رئيس التحرير
عصام كامل

والله عيب!


والله عيب علينا ما نفعله بثورة 25 يناير.. عيب أن نتحول إلي ذئاب تنهش بأنياب حادة لحوم وسمعة وعرض ثوار مصر وتشويههم والنظر إليهم علي أنهم عصابة من بائعي الوطن.. عيب أن ننسي أسوأ 30 سنة مرت بمصر خلالها تم تجريف الوطن شعبا وأرضا وعقولا وصحة وتعليما وأمنا وأمانا وغذاء ومياها.. عيب أن يصبح رموز نظام مبارك والمشاركون في إصابة مصر شعبا وأرضا بفيروس الفقر والجهل والمرض هم الرموز الذين ينقل عنهم عمليات تشويه مصر الآن واعتبارهم ثوارا وطنيين بينما هم لصوص من العيار الثقيل.


بعد 30 يونيو يحاولون أن يزيلوا من ذاكرتنا ثورة يناير ويقحموا أنفسهم في المشهد محاولين إيهامنا أن 30 يونيو هي الثورة وما قبلها لم تتعد كونها فوضي حتي أصبح الهجوم علي 25 يناير أمرا عاديا وطبيعيا ومنطقيا لدي البعض ويروجون لذلك من خلال الإعلام والصحافة مع كل أسف.

عيب أن نروج لادعاءات فلول مبارك ولصوص مصر أن يناير كانت عورة .. عيب أن نسفه ونعتدي بالضرب ونتهم في الشرف والعرض ثوارا صنعوا أفضل ثورة في تاريخ العالم.

إن شبكة الفساد في مصر والتي ولدت ونمت وترعرعت في عهد مبارك تمتلك أدوات وإمكانيات هائلة في تزييف التاريخ وبالتالي فقد استغلت الإرهاب الذي نما وترعرع في عهد الإخوان مبررا لعودتهم لاستكمال ممارسة فسادهم مرة أخري متوهمين أن النسيان من صفات الشعب المصري! فهل ننسي ونعيد مصر إلي عصر الظلام؟ وكأننا نستجير من الرمضاء بالنار.

هل ننسي - حتي مع جهل وغباء الإخوان خلال حكمهم الذي استمر عاما - حكم مبارك لمصر بالحديد والنار.. هل أصبح مبارك الآن رجلا وطنيا وفارسا؟!

هل كان كل التخريب والتدمير والظلم الذي عاناه الشعب المصري طيلة 30 سنة قد حدث من رجل حسن النية؟ هل فجأة نسينا الفساد الذي ضرب بجذوره في كل أنحاء مصر حتي احتللنا مرتبة متقدمة في تقرير الفساد الذي أصدرته الأمم المتحدة في التسعينيات؟

هل نسينا إهمال التعليم لنصبح في ذيل دول العالم وانهيار الصحة وانتشار الأمراض ليتعدي 15 مليون مريض بفيروس سي وملايين بالأورام السرطانية وطوابير تمتد لسنوات وبها عشرات الآلاف في انتظار دور للوصول إلي سرير في مستشفى؟
هل نسينا تصدع وانهيار المرافق العامة، فلا مياه شرب نقية ولا غذاء آمن ولا شبكة مواصلات تحترم آدمية المواطنين؟

علي ما يبدو أننا نسينا أن 50% من الشعب كان فى عهد مبارك أسفل خط الفقر، وتم بيع القطاع العام بتراب الفلوس لصالح رجال أعمال من خدام ومنافقي نظامه، وتم تبديد ثروات مصر وتقسيم خريطتها علي حيتان الأراضي.. وبالتالي فقد اكتفينا بتوجيه الاتهامات الي الثوار ولم يعد خائنا إلا الثوار الذين حملوا أرواحهم علي أكفهم في الميادين وتحت وابل رصاص القناصة من الداخلية.

تركنا جرائم نظام المخلوع ولم نتذكر فقط إلا تسجيلات أمن الدولة باعتبارها دليلا علي خيانة الثوار! لقد اكتفينا بالمشاهدة والتبسم لمؤامرة تسلل رموز الفساد من نظام مبارك إلي المقدمة.. ونصمت أمام جرائمهم الجديدة الممتدة بتاريخ ملوث بكل ما هو كريه ليعودوا من جديد لعلهم يصلون إلي صدارة المشهد مرة أخري.. وأقول وأنا أشعر بالحسرة من محاولات بعض محترفي النفاق في الإعلام والصحافة لتشويه ثورة يناير العظيمة أنكم حملة مباخر كل عهد وكل نظام ومكانكم هو مزبلة التاريخ.

لماذا لم يحاكم النشطاء بتهمة التسجيلات بدلا من حبسهم بتهمة التظاهر بلا إخطار, وبحكم لم يصدر مثله علي قتلة الشعب والسفاحين ولصوص المال العام .

بصراحة عيب أن نتحول إلي قطط شرسة تأكل أولادها وأن نصنع بأيدينا عارا وهو أن المشانق لا تنصب إلا للثوار الحقيقيين حتي ولو كنا نختلف معهم.. أفيقوا يرحمكم الله .
الجريدة الرسمية