رئيس التحرير
عصام كامل

خطاب اعتذار مرسي للمصريين


لن أقول أهلي وعشيرتى، بل سأقول إخوتى وأخواتى أبناء الشعب المصرى العظيم، أتحدث إليكم من خلف أسوار وضعتمونى فيها بإرادتكم وهى نفس الإرادة التي جاءت بى رئيسا، وقد حانت اللحظة التي يجب أن أمتلك الشجاعة والموضوعية لأعتذر لكم عما بدر منى خلال سنة حكمى لمصر بالتحالف مع جماعتى التي كنت أنتمى إليها.

بداية يجب أن أعترف أننى أخطأت في قبول ترشحى احتياطي أو "استبن" كما يحب الإعلام أن ينادينى لنائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر، ذلك أن هذا القبول جعل الشعب ينظر لى باعتبارى دمية أو "شخشيخة" في يد الجماعة قبل أن أترشح للرئاسة، وعندما ترشحت صوت الملايين لى بشعار "قضا أخف من قضا" و"أخف الضررين"، كرها في نظام مبارك وأنتيمه أحمد شفيق منافسى في الإعادة، كما أن فوزى المشكوك فيه لم يكن عن جدارة واستحقاق.

أعترف لكم بأننى قلت في ميدان التحرير في الساعات الأولى لإعلان فوزى بالرئاسة "أنتم أهل السلطة ومصدرها"، وأننى سحقت هذا الوعد بأقدامى عندما قدت مخطط حرق مصر من داخل السجن وتحريض أنصارى على العنف والإرهاب وترويع الشعب، سحقته أيضا عندما رفضت الاعتراف بثورة الملايين التي ملأت كل شوارع مصر يوم 30 يونيو، والتي كانت أكثر زخما وأضخم عددا من ثورة 25 يناير التي استثمرتها وركبتها أنا وجماعتى باعتبارنا الأكثر تنظيما، بل إننى أعترف لكم بأننى كنت أتمنى أن يعود بى الزمن إلى ما قبل يوم 3 يوليو 2013 لكى أفعل ما منعتنى حماقتى وانصياعى لتعليمات مكتب الإرشاد من فعله، وهو أن أفعل مثلما فعل مبارك بإعلانى التنحى بسبب الفشل في إدارة شئون البلاد على الأقل لوجدت الآن من يتعاطف معى كما يتعاطف البعض معه، أو على الأقل إعلانى عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة نزولا على إرادة أغلبية الشعب، وحتى لو لم أوفق في الانتخابات سأخرج باحترام الشعب وليس ذليلا مهانا سجينا مطرودا في مزبلة التاريخ.

أعترف بأن رئاسة بلد بحجم مصر أكبر بكثير من قدراتى وإمكانياتى، وبأننى فشلت فشلا ذريعا في التغلب على أبسط وأتفه المشاكل اليومية خلال المائة يوم الأولى ومنها الزبالة والبنزين وأنابيب البوتجاز، اعترف بأننا تآمرنا مع حماس لاقتحام السجون ونشر الفوضى في مصر يوم جمعة الغضب، وخططنا بتفاهمات للتنازل عن أجزاء من أرض مصر، وتحويل سيناء إلى دولة لتنظيم القاعدة ومأوى للمتحالفين معه، ووضعنا أيدينا في أيدى الإرهابيين، وتاجرنا بالدين واستعدينا كل أجهزة الدولة بما فيها الإعلام والقضاء والشرطة والمخابرات، وخاصمنا شركاء الوطن، وسعينا لتفكيك الجيش.

أعترف لكم بأننا فشلنا اقتصاديا وعدنا بمصر إلى الخلف، فخلال سنة حكمنا، ارتفع الدين المحلى والخارجى وانخفض الاحتياطي النقدى وانهار الجنيه أمام الدولار، وارتفعت الواردات وزاد التضخم وانخفضت الصادرات وتراجع معدل النمو، وأغلقت مئات المصانع والمنشآت والفنادق وهربت الاستثمارات وانخفض عدد السائحين وتراجع تصنيف مصر الائتمانى.

كان يجب أن نستثمر حالة التعاطف معنا في بداية ثورة يناير ونمد أيدينا لنتشارك مع باقى التيارات والفصائل في إدارة شئون البلاد، لكننا استأثرنا منفردين بالسلطة، ومضينا في مخطط تمكين جماعتى وسيطرتها على مفاصل الدولة، حتى شعر المصريون أننا اختطفنا البلاد وتولدت حالة كراهية وعداء، زادات وتيرتها وتصاعدت بعد أن رفضنا الخروج والانسحاب من السلطة بهدوء ودون حرق وتخريب البلاد وتدمير منشآتها ومقدراتها وترويع مواطنيها.

أقول لكم ذلك لأننى أدركت أن الاعتذار - وليس الجبروت والتكبر – هو كلمة السر في مغفرة وصفح وغفران هذا الشعب العظيم لأخطائى، وتذكرته عندما خرج عن بكرة أبيه رافضا تنحى الزعيم الراحل عبد الناصر لأنه امتلك شجاعة الاعتذار والاعتراف بالمسئولية عن استيلاء إسرائيل على سيناء في غمضة عين، وإننى إذ أعترف لكم بكل هذه الأخطاء أتقبل مثولى في كل القضايا التي يحاكمنى فيها الشعب، وأتمنى لرئيس مصر القادم التوفيق والسداد.

وأثناء استماعى إلى اعتذار مرسي للشعب من داخل القفص، أيقظنى من النوم صوت طلقات نارية فجرا اعتدت على سماعها منذ 3 سنوات.
الجريدة الرسمية