رئيس التحرير
عصام كامل

نحن والغرب.. من يعادى من ؟!


هل نحن نعادى الغرب ونمنحه أسبابًا وذرائع ومستلزمات معاداتنا واستهدافنا ؟ أم أن الغرب يختلق الأسباب الواهية وينبش في الماضى البعيد لتغذية معاداتنا وتبرير توجهاته باستهداف نهضتنا بكل الطرق والوسائل المتاحة ؟


وإذا كان هذا العداء بسبب أن الأوربيين هم الذين احتلوا المنطقة العربية وباقى بلدان العالم الإسلامى فلماذا لم يوجه هذا العداء تجاه الدولة العثمانية في تركيا التي احتلت معظم المنطقة العربية بالسيف قبل ذلك وأضافتها إلى إمبراطوريتها ؟، وكان احتلالًا حميدًا رضينا به لأن المحتل تسمى تدليسًا بدولة الخلافة الإسلامية مع أنه نهب خيرات شعوبنا وساهم في إبقاء ظلام الجهل والتخلف جاثمًا عليها طوال ثلاثة قرون ونصف القرن.

ولماذا كان الوجود الأوربى بغيضًا خبيثًا عندما كان لمصالح تنافسية وعسكرية بحتة وإن تسبب في موجة من الاستنارة العلمية كما حدث في حالة الحملة الفرنسية على مصر في ثلاث سنوات فقط !، وهل نسينا تبرير ثمانية قرون من الاحتلال العربى لجزء من جنوب أوربا في إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا بأنه كان فتحًا لنشر الإسلام فيها مع أنه كان توسعًا إمبراطوريًا عربيًا في حقيقته، وتسبب في جرح تاريخى غائر مع أوربا، وأدخل الدين طرفًا في الصراع، وكان سببًا مباشرًا في توجيه الحملات الصليبية المضادة لمنطقتنا.

وكذلك لم يكن للمنطقة العربية والإسلامية أي دور فاعل أو شراكة منتجة في عملية التطور العلمى والحضارى العالمى الذي تم على أيدى الأوربيين بدءًا من القرن التاسع عشر لعلة الاحتلال والتغريب، مع أن اليابانيين قاموا بالشراكة والتفاعل المنتج مع الولايات المتحدة الأمريكية التي احتلتهم بعد أن ضربتهم بالقنابل الذرية، فلم تنهزم اليابان حضاريًا وتنشغل بإذكاء العداوة مع المحتل، وتبوأت موقعًا هامًا في المسيرة البشرية من حيث الأداء الرفيع والمشاركة العلمية والتكنولوچية، حتى اندمجت تمامًا في عملية الحداثة والتقدم الغربى بالرغم من خصوصيتها الثقافية والعقائدية المغايرة تمامًا للمفهوم الغربى.

إن حالة الهزيمة الحضارية التي تعيشها شعوبنا منذ أوائل القرن الماضى والمستمرة حتى وقتنا هذا مازالت تُوَلِّدُ إحساسًا دونيًا متعاظمًا يستجلب مشاعر الكراهية والبغض لكل ما هو غربى، فتسعى لاستهدافه ضمنيًا، ومازلنا نتجاهل فداحة ثمن هذا العداء والنتائج السلبية في الامتناع عن المشاركة، وما الأسطوانة المتكررة بمقاطعة البضائع والمنتجات الغربية ببعيدة، فهل نطلب من الغرب التنازل عن هذا التفوق الحضارى كى نزيل هذا الإحساس !!هناك بالتأكيد جوانب أخرى لها وجاهتها يجب بحثها بموضوعية، ولكن ربما تكمن أسباب العداء في فهمنا نحن على الأرجح قبل أن تكون عند الغرب !!.
الجريدة الرسمية