رئيس التحرير
عصام كامل

بعيدا عن حرق الدم!


- كل ما في المشهد يثير التوتر، ويشد الأعصاب، ويحرق الدم، ويرسم أسرع خارطة طريق إلى الخانكة.. لهذا آثرت الابتعاد عن وجوه الناس المشحونة بالغضب، والتركيز على أقفيتهم الباردة.


اكتشفت وأنا أحملق في الأقفية، أن الكوفيات تطوقها.. منها ما يعبر عن لون الانتماء السياسي والفكرى والفنى والرياضى، ومنها ما لا يعبر عن أي شىء على الإطلاق.. لذا آثرت الهروب إلى الكتابة عن الكوفية، كنوع من ترطيب المشاعر والأقفية الملتهبة.

ونظرة سريعة على أنواع الكوفيات، نجد ذات اللون السياسي التاريخى، أي الكوفية الحمراء التي نراها على أقفية وأكتاف الإخوة الشيوعيين.. وكنت أدقق فيها على مدى سنوات طويلة، وألاحظ أن كوفيات البروليتاريا أو الطبقة العاملة الفقيرة «المضحوك عليها» عادة تكون متواضعة و«مبَعككة»، بخلاف كوفيات طبقة الشيوعيين الانتليجنسيا أو النخبة، وهى كوفية ماركة، أي «سينييه» وسينييه على حق، أما أشهر الكوفيات وأكثرها احترامًا على الإطلاق، فهى الكوفية الفلسطينية التي يعرفها العالم كله.

هناك أيضًا كوفيات الفنانين.. وهى دائمًا وأبدًا طويلة، بل أطول من المألوف، بحيث تتدلى من القفا إلى ما تحت الركبة (ليه؟! ماتعرفش!!) لكنها دائمًا كوفية شيك بألوان جذابة منسجمة مع الطقم العام الذي يرتديه الفنان.

أما كوفيات الأدباء والشعراء، فهى من أغرب الكوفيات على الإطلاق.. هي في العادة قصيرة، وغالبًا تكون كاروهات (ماتعرفش ليه برضه؟!!) وأيضًا مهلهلة بائسة وكأنها خرجت بصعوبة من وسط «بؤجة» ملابس تخلص منها صاحبها من شباك قطار الصعيد القشاش!

هناك أيضًا تلك الكوفية التي تجر صاحبها إلى المهالك، وهى الكوفية المعبرة عن الانتماء الكروى، ويكفى أن نتصور لو دخل زملكاوى بكوفيته البيضاء ذات الخطين وسط ألتراس أهلاوى دون أن يشعر.. بالتأكيد سيخرج دون قفا، هذا لو خرج من الأساس.

على أي حال تظل للكوفية أهميتها وفوائدها غير حماية القفا من العدوان والبرد.. فقد يستخدمها الزبون في تجفيف عرقه أو دموعه.. وقد تفيد في حالات الرشح الشديدة من الأنف.. لكن وبكل تأكيد تتضاعف فائدتها وترتفع قيمتها، إذا دخلت دورة المياه، وانتهيت من مهمتك الثقيلة، ثم فوجئت بأن المياه مقطوعة.. عندئذ لا مفر من استخدام الكوفية!!!

نصيحة أخيرة.. إذا دعتك الضرورة لاستخدام الكوفية، فكر أكثر من مرة، ودقق في اختيار اللون، وابتعد عن أي لون يثير الشبهة، ويفتح شهية الآخرين لتحويل قفاك إلى طبلة.. والله ولى التوفيق.
الجريدة الرسمية
عاجل