رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بلدي 2014 يساوي الحزب الوطني 2010


نفس وجوه حزب مصر بلدي - إذ لم تكن هناك ثورة 25 يناير - كانت سوف تتولي تقديم خطابا لجمال مبارك تطالبه بالترشح لرئاسة الجمهورية بدلا من الخطاب الذي تم تقديمه للفريق السيسي حاليا.. ولكن الفارق أن خطاب جمال مبارك كان سوف يٌكتب بالدم على طريقة الخطاب الذي حررته وجوه قريبة الشبه من هؤلاء لمبارك في الثمانينيات بالدم.. أقول ذلك وأجزم به.


وعليكم أن تراجعوا معظم وجوه قيادات حزب مصر بلدي وهي نسخة من الحزب الوطني الذي دمر مصر على مدى 30 سنة.. فقد تولت قيادات الحزب الوطني الدعوة لقيام هذا الحزب بل كان أمناء الحزب الوطني في المحافظات هم من قاموا باختيار الوجوه التي كُلفت بتولي مواقع أمناء الحزب بمحافظاتهم، وهم من أشرفوا على جمع عضويته.

أقول ذلك وأنا أري التاريخ وهو يعيد نفسه! فرغم أنني ممن يعرف قدر رجل مثل الفريق السيسي ولكن ننأى به أن يتحول إلى طبق من العسل يتجمع عليه ذباب الحزب الوطني ورموز فساد عصر مبارك فيلوثونه؟ هذا ما حدث مع مبارك الذي بدأ عهده رجلا عصاميا كان يريد أن يفعل شيئا.. وكان يعمل على إرضاء الله والشعب ولكن مع شلة المنافقين الذين عزلوه عن الشعب وأخذوا يٌجلونه ويٌدعمون آفة الغرور وغريزة التجبر فيه متوجين ذلك بوثيقة الدم الشهيرة التي وقعت بدماء الأفاقين والمنافقين والفاسدين، وهي دماء فاسدة تكونت من ممتلكات الشعب التي تم نهبها لتؤكد له الولاء والطاعة - وتمنحه نيابة عن الشعب الذي فرضوا أنفسهم أوصياء عليه - ليتحول بموجبها إلى نموذج من آلهة الشرك، وفرعون من الفراعنة المتغطرسين، لتأخذه العزة بالإثم.

فنمت لديه الرغبة التكبر والعناد والتجبر فقرر أن يفعل عكس كل ما يريده الناس، فجعل من الشعب عدوا له، وانتهي به الحال إلى نهاية مأسويه، فجعلته يتسول من الشعب السماح له مجرد البقاء ليدفن في تراب الوطن.. ذلك الوطن الذي لم يكن يمثل من قبل عنده سوي مجرد ضيعة من الضياع التي آلت إليه تملكا وما عليها من بشر.. هكذا صور له المنافقون.

نعم لم يكن مبارك إلا رجلا مخطوفا لمدة تقترب من الثلاثين عاما.. وهي المدة التي ضل خلالها الطريق.. ومن خلال السفهاء الذين زينوا له سوء عمله فلم يفق إلا على ثورة، قرر الشعب ألا يقبل منه عذرا، ولا يتنازل عن خلعة وتقديمه إلى المحاكمة في صورة من أبشع الصور التي كانت كافية ليتعظ منها من لم يكن الموت له عبرة وموعظة.

الغريب في الأمر أنني لا أري من السلطة الحالية إلا السماح للمنافقين من التقرب والتزلف بينما كان الأدعي بها أن تراجع تاريخ هؤلاء وأن تبحث عن الرجال الحقيقيين الذين كانوا يواجهون مبارك ويتصدون للفساد ويدفعون ثمنه حبسا وخطفا وسحلا.. بينما الآن هم بعيدون كل البعد لكونهم لا يجيدون فن التنطع والتمسح والنفاق والتزلف على بلاط الحكام.

أنا أدعو الفريق السيسي ألا ينصت لهؤلاء المنافقين الذين يتسابقون في دعوته للترشح وأن ينزل للناس البسطاء الذين أحبوه لإخلاصه لهم ومعايشته لآلامهم وهمومهم.. وليس لمن يرعون اللافتات ويخطون الخطابات لكونهم نفس الوجوه التي كانت تقدس مبارك وتجله وكانت تدعو وتدعم لفكرة توريث جمال مبارك لحكم مصر ولولا تلك النوعية من البشر ربما لتغيرت نهاية مبارك بل وتاريخ مصر خلال الثلاثين عاما..

أدعو الفريق السيسي أن يراجع أرشيف كل تلك الشخصيات قبل أن يستغلوه أسوأ استغلال ويعملون على تحويله إلى نموذج من نماذج الآلهة التي كانت تقدس في الجاهلية فينتهي به الحال إلى ما انتهى بغيره.. إن بداية عهد مبارك لم تكن سيئة ومن قبله السادات.. ولكن النهايات التي تدخل في التخطيط لها شلة المنافقين والأفاقين والفاسدين هي التي أوقعته في نهاية مأساوية.. أدعو الفريق السيسي أن يتنبه لأمثال القطط التي تجيد التنقل بين الموائد لجمع الفتات.
الجريدة الرسمية