رئيس التحرير
عصام كامل

فاتورة الإرهاب.. وسياسة الفعل


عندما خرج الشعب المصري في 30 يونيو ليطالب برحيل نظام الإخوان كان الشعب يعتقد أن المشكلة تكمن فقط في جماعة الإخوان الفاشية التي تسعى لإقصاء الجميع وتمكين الأعضاء التابعين لها في كل مفاصل الدولة الأساسية, ولم نكن نعلم حجم الخطر الذي يحيق بالوطن رغم الإدعاء بأننا نعرف عنهم الكثير وعن أدبياتهم الأكثر ..!!


لكن كان هناك من يعرف بدقة خطورة هذه الجماعة وتداعيات حكمها علي بلد بحجم مصر, وكان يعلم مدي ارتباط هذه الجماعة بتنظيم دولي ارتباطا عضويا يسعي ومعه مجموعة دول وأجهزة مخابرات دولية لتقسيم الوطن وتنفيذ المشروع الصهيوأمريكي لإعادة رسم خريطة المنطقة من جديد فيما عرف كاصطلاح سياسي بالشرق الأوسط الجديد أو الكبير الذي يفتت أهم الدول بالمنطقة ويحول كل دولة فيها إلي دويلات صغيرة لا تملك مقومات الحياة الطبيعية ولكنها تملك أدوات الصراع الطائفي والمذهبي والعرقي والحدودي الذي يؤدي إلي غياب الاستقرار واستمرار اشتعال المنطقة بحروب أهلية وبينية تستنزف طاقات الجيوش العربية لتبقي إسرائيل هي درة التاج بين دول الطوق النظيف الذي لا يملك أي مقومات للردع أو الحرب ..

لذلك كان الهدف واضحا هو العمل بكل وسيلة وشكل لإسقاط الجيوش العربية وتحويلها إلي ميلشيات متناطحة ومتعاركة كما حدث في العراق وليبيا ويحدث علي قدم وساق في سوريا, ومحاولات يائسة وفاشلة مع الجيش المصري الذي فوت الفرصة وأجهض هذا المخطط الدولي.

في 3 يوليو تمت الاستجابة للإرادة الشعبية التي طالبت بإسقاط هذا النظام وتم عزل مرسي وجماعته وإزاحتهما عن السلطة التي تم اغتصابها في انتخابات مازالت نتائجها أمام القضاء, وتم إعلان خارطة للمستقبل تعيد التوازن الطبيعي للوطن وتبني مؤسسات جديدة قوية بعد كل الخراب الذي حدث خلال عام واحد في الحكم, ولذلك لم يكن مستغربا أن يرفع المصريون شعار يسقط حكم المرشد وليس حكم مرسي في إشارة واضحة لكل ذي بصر وبصيرة أن من يحكم مصر هو المرشد ومكتب إرشاده التابع للتنظيم الدولي في سابقة لم تحدث في مصر منذ قيام الدولة فيها أن يحكمها تنظيم أو جماعة.

في 26 يوليو طلب الفريق أول السيسي تفويضا من الشعب لمواجهة الإرهاب المحتمل.. وقتها خرج الملايين في الخروج العظيم الذي أبهر وأدهش العالم في أعداد فاقت أعداد 30 يونيو وفي خلال 36 ساعة فقط لتعطي للقائد تفويضا للمواجهة, وخرجت مع الجماهير بعض الأسئلة مثل: هل يحتاج السيسي لتفويض لمواجهة الإرهاب وهذا هو دور الجيش والداخلية المنوط بهما؟؟ ولماذا هو الذي يطلب التفويض ولم يطلبه رئيس الدولة المستشار عدلي منصور؟ ولماذا لم تطلب الداخلية هذا التفويض أيضا؟..

