رئيس التحرير
عصام كامل

أوهام المصالحة السياسية!


أوهام المصالحة السياسية!
منذ سقوط حكم الإخوان المسلمين بعد ثورة 30 يونيو التي أيدتها القوات المسلحة بدأت أحاديث متعددة عن أهمية المصالحة صدرت عن أطراف سياسية متعددة.. وقد بدأت بعض قيادات الإخوان التي تدعى الاعتدال بطرح مبادرات بالغة الغرابة تدل على عدم توازن عقلى!


فقد جاء في مبادرة إخوانية أن المصالحة يمكن أن تتم لو أعيد الدكتور "محمد مرسي" لكرسى الرئاسة ولو ليوم واحد على أن يفوض سلطاته لرئيس وزراء يتفق عليه ويعود العمل بدستور 2012 ويتم الإفراج عن كل القيادات الإخوانية التي تم القبض عليها وبدء محاكمتها بتهم متعددة أبرزها الحض على استخدام العنف، أو الاشتراك الفعلى في أحداث الاتحادية التي تم فيها اعتداء ميليشيات الإخوان على شباب الثوار.

وبالرغم من عدم اللا عقلانية لهذه المبادرة التي كان من شأن القبول بها إسقاط حكم الإرادة الشعبية التي عبرت عنها الملايين التي نزلت إلى الميادين والشوارع في 30 يونيو لإزالة حكم الإخوان، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وكأن شيئًا لم يكن إلا أن أبواق جماعة الإخوان ظلت ترددها لفترة من الزمن.

وتبرعت بعض الأصوات المؤيدة للإخوان المسلمين بمبادرة مفادها أنه يمكن لجماعة الإخوان المسلمين أن تعتذر عن أخطائها علنًا على أن تعود مرة أخرى للساحة السياسية!

وقد استجاب أحد قيادات الإخوان المسلمين لهذه المبادرة الهزلية، قائلًا إن كان على الاعتذار "إحنا آسفين يا سيدى"! هكذا بهذه البساطة كانت استجابة واحد من زعمائهم الذي يعد من قادتهم المعتدلين!

والواقع أن مبادرات المصالحة التي أشرنا إليها وغيرها تنطلق من مبدأ إنكار ما حدث بكل بساطة؛ وذلك لأنه في الإدراك الإخوانى المريض لم ينزل إلى الشوارع أكثر من عشرة آلاف متظاهر من أنصار حملة "تمرد"، وأن الذي حدث هو أن القوات المسلحة قامت بانقلاب ضد "مرسي"، وأنه لابد من عودة الشرعية من جديد لأن صندوق الانتخابات هو الحكم!

غير أنه بالإضافة إلى المبادرات الإخوانية اللا معقولة صدرت مبادرات من قيادات ليبرالية تنادى بعدم إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من المشهد السياسي، وضرورة تقديم تنازلات لهم حتى يعودوا ويشاركوا في الحياة السياسية، وهذه المبادرات كانت في الواقع ترديدًا للمطالبات الأمريكية التي طالبت بضرورة إسهام الإخوان المسلمين في الحياة السياسية أيًا كانت معتقداتهم ومطالبهم.

وبعض هذه المبادرات صدرت عن رموز ليبرالية معروفة زعمت أن هناك عودة للدولة الأمنية من جديد، وحذرت من مخاطر دخول المؤسسة العسكرية حلبة السياسة من جديد، ولا بأس أيضًا من التشدق بأهمية احترام حقوق الإنسان في الوقت الذي لم تدن فيه هذه الأصوات بكلمة واحدة الاعتداءات الإجرامية التي تقوم بها تظاهرات الإخوان المسلمين على جماهير الشعب في الشوارع والحوارى والأزقة، ولم ترفع صوتها ضد استخدام طلبة الجامعة من أنصار الإخوان قنابل المولوتوف ضد قوات الشرطة، واعتداءاتهم على المبانى الجامعية في جامعة الأزهر وغيرها.

غير أن أحد النشطاء السياسيين أعلن مؤخرًا عن مبادرة بالغة الغرابة حين دعا إلى تشكيل لجنة من الحكماء برئاسة الأستاذ "محمد حسنين هيكل" وعضوية الدكتور "محمد على بشر" والدكتور "سليم العوا" والأستاذ "فهمى هويدى" والدكتور "مصطفى حجازى" وسيادته طبعًا على أن يتفق الجميع ابتداء على نبذ العنف!

ومعنى ذلك بكل بساطة أن لجنة المصالحة وغالبيتها من أعضاء الإخوان المسلمين أو ممن هواهم إخوانى هي التي ستقرر مصير ثورة 30 يونيو ومستقبل خارطة الطريق! وهى التي ستطالب بالقطع بعودة الرئيس "محمد مرسي" لأنه ما زال هو الرئيس الشرعى كما ترافع عنه الدكتور "سليم العوا" على أساس أنه لم يصدر حتى الآن القرار بعزله!
هذه المبادرة يعف الإنسان العاقل عن التعليق عليها!
الجريدة الرسمية