رئيس التحرير
عصام كامل

الامتحانات الصعبة.. والأسئلة الأصعب!


أقل من شهر يفصلنا عن أهم مرحلة فى تاريخ مصر بعد ثورتين أنجزهما الشعب المصرى فى أقل من ثلاث سنوات أسقط فيهما نظامين ولم يبدأ بعد فى بناء نظام جديد لدولة عصرية.. مدنية.. ديمقراطية.. وطنية.. تقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون واستقلال قرارها الوطنى وامتلاك القدرة الفاعلة على بسط كامل سيادتها على كل أراضيها وحدودها التاريخية منذ قامت الدولة من آلاف السنين.



الشعب المصرى يدخل مرحلة الامتحانات الصعبة بالمشاركة فى الاستفتاء على الدستور أولا، وبالتصويت بـ(نعم ) ثانيا، والمشاركة بكثافة تعنى الإصرار على مواصلة طريق 30 يونيو وتأكيد تفويض 26 يوليو، والتصويت بـ( نعم ) تعنى الموافقة على كل ما جاء فى خارطة المستقبل وتعنى نهاية جماعة غير شرعية مخالفة للقانون، ورغبة حقيقية فى بناء دولة العدل والقانون والمستقبل، ودولة المواطنة الحقيقية لكل أطياف هذا الشعب للعيش فى وطن واحد، ودولة الحقوق والواجبات وتطبيق قواعد الشفافية والمحاسبة التى أكد عليها الدستور للمرة الأولى فى تاريخ الدساتير المصرية .

التصويت للدستور فى الاستفتاء هو رد على كل الأباطيل التى يروجها الإخوان على مدار الساعة بأن الشعب المصرى يرفض الانقلاب الذى يتحدثون عنه!! ورد على كل الأكاذيب حول مقاطعة الشعب له لأنه دستور كافر لا يحترم الشريعة ولا يصون الدين صاغه علمانيون لا يعرفون الله ويكرهون الإسلام ونسوا - أو فقدوا الذاكرة - فلم يراجعوا مشهد التوافق الوطنى الذى كان يوم إعلان عزل مرسى خضوعا لرغبة الملايين من الشعب المصرى صاحب السيادة فى هذا الوطن والأصل فى المعادلة السياسية، وكما قال الفريق أول عبد الفتاح السيسى (الشعب يأمر وعلى قواته المسلحة وجيشه العظيم أن يطيع وينفذ ما يطلبه الشعب).. نسوا تفاصيل المشهد حيث جلس فى صف واحد الأزهر والكنيسة وحزب النور والشباب والمرأة والقضاء والقوى السياسية والجيش والشرطة ليعلنوا عزل رئيس الأهل والعشيرة، وأغلقوا آذانهم وأغمضوا عيونهم عن سماع ورؤية ملايين الجماهير فرحا بالنصر أكثر من تلك الفرحة عند خلع مبارك!! لكل هذا ولغيره تكون المشاركة ويكون التصويت للدستور بـ( نعم ) امتحانات صعبة أثق فى قدرة المصريين على اجتيازها بنجاح وثقة كبيرة .

بعد اجتياز الامتحانات الصعبة ندخل إلى الأسئلة الأصعب مباشرة فليس هناك وقت لتضييعه، وقد يكون الوقت غير كافيا للإجابة عن هذه الأسئلة منها على سبيل المثال: من يكون الرئيس القادم ونحن بصدد انتخابه فى مدة لا تتجاوز 6 أشهر بعد الموافقة على الدستور .. وحتى نهاية هذه الشهور هل تكفى هذه المدة لاختيار رئيس من بين مرشحين لا نعرفهم حتى الآن بعيدا عن المطالبات الشعبية بترشيح الفريق السيسى للرئاسة والتى لم يحسم أمره فيها بعد؟! وليته يحسم أمره ليريحنا من الإجابة عن هذا السؤال.. أكثر ما أخشاه هو أن نقع جميعا فى مأزق الاختيار الجبرى لرئيس غير مؤهل لقيادة البلاد فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر نظرا لضيق الوقت أو قلة البدائل المطروحة، ونندم على هذا الاختيار أو نفكر فى التغيير مرة ثالثة والوطن لا يحتمل هذا الأمر !! 

مثال آخر على الأسئلة الأصعب: كيف يكون شكل البرلمان القادم فى ظل غياب حقيقى للأحزاب السياسية فى الشارع المصرى، وفى ظل حالة تشرذم واستقطاب بين الضغط لتكون الانتخابات بالنظام الفردى والضغط لتكون بالقوائم والفردى معا دون النظر لحالة التربص الشديدة من الذين يسعون للقفز على المشهد وتغييب الإرادة الشعبية لثورة 30 يونيو ودخول البرلمان من أبواب خلفية !! وفى كل الأحوال سواء جاءت الانتخابات الرئاسية أولا أو البرلمانية بعد انتهاء لقاءات الرئيس مع القوى السياسية بمختلف أطيافها للنظر فى إمكانية تعديل خارطة الطريق التى تنتهى صلاحيتها بالموافقة على الدستور ..

أين هؤلاء المرشحون من الشارع المصرى، وأين هذه الأحزاب من الشعب المصرى، وأين من يريدون أصوات الشعب فى انتخابات البرلمان.. أين مواقفهم الواضحة من قضايا الوطن والإرهاب.. أين مواقفهم من محاولات كسر الجيش المصرى وكسر الداخلية.. أين مواقفهم المعلنة مما يحدث فى الجامعات المصرية ومن هدف إفشال العملية التعليمية وإظهار مصر كدولة فاشلة بعد سقوط حكم المرشد وجماعة الإخوان؟؟؟؟ 

كل هذا من عينة الأسئلة الأصعب التى نهرب من الإجابة عنها لأننا مشغولون بترتيب أجندات والتوافق لبناء مصالح خاصة وذاتية فى ظرف سيكون على البرلمان القادم مسئولية تنوء من حملها الجبال لأنه سيكون مسئولا عن تجليس هذا الدستور على أرض الواقع بقوانين تتماشى مع الدولة الجديدة التى نبحث عنها .. فهل نستطيع الاختيار بدقة ووعى ومسئولية ؟ الأيام القريبة القادمة ستجيب عن السؤال ونسأل الله التوفيق والرشاد. 
Elazizi10@gmail.com 

الجريدة الرسمية