رئيس التحرير
عصام كامل

جمع ما تفرق!


هناك إحساس سائد سواء بين النخبة أو بين الجماهير مؤداه أن عقد المجتمع المصرى قد انفرط بعد ثورة 25 يناير 2011!
فقد انقسم المصريون إلى شيع وأحزاب شتى، وبدأ الانفراط، إن صح التعبير، بعد تشرذم صفوف شباب الثوار الذين كانوا في مقدمة صفوف الثورة وأشعلوا لهيبها مما شجع ملايين المصريين إلى النزول للميادين لإسقاط النظام السياسي الفاسد وإجبار الرئيس الأسبق "مبارك" على التنحى.


وفوجئنا بعد شهور من قيام الثورة ومن خضم المرحلة الانتقالية المتعثرة التي قادها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن تكونت مئات الائتلافات الثورية التي لا يجمع بينها قاسم مشترك ولا أيديولوجية واحدة وإنما هي تعبر عن اتجاهات شتى متنافرة بل ومتنافسة أحيانًا تنافسًا عميقًا.

وفى نفس الوقت تشكلت عشرات من الأحزاب السياسية الجديدة الهشة التي تمتد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. وما زاد المشهد السياسي تعقيدًا أن بعض فئات الشباب ظنت وهمًا أنها تستطيع أن تحيل الأجيال السابقة من كبار السن إلى المعاش وتنفرد هي بمفردها بإدارة شئون البلاد!

أما عن الجماهير فحدث ولا حرج! فقد تصاعدت عشرات المظاهرات المطلبية التي تنادى بتحسين شروط الحياة، في نفس الوقت الذي أصبح فيه ميدان التحرير وغيره من الميادين "الثورية" مستباحًا لأى جماعة سياسية ثورية أو يسارية أو يمينية لكى تنظم فيها مظاهراتها بل مليونياتها التي يرتفع فيها شعارات زاعقة وتنادى بمطالب يستحيل تحقيقها في الأجل القصير.

وزاد من تعقيد المشهد الصراع التاريخى الذي دار بين قوى الإسلام السياسي ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين والقوى الثورية والليبرالية والذي تحول في النهاية إلى استقطاب مجتمعى بالغ الخطورة لم ينته إلا بقيام ثورة 30 يونيو والتي دعمتها القوات المسلحة في 3 يوليو ونجحت بالفعل في إسقاط حكم الإخوان المسلمين.

الآن بعد الاستفتاء الذي قال فيه الشعب المصرى بغالبية غير مسبوقة نعم والاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية هناك إحساس عارم في الشعب المصرى بأننا في حاجة إلى لم الشمل والاستعداد الإيجابى لبداية عصر الديمقراطية المصرية الجديدة وهذه الديمقراطية التي بدأت بدستور توافقى تم وضعه بطريقة ديمقراطية ووافق عليه الشعب في انتظار رئيس الجمهورية الجديد والبرلمان الجديد.

وهذه البداية تحتاج إلى "بوصلة" تحدد اتجاه المسيرة، وهذه البوصلة تتمثل في ضرورة صياغة رؤية إستراتيجية لمصر تتوافق مجموعة من كبار الخبراء في مصر على وضعها وإخضاعها لحوار مجتمعى حتى تصبح بعد إقرارها ملزمة لكل الحكومات المصرية التي ينبغى على الشعب أن يحاسبها في ضوء معدلات تنفيذها لبرامج التنمية التي نصت عليها الرؤية الإستراتيجية.

هذا موضوع بالغ الأهمية يستحق أن نتابعه بعد حين!
الجريدة الرسمية