الفقر يتفشى في العالم.. 40 % من سكان أمريكا يعيشون تحت خط الفقر و54 % يقتربون منه.. تدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران.. وأطفال إسرائيل يغسلون الصحون ويمسحون السلالم لمساعدة والديهم
على الرغم من تباهي الدول العظمي باقتصادها القوى ومعدلات البطالة الأقل بالمقارنة بدول الشرق الأوسط وأفريقيا إلا أن الحقيقة على عكس ذلك، فقد أشارت بعض الإحصاءات التي أعدتها الجمعيات الدولية لحقوق الإنسان إلى ارتفاع نسب الفقر في عدد من الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
ونشرت الجامعة الدولية لرابطات حقوق الإنسان بالاشتراك مع جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران تقريرا حول تصاعد الفقر في طهران وتراجع حقوق العمال، وثقت من خلاله الانتهاكات الحقوقية الاقتصادية والاجتماعية في إيران عقب الانتخابات الرئاسية الإيرانية- والتي فاز فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني- في يونيو الماضي.
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، والتي يعتبرها العالم أجمع صاحبة أقوى اقتصاد وأقل نسب الفقر، فقد أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن نسبة الأمريكيين الذين يعانون الفقر أصبحت مرتفعة جدا، حيث أفادت الأبحاث أن ما يقارب الـ40 % من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى60 عاما يعيشون سنة على الأقل تحت تحت مستوى النسب الرسمية للفقر، كما أن 54 % من السكان يعيشون بشكل دائم تحت خط الفقر أو قريبًا منه.
وأكدت الصحيفة الصادرة بالإنجليزية أن غالبية الأمريكيين يعانون بشدة الفقر، موضحة أن الصورة التي يتم تصديرها للعالم متحدثة عن نسب فقر قليلة هي صورة مضللة وغير واقعية؛ وكان مكتب الإحصاء الأمريكي قد أكد في نوفمبر 2012 أن أكثر من 16 % من سكان الولايات المتحدة "من بينهم أطفال" يعيشون في فقر مدقع.
وبوقت سابق نشر موقع "أمريكا بوفرتي" الذي يهدف للقضاء على الفقر بالولايات المتحدة، أن العديد من الأسر الأمريكية تجد صعوبة شديدة في تلبية احتياجاتها اليومية، وأن استمرار البطالة وارتفاع التكاليف المعيشية أدى بهم إلى الاضطرار للمفاضلة بين الضروريات "مثل الرعاية الصحية ورعاية الأطفال وحتى الغذاء".
وقد عرض الموقع خارطة توضيحية للمناطق الأكثر فقرًا في الولايات المتحدة، حيث يرمز كل لون فيها إلى نسبة الفقر بالمنطقة المشار إليها، فالمناطق الملونة باللون الأخضر تقل نسبة الفقر فيها عن 11 %، واللون البني يرمز لمناطق بها نسبة فقر ما بين 11:13 % بينما يوجد فقر بنسبة 13:15 % في المناطق ذات اللون الأصفر، واللون البرتقالي يرمز لمناطق بها فقر تصل نسبته إلى 15:17 % أما اللون الأحمر فيرمز لنسبة فقر أعلى من 17 %.
من ناحية أخرى أفاد التقرير أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في إيران في تدهور مستمر، مما يؤثر بشكل مباشر على الظروف المعيشية للسكان، مشيرا إلى أن نسب البطالة في ارتفاع مستمر إلى جانب وصول التضخم لمستويات لم يسبق لها مثيل، مما جعل معظم الناس تقوم بعدة وظائف، بسبب انخفاض مستوى الأجور التي أصبحت غير كافية لأساسيات المعيشة، كما أن الفجوة في الدخول بين الفقراء والأغنياء في ازدياد مستمر.
من ناحيته صرح كريم لهيجي رئيس المنظمة بأن منظمات العمال الرسمية بإيران تقع تحت أيدي السلطات وذلك لممارسة الرقابة الاجتماعية على العمال، إلى جانب قيام السلطات بقمع كل المحاولات الناشئة لإقامة نقابات عمالية، مما تسبب في سجن القائمين عليها بتهم واهية، من نوعية الإضرار بالأمن القومي والتحريض ضد النظام، مما كشف عن وجود انتهاكات صارخة خصوصا ضد المرأة في ميدان العمل، إلى جانب التمييز الذي يحدث على أساس الدين والعرق والرأي السياسي، موضحا أن سياسات الحكومة تناقض كل المواثيق الدولية لحقوق المرأة.
وأوضح التقرير أنه بالرغم من السرية التي تتبعها الدولة في الاحصائيات الخاصة بها، إلا أن الجامعة الدولية لرابطة حقوق الإنسان تستطيع أن تؤكد من خلال مصادر محلية موثوقة أن نحو 5 % من السكان الإيرانيين – 75 مليون نسمة- يعيشون تحت خط الفقر، كما أن الدراسات الأخيرة حول القدرة الشرائية للسكان قد انخفصت بنسبة 72 % على مدى ثماني سنوات منذ 2005 حتى العام الماضي.
بالنسبة لإسرائيل فقد أظهرت الإحصائيات أنها أيضا تعاني نسب فقر كبيرة، بالرغم من أن حكومتها دائمة التباهي بقوة اقتصادها، حيث سلطت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على ظواهر جديدة تهدد المجتمع الإسرائيلي، الذي يحاول الظهور أمام العالم كمجتمع متحضر يحظى باهتمام حكومته مثلما يحدث في المجتمعات الأوربية، وركز موقع المصدر الإسرائيلي على ظواهر جديدة تدق أبواب إسرائيل ألا وهي: الفقر والبطالة والجوع، وكشف الموقع النقاب عن تقرير دائرة الإحصاء المركزية الذي نشر معطيات مقلقة للشعب اليهودي، تشير إلى أن نحو 30 ألف شاب يبحث عن عمل في إسرائيل، وقد تكون هذه المعطيات أعلى في الواقع؛ لأن الكثير من الشبان لا يبلغون عن عملهم.
وبحسب الموقع أن قنوات التليفزيون الإسرائيلي ناقشت بقوة ظاهرة مؤلمة وآخذة في الازدياد، وأظهر أطفالا وأحداثا ينظفون السلالم، ويغسلون الصحون، ويعتنون بالأطفال، ويعملون في أي عمل يتيح لهم الحصول على مقابل ضئيل لمساعدة والديهم على شراء الأطعمة، أو دفع فواتير الكهرباء أو الماء، لمنع قطع تلك الخدمات، ويعمل جزء من الأولاد في عدة أماكن في الوقت ذاته لساعات طويلة، وأحيانا على حساب أوقات التعليم.
ولفت الموقع إلى عدة تقارير تشير إلى أن نصف العمال في إسرائيل يتقاضون أقل من 6.500 "شيكل"، "نحو 1700 دولار" وأحيانا أقل بكثير، أو لا يعملون ولا يجدون فرصة عمل، مشيرا إلى أنهم لا يستطيعون تدبير أمرهم من خلال إعالة أسرهم.
وأشار التقرير إلى أن أحد الأولاد يشعر بأنه يشكل عبئا على والديه، ولذلك خرج للعمل، وهو يعمل حاليا في أربعة أماكن مختلفة، وينفق المال في تسديد مصاريف المنزل، وقالت فتاة أخرى تبلغ من العمر 12 عاما: إنها قررت الانضمام إلى أختها البالغة من العمر 14 عاما ومساعدتها في تنظيف المنازل، وذلك "لعدم توفر الخبز في المنزل دائما".
بين كل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن إسرائيل هي في المكان الأعلى من حيث نسبة الأولاد الفقراء؛ حيث يعيش حاليا في إسرائيل نحو 880 ألف طفل يعانون الفقر، أي نحو 10 % من السكان، ويضطر الأولاد للخروج إلى العمل بدلا من القيام بالفروض المنزلية أو الدراسة استعدادا للامتحانات.
واستطرد أن التركيز في المذاكرة لن يكون الاهتمام الأول عند أولئك الأطفال، الذين يشعرون بالجوع والحاجة طوال الوقت، مشيرا إلى أنه على ما يبدو أن دائرة الفقر الآخذة في التوسع تجذب إليها عددا متزايدا من الأطفال، لافتا إلى أن إمكانية الخروج من هذه الدائرة ستصبح صعبة جدا إذا لم تجد الدولة حلا للخروج من هذه الأزمة قبل تفاقمها.
وذلك ما جعل الحاخام الإسرائيلي يشيل أيشتين يقول: إن نسبة الفقر في الدولة العبرية تصل إلى 35 %؛ وأن "الفقر في إسرائيل يشكل تهديدا إستراتيجيا لوجودنا" مضيفا أن من واجب دولة إسرائيل أن تحدد الحد الأدنى للدخل المطلوب للإقامة في إسرائيل بكرامة.