ولماذا ولماذا؟ أسئلة كثيرة طرحت نفسها علي الرأي العام واجتهد البعض في الإجابة عنها وشكك البعض في الهدف الذي وراء التفويض!! إلا أننا جميعا لم نلتفت جيدا إلي كلمة من سبعة أحرف جاءت في طلب التفويض هي (المحتمل) التي قرنها الفريق أول في كلمته بالإرهاب.. مرت الكلمة علينا مرور الكرام كأنها حروف زائدة في الكلام.. لكنها كانت عند الرجل تحمل معاني أخري بما توفر له ولأجهزته المخابراتية والأمنية من الكثير من المعلومات والحقائق المذهلة وهو ما لم نستطع قراءته في حينه..!!

القضية إذن أخطر وأكبر من مجرد جماعة فاشية سرقت ثورة الشعب وقفزت عليها والتهمت الوطن في لعبة سياسية مارست فيها كل أنواع الخداع والغدر والكذب علي الحلفاء والشعب.. القضية أخطر من جماعة لا يزيد عددها في التنظيم عن 300 أو 400 ألف عضو في أحسن التقديرات حاولت بكل الوسائل غير المشروعة وضع مصر تحت وصاية التنظيم الدولي وأجهزة مخابرات دولية لتنفيذ المخطط الذي يقضي علي كل عناصر القوة لمصر ويسخرها لإسرائيل مقابل حلم قيام إمارة إسلامية في سيناء تجمع كل المتطرفين في العالم وتسمح لتنظيم القاعدة برعاية أمريكية أن ينتهي به المطاف علي الأراضي المصرية وأن تتمكن إسرائيل من تحقيق حلم الدولة اليهودية وتطرد من أراضيها كل من هو ليس يهوديا لتصبح الدولة العنصرية الوحيدة في العالم وهذا يتحقق عندما تتمكن القاعدة وتنظيم الإخوان والجماعات المتطرفة من إنشاء إمارة إسلامية خالصة في سيناء تأخذ معها جماعة حماس الإخوانية.

ما حدث في 30 يونيو أفسد كل هذا المخطط , ولذلك طار صواب الجماعة وفقد التنظيم الدولي عقله وجن جنون أمريكا وأسقط في يد قطر وتركيا رعاة الإرهاب بالتآمر والتمويل وبالحرب الإعلامية القذرة التي يديرها للأسف بعض الخونة من المصريين في دوحة الجزيرة (قطر سابقا), وما يحدث الآن من إرهاب وتفجير هنا وهناك هو فاتورة ندفعها بالدم راضين لأن هذا قدر المصريين الذين قرروا حماية هذا التراب الوطني الغالي, وفاتورة باهظة التكاليف يدفعها ضباط وجنود جيشنا العظيم الذين يسقطون في ميدان الشرف والوطنية بدم بارد علي أيدي خوارج هذا الزمن دفاعا عن دم أريق من قبل لتحرير هذا الوطن من كل أعدائه.., وفاتورة كبيرة يدفعها ضباط وجنود الشرطة الذين يسقطون أيضا في ميدان الشرف والوطنية غدرا وغيلة من إرهاب أسود تقوده وتغطيه جماعة مجرمة يشهد عليها تاريخها الأسود بذلك.

وحتي كتابة هذه السطور يتم تفجير مركبة نقل عام أمام كلية البنات بمدينة نصر وما زالت دماء شهداء تفجير المنصورة الجبان لم تجف بعد.. الفاتورة ما زالت مفتوحة ونعلم ذلك.. والدماء الذكية ستسيل علي الأرض ونعلم ذلك.. وأرواح طاهرة ستصعد إلي ربها راضية مرضية ونعلم ذلك, وقبل أن انتهي من الكتابة سيقع شهداء بسبب الإرهاب ونعلم ذلك!!

السؤال بعد إعلان الجماعة تنظيما إرهابيا.. هل نتحول من رد الفعل إلي الفعل المباشر علي المستوي الأمني والعسكري والسياسي والدولي ؟ أرجو ذلك ..
Elazizi10@gmail.com
الجريدة الرسمية