رئيس التحرير
عصام كامل

موجات الهذيان الإخوانى!


عقب الفشل السياسى لجماعة الإخوان المسلمين وإثر السقوط التاريخى لمشروع حركات الإسلام السياسى أصيب قادتها من المستوى الأول حتى المستوى الأخير بصدمة بالغة، أدت إلى ممارسة سلوك هستيرى شديد بدا فى بعض صوره التليفزيونية أشبه بالهذيان!

لقد شاهدت –باعتبارى باحثًا متخصصًا فى علم الاجتماع- القنوات الإخوانية التليفزيونية والتى أعدت على عجل برامج وحوارات وشهادات وكلها بدون استثناء ملفقة ومزيفة!

وقد حاولت تحليل هذا الخطاب الإخوانى الهذيانى فوجدت أحد المتعصبين من الإخوان وهو صاحب لحية كثة وطويلة للغاية يقول كيف يمكن الانقلاب على الرئيس "مرسى" مع أنه أول رئيس ملتحٍ مصرى؟
ويضيف -من روائع إبداعاته- صحيح أن ذقنه لم تكن طويلة بالقدر الكافى ولكنها –بنص عباراته البلهاء: "أحسن من مفيش"!

هل هناك بلاهة أشد من هذه التخريفات التى تذهب إلى أن لحية الرئيس أهم شيء فى صفاته العبقرية حتى لو كانت قصيرة!

وفى برنامج آخر أعطى الميكروفون لأحد شيوخ السلفية المعروفين المعارضين لحزب النور السلفى، وهو يصيح بصوت جهورى موجهًا حديثه لجماعة النور: "يا كفرة تضعون أيديكم فى أيدى العلمانيين والكفرة والانقلابيين؟".

ولو قلنا إن هذه الصيحات الهستيرية صدرت من قوم لا يعقلون وكل بضاعتهم تكفير الناس بدعوى أنهم يرشدونهم إلى طريق الإيمان الصحيح، فماذا نقول فى بيانات حزب الحرية والعدالة؟
المفروض –كما خدعنا الإخوان المسلمين- أنه حزب سياسى، وأنه لا علاقة له بجماعة الإخوان المسلمين، مع أن مكتب الإرشاد هو الذى عين رئيسه!

وهذا الحزب - منذ الموجة الثورية فى 30 يونيو والتى عبرت عن الإرادة الشعبية لإسقاط حكم الإخوان المسلمين والتى دعمتها القوات المسلحة فى 3 يوليو- وهو يصدر بيانات متتابعة تندد بما تطلق عليه الانقلاب العسكرى.

وقد طالعت مؤخرًا رسالة وجهها أمين حزب الحرية والعدالة إلى الفريق "السيسى" وهو يحاول