات لحماية المنتج المحلي.

بما فيها وقف الاستيراد؟

- كل شيء بما فيها إيقاف واردات هذه المصانع، لو عملت ستستوعب عمالة وتدور معها عجلة الإنتاج.

هل هذه المصانع تتركز في صناعة النسيج؟

- عندنا أيضا مصانع مواد البناء والحديد، عندما أعطي امتيازات لأحد تؤثر على باقي العاملين في الصناعة.

هل البنوك توافق على تخفيض فائدة القروض أم هناك مشكلة؟

- لماذا لا توافق.. البنك الأهلي يعلن أنه كسب ٣ مليارات، ماذا يحدث لو أصبحت ٢ مليار ودارت المصانع المتعثرة.

ويضيف الجنزوري قائلا: الشق الثالث في الخطة العاجلة هو تنشيط قطاع التشييد فيما يتعلق بالانفاق على مشروعات الصرف الصحي ومياه الشرب والمدارس والمستشفيات والإسكان الاجتماعي ومحطات الكهرباء، وغيرها من مشروعات الاستثمار في البنية الأساسية التي تقيمها الدولة.. وقد بلغ حجم الاستثمار الحكومي ٧٩ مليار جنيه في موازنة ٢٠١٤/٢٠١٣ ومع هذا تم انفاق ١٥ مليارا منها فقط في ٦ شهور.

هل هذا نتيجة عدم توافر سيولة؟

- لا نعرف لكن الذي أنفق من ١ يوليو حتى ٣١ ديسمبر الماضي بلغ ١٥ مليارا وأنا في أشد الحاجة إني أدخل كدولة مستثمرا علشان أشغل ناس. وفي نفس الوقت أوفر خدمات أساسية.

في هذه السنة لما الدولة تدخل بقدر كبير وتشتغل في بنية أساسية وتشغل الناس وتمشي العجلة، انسحب كدولة من الاستثمارات المباشرة، والهدف هنا هو تشجيع القطاع الخاص على الدخول في هذه المشروعات وإعطاؤه دفعة قوية للعمل.

كيف توفر الدولة الأموال اللازمة لهذه المشروعات؟

- ما انت بتصرف على الأجور والدعم وخلافه، الكلام ده مش حندخل في تفاصيله لأن هذه الأرقام يجب اإعادة مراجعتها لأن فيها بعض أجزاء فيها مبالغة وبعض أجزاء فيها فوائد يمكن علاجها.. مفيش حل تاني لكن مش حنقلل دعم الفقراء.

نأتي إلى خطة السنوات الأربع، أو كما وصفتها المخرج الوحيد، وهي الخروج إلى الصحراء من الوادي القديم.. هي تقريبا نفس الأفكار والمشروعات التي طرحتها وسعيت إلى تنفيذها في حكومتك الأولي «١٩٩٦-١٩٩٩»؟

- هنا يطلب الدكتور الجنزوري خريطة ملونة لمصر، ويشير عليها بقلمه الأحمر مقسما البلاد إلى ٣ مناطق: هي سيناء، العاصمة والدلتا والوجه البحري، شمال الصعيد «بني سويف والفيوم والمنيا»، وجنوب الصعيد من البحر الأحمر شرقا إلى الحدود الليبية غربا وجنوبا إلى الحدود مع السودان.

يفرد الجنزوري الخريطة ويقول: الدلتا مساحتها ٢٪ من مساحة مصر ويقطنها ٥٢ مليون مواطن وسيناء مساحتها ٦ ٪ من مساحة مصر ويقطنها ٧٠٠ ألف نسمة، إقليم القاهرة الكبري يضم ٢١ مليونا منهم ٧ ملايين واحد من المحافظات الأخري. القدرة الاستيعابية لشوارع القاهرة لا تستوعب سوي ٢ مليون سيارة، كان هذا هو عدد السيارات بها عام ٢٠٠٠، الآن بلغ العدد ٣ ملايين سيارة، أقمنا مترو أنفاق وكباري والمشكلة تتفاقم الناس أصبحت مخنوقة.

شريط وادي النيل كانت مساحته ٣٪ من مساحة مصر أيام محمد على وكان يقطنه ٣ ملايين نسمة، الآن زادت مساحته إلى ٥٪ لكن أصبح يقطنه ٩٠ مليونا.

ويضيف الجنزوري قائلا: منذ عام ٨٢ إلى ١٩٩٩ وعلي امتداد الخطط الخمسية أقمنا ١١ ألف كيلو متر طرقا مرصوفة في سيناء، وكان مخططا في المشروع انشاء ٩٥ مدينة مركزية و٢٧١ قرية تابعة و٧ مدن صناعية في القنطرة شرق ورأس سدر والطور وبئر العبد وسهل الطينة ووادي التكنولوجيا والشيخ زويد ومدينة حرة في العريش، هذه المشروعات كانت تتطلب أن تقيم الدولة في كل منها تجمعات عمرانية كألف مسكن ومستشفي ونقطة شرطة، وعندما جئت إلى الوزارة عام ١٩٩٦ اقمنا ترعة السلام «١» ودخلنا بالسحارات تحت قناة السويس لاقامة ترعة السلام «٢» وعملنا سكك حديدية من القنطرة إلى بئر العبد وسرقت القضبان بعد ذلك، واقمنا كوبريين للقطارات والسيارات فوق قناة السويس، وكان مستهدفا انفاق ٧٥ مليار جنيه حتى عام ٢٠١٧ لتوطين ٣ ملايين في سيناء وتوفير ٨٠٠ ألف فرصة عمل.

كان التصور أن ننطلق من سيناء ومشروع شرق التفريعة ومشروع شمال غرب خليج السويس، غربا إلى العلمين لإقامة مشروع زراعي ضخم وجنوبا من سفاجا إلى قنا إلى الخارجة، ثم ننزل شرقا لإقامة مشروعات للحديد ومواد البناء، وغربا لإنشاء مشروعات توشكي ودرب الأربعين وشرق العوينات.

كنا نطمح أن تنتهي هذه المشروعات عام ٢٠١٧، وكانت ستؤدي بنا إلى توزيع السكان على مساحة ٢٥٪ من أرض مصر بدلا من مساحة ٥٪ لكننا مازالنا نعيش على مساحة الـ ٪٥.

لا حل لاي مشكلة سواء المرور أو النظافة أو الأمن أو العشوائيات ولا طريق إلى التنمية سوي بهذا المشروع القومي الحقيقي وهو الخروج من الوادي القديم

كيف يمكن استئناف هذا المشروع؟

أنا ممكن فورا كدولة أبدأ بـ الـ ١٣ محافظة في مثلث الدلتا.. أعطي كل محافظة من ٥٠ إلى ١٠٠ ألف فدان حسب تعداد السكان كظهير صحراوي هذا سيوقف التعدي على الأراضي الزراعية وسيخلق مخرجا لسكانها، وهنا الفلاح الذي يزرع ٦ أو ٧ قراريط سيأخذ ٥ أفدنة، لما خرجنا في الجزء الجنوبي في مشروع جنوب الوادي من جنوب أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والوادي الجديد، على مساحة ٦٠ ٪ من أرض مصر، كانت تكلفة المشروع تقدر بـ ٣٠٠ مليار على ١٨ سنة.. وكانت التكلفة وقت وضعها تبدو غريبة أما الآن فمبلغ ٣٠٠ مليار يعادل نصف الموازنة العامة لهذا العام. الدولة بتعمل طرق ومدارس ومستشفيات وغيرها والقطاع الخاص بيساهم بجزء كبير.

لو قلنا نطبق هذا الكلام الآن كم سيصل المبلغ المتوقع لتنفيذ المشروع؟

- ممكن مرتين ونصف، وممكن يكون فيه أولويات بحيث نبدأ في مشاريع وأخري تؤجل بعض الشيء.

وفي سيناء كم سيصل المبلغ؟

- في سيناء أنفقنا من ١٥ إلى ٢٠ مليارا والجزء المتبقي ٥٥ مليارا وقيمته الآن هي الضعف، والحقيقة أن الدولة لا أحد يطالبها بأن تفعل كل ذلك وحدها، ولكن في كل الحالات الدولة لن تقوم بأكثر من ٢٥٪ والباقي يترك للقطاع الخاص والأفراد هم من يقومون به، وعندما تتقدم الدولة سيقبل القطاع الخاص المصري والخارجي.

ثم لو تكلمنا عن شمال الصعيد وهو الفيوم وبني سويف والمنيا كان مقدرا لها ١٠٠ مليار والغريب أن رقم العمالة كبير جدا لأن العمالة هنا مطلوبة أكثر من الجهات الأخري.

ما هي مشروعات شمال الصعيد؟

- كل المشروعات زراعية وتعدينية وصناعية وبترول واتصالات وسياحة، كل الأنشطة الموجودة سواء في الصعيد أو سيناء أو الدلتا لكن حسب المنطقة يمكن أن يكون هناك تركيز على مشروع أكثر من الثاني لأنه يتناسب أكثر مع البيئة التي يقام فيها ولكن بنتعامل مع كله بنفس الاهتمام.

هل تري البدء في هذه المشروعات بالتوازي أم نركز على منطقة بعد أخرى ؟

- لكي يشعر المواطن أن هناك تنمية حقيقية لا أستطيع أن أقف على محور السويس وأتكلم أنا محتاج المواطن في مصر وخارجها يشعر أن هناك طفرة كبيرة هائلة تتحرك في الوطن المصري كله لأن مواطن جنوب الصعيد لن ينتظرك وانت شغال في سيناء ومواطن شمال الصعيد مش حيشوف انت فين غير لو كنت عنده.

هل كتائب التعمير ضرورية لتنفيذ هذه المشروعات؟

- نعم ضرورية وليس المقصود بها كتائب التعمير العسكرية فالأمر يتطلب كتائب تعمل وإذا فيه عملية انضباط فيكون هناك من الجنود المسرحين من الجيش لا خوف ولا شيء وهذا حصل في مديرية التحرير في الخمسينيات عندما استصلحنا ٢٣٠ ألف فدان وظلت إلى أوائل التسعينيات هي التي تعطينا الخضر والفاكهة للمجمعات الاستهلاكية بنصف السعر.

الدخول إلى هذه المشروعات كيف ينعكس على الصحة والتعليم، وأنت تتكلم عن مشروعات الحكومة هي التي ستبدأ العمل فيها؟

- عندما أبدأ أتحرك، هذه البداية سترافقها المطالب الأساسية مثل المدرسة والمستشفي وبالتالي العلاج سيكون أفضل لأنه سيتوسع على مستوي الجمهورية وسنجد في كل موقع مستشفى أفضل ولن يكون التركيز على المستشفي المركزي، سنجد الفصل الدراسي به ٣٠ تلميذا وهكذا. لا مخرج لما نحن فيه إلا بالخروج من الوادي القديم

لقد توليت رئاسة وزراء مصر مرتين المرة الأولي كان فيها حلم الخروج من عنق الزجاجة والخروج من الوادي الضيق والحقيقة كل الأفكار التي طرحتها سنبني عليها وهذه الحلول التي كانت مطروحة في نهاية التسعينيات هي التي سنبدأ مع الرئاسة الجديدة نفكر في استكمالها يعني هناك أساس وضع ونحاول أن نبني عليه

من أين جاءتك فكرة الامتداد العمراني وإعادة توزيع الخريطة السكانية لمصر.. هل جاءتك وأنت محافظ الوادي الجديد أم في معهد التخطيط القومي؟

- عندما تم اختياري محافظا للوادي الجديد عام ١٩٧٦ خلفا للمناضل إبراهيم شكري الذي خدم فيها ٩ سنوات، وجدت نفسي في محافظة مساحتها ٤٨٪ من مساحة مصر ولايعيش فيها سوي ٧٠ ألف نسمة فقط، رغم أن بها كل الإمكانيات الزراعية والصناعية والمعدنية والسياحية، وقتها قلت لممدوح سالم رئيس الوزراء وعبد العظيم أبو العطا وزير الزراعة والري أنا في مهمة لشخص على المعاش وأنا عندي ٤٢ سنة، وعندما عدت كان هدفي الأساسي فيما بعد أن أضع خريطة لمصر عن كيفية الخروج من الوادي القديم.

بعد ما تركت رئاسة الوزراء في أواخر التسعينيات هل شعرت أن هذا هو ختام مشوارك في العمل التنفيذي في مصر وقتها؟

- شعور يكاد يكون مؤكدا لأن المعاملة التي عوملت بها أكدت لي أني مستهدف وأنني جزء من الماضي.

عزفت عن الظهور لسنوات حتى في عيد العمال عام ٢٠٠٣ ودعيت وقوبلت بترحاب شديد وتصفيق من الحضور.. ما شعورك وقتها؟

- تمنيت ألا تحدث لأنها حدثت يوم ١٣ أكتوبر وأنا خرجت يوم ٥ أكتوبر ١٩٩٩ وتصادف أنها كانت بعد خروجي بـ ٨ أيام وكان قبلها بيومين تشكيل وزارة عاطف عبيد ودخل الوزراء الجدد ورئيسهم وأنا تعطلت قليلا ثم دخلت منفردا وتصادف أن الموجودين ضباط وكانت النتيجة لهذا الترحاب أن انقطع عني الميه والنور وكل حاجة، لأن كل هذا الترحاب جعلني أجلس في البيت ومنعني أن أخرج وقلت إذا كان هذا ثمن محبة الناس لي فلا مانع.. وكل ما اتأخر ومخرجش فترة ثم أخرج أفاجأ بالناس يستقبلونني بترحاب زيادة وتشجيع كبير في أي مكان أخرج له مهما غبت غلبني الناس بكرمهم وترحابهم في الشارع وفي الجامع والكنيسة والمصنع والحارة.

حتى رأيت بعد ٤ سنوات أن أحضر وتم دعوتي إلى عيد العمال واستقبلني الناس بتصفيق ونداءات ياجنزوري يا بتاع الفقراء.

ما حدث في ثورة الـ ١٨ يوما كيف تابعته؟

- أنا نزلت مرتين مرة دخلت من شارع قصر العيني ومرة من ميدان عبدالمنعم رياض، مرة كانت في ٢٩ يناير والمرة الثانية ٤ فبراير.

كيف رأيت المشهد في التحرير؟

- كنت في منتهي السعادة أنا مواطن بطبيعتي من صغري متمرد على الغلط علشان كده دائما يحطوني في صفوف العسكريين، يعني انا رغم كل المناصب التي أخذتها أكره كل بهرجة السلطة، ولا أقبل ما يسمي بالمنافع الحلال من السلطة أي حاجة جاية من السلطة أخشاها وكل ما يهمني أن ترضي عني الناس وهذا نصيبي في حياتي.

في عهد المجلس الأعلي للقوات المسلحة توليت رئاسة الوزراء من نوفمبر ٢٠١٢.. ما الفرق بينها وبين الحكومة الأولي؟

- كان الشغل الشاغل بتاعنا حتى منتصف ٢٠١٣ يتعلق بالدستور ومجلس الشعب وانتخابات الرئاسة، لكن انا عيني دائما على الناس. عندي سنويا ٢٥٣ ألفا بيضافوا لرصيد البطالة. كل الذي عملته في الـ ٨ شهور انني اوقفت عجز الموازنة وأوقفت زيادة الدين الخارجي.. وأوقفت نزول الاحتياطي النقدي.

أنت الآن مستشار لرئيس الجمهورية من ١٦ يوليو الماضي.. أي مضي عليك نحو ٧ شهور.. هل انت على اتصال مستمر بالرئيس عدلي منصور؟ وما أبرز الأمور التي تستشار فيها؟

- كل ما يتعلق بشأن الأمة وقابلته ١٠ أو ١٢ مرة في خلال هذه الشهور وكان الحديث عن الاقتصاد والأمن والسياسة.

كيف بدأت علاقتك بالمشير السيسي؟

- في السنة اللي أنا حضرت فيها كرئيس للوزراء كان بيحضر مع المجلس العسكري، وشفته فيها قبلها بفترة من يناير حتى آخر نوفمبر ٢٠١١ ثم بعدها وحتى الآن.

متي لفت انتباهك؟

- قبل أن أتولي رئاسة الوزراء وبعدها، لأني أقدر الإنسان الذي لا يتكلم إلا قليلا وعندما يتكلم يعي ما يقول، هو كثير الصمت وعندما يتكلم قليلا يقول المفيد.

قابلته بعد أن خرجت من الوزارة؟

- مرات عديدة.

وماذا كان محور الحوار؟ 

- الوضع العام في مصر، والحديث عن أمور أمنية وسياسية، مثلما أقول للرئيس وللوزراء المعنيين.. أقول له وأتناقش معه، ولكن ما أقدر أن أقوله عنه إنه إنسان يسمع كثيرا سواء عندما كنت رئيس وزراء وحتى الآن وعندما يتكلم تشعر أنه فاهم.

ماذا تتوقع من الرئيس الجديد؟

- أتوقع من الرئيس والحكومة ومجلس الشعب أن يشعروا أن مصر في حالة حرب والدليل على ذلك كما قلت إننا كنا بنصطدم مع ٣ دول: إسرائيل وفرنسا وإنجلترا، ولم نهاجم وفي حرب ٧٣ لم نهاجم، والنهاردة شعرنا أن وسائل الإعلام الغربية تهاجمنا بشراسة، هناك أيضا مشكلة المياه وسد النهضة.. إثيوبيا لا تحتاج مياها وإنما تريد كهرباء ما دامت تريد كهرباء، تقيم سدودا صغيرة تولد الكهرباء ولا تحجز المياه.

قلت إن ملف المياه يتطلب تدخل الدولة بشكل قوي.. كيف تري التعامل مع إثيوبيا في هذا الشأن.. من منطلق التعاون أم من منطلق الردع؟

- لازم يكون الحديث أولا عن التفاوض خاصة إن الطرف الثالث السودن أصبح لا يشعر بالضرر وأنا المتضرر الوحيد، وإذا كان التفاوض لا يجدي لابد أن أنقل هذا للوضع الدولي، لازم يترجم إلى فعل أفضل بعد التفاوض وهو مخاطبة العالم وتوضيح أن هذا الأمر ضار بي وليس به فائدة لأحد حتى لإثيوبيا. لازم نشوف الأماكن التي نتكلم فيها حتى لا نكلم أنفسنا.

أزمة الطاقة هل تراها أزمة كبري؟

- لدينا أنواع من الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية والطاقة النووية، وهذا أمر لابد منه لأنه ليس لدى مصادر أخرى ولا يوجد غير بدائل الطاقة المتجددة خاصة أن المواد البترولية نستورد معظمها.

كيف تري دور الدكتور الجنزوري في الفترة القادمة؟

- أقدم المشورة لمن يطلب رأيي.

هل يمكن لهذا الدور أن يتحول إلى دور تنفيذي مرة أخرى ؟

- لأ.. صعب اللي عملته إمبارح أعمله النهاردة. محدش يعرف إن بقالي ٣ سنين من ساعة الثورة مشفتش الميه لا بحر أحمر ولا أبيض ومركبتش طيارة إلا مرة ٢٤ ساعة رحت زرت زوج ابنتي في لندن. أنا مادام عندي فرصة إني أتكلم مع السلطة العليا سأستمر في هذا.

إذا كانت تلك هي الصورة كما أوضحت، وذلك هو المخرج كما أكدت، هل تشعر بالتفاؤل؟

الأمر لا يتم الحكم عليه بالتفاؤل أو بغيره، وإنما بالرؤية الشاملة للقريب والبعيد، وهنا يمكن النظر إلى أمرين ضروريين، أولهما أن خريطة الوضع المحلي والعربي والإقليمي والدولي بدأت تتغير لصالح مصر، والأمر الثاني أن من يقترب من تولي القيادة يعرف إبعاد الأمن القومي، ويعرف أنها لا تقف عند مجرد تأمين الحدود، وإنما تمتد إلى كل جوانب الأمن الداخلي والمطالب الأساسية من عدالة اجتماعية وما ترتكز عليه من عدالة توزيع الدخل، بما يحقق توفير لقمة العيش، بالإضافة إلى تحسين التعليم وتطوير الصحة وتوفير الإسكان والنهوض بالإعلام والثقافة وتحقيق العدالة الناجزة والأمن الفاعل.

وبحكم قربي من المشهد العام ومن أصحاب القرار خلال الفترة الماضية، أستطيع أن أقول إنني مطمئن، خاصة فيما يتعلق بالأمر الثاني، وأنا متفائل بمستقبل مصر بإذن الله.
Advertisements
الجريدة الرسمية