رئيس التحرير
عصام كامل

تقييد الحرية الشخصية في الدستور المصري

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الحرية لغة والقدرة على التصرف بملء الإرادة والاختيار، عرفها القانون الدولي الخاص بأنها " حرية الفرد في الرواح والمجيء وحماية شخصه من أي اعتداء وعدم جواز القبض عليه أو معاقبته أو حبسه إلا بمقتضى القانون، وحريته في التنقل والخروج من الدولة وإليها".


الحرية الشخصية حق طبيعي نصت عليه الدساتير الثلاثة الأخيرة، وهي مصونة لا تمس بحكم الدستور؛ إلا أنه من الطبيعي أن ترد على هذه الحرية قيود، فهي مصونة ولا تمس إلا في حالات محددة. وقد عالج الدستور 2012 م الإخواني المعطل حيث نص في المادة (34) على أن: "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس".

تنص المادة (35) على أن: "... يبلغ كل من تقيد حريته بأسباب ذلك كتابة خلال اثنتي عشرة ساعة، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته، ولا يجري التحقيق معه إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن ندب له محام.. الخ".

وتقييد حريتك لا يكون لك الحق في إبلاغك بأسبابه قبل اثنتي عشرة ساعة من وقت التقييد. أي أنه يمكن فك قيدك قبل ذلك الموعد بدقيقة واحدة فيسقط حقك في الوقوف على أسبابه. ولا يعرف اهلك وذووك ولا محاميك أين أنت طوال هذه المدة. وتقدم إلى جهات التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريتك. وعندها يحضر معك محام.

وقد عالج دستور ثورة يونيو هذا الخلل لمصلحة حرية المواطن في المادة (54) حيث نص على: "... ويجب أن يبلغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه ـ ومن بينها حق الصمت ـ كتابة، ويُمكّن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورًا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة.. " وقد زاد دستور الثورة عبارة: " مع توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة ". ثم يواصل دستور الإخوان غيه بنصه في المادة (36) على: "... ولا يكون حجزه ولا حبسه إلا في أماكن لائقة إنسانيا وصحيا، وخاضعة للإشراف القضائي... " ولم يحدد الأماكن ولا تبعيتها بما يفتح الباب للحجز أو الحبس في أي أماكن حتى ولو كانت خاضعة للإشراف القضائي ـ نظريا طبعًا بسبب تجهيل المكان. أما دستور الثورة فقد نص على: ".. ولا يكون حجزه ولا حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيا وصحيا.." 

ولم يغفل الإشارة إلى ذوي الإعاقة. وفي المادة (56) أخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي. وقد أشار الدستور الإخواني إلى أن مخالفة ما تقدم جريمة يعاقب عليها القانون، بينما نص دستور الثورة في المادة (52) على أن: " التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم "، وهو ما تغافل عنه دستور الإخوان.

وقد وضح الفارق في النظرة للإنسان بين الدستورين في لفتة كل منهما لتعريف السجن، والدور المنوط بالدولة حيال السجين. فدستور الإخوان عرف السجن بأنه: " دار تأديب وتهذيب وإصلاح " ولفظ تأديب ينطوي على غض للطرف عن نوع من العقاب يقتضيه التأديب.

وفي إشارته لدور الدولة استخدم عبارة: " وتعني الدولة بتأهيل المحكوم عليهم، وتيسر لهم سبل الحياة الكريمة بعد الإفراج عنهم".
الجريدة الرسمية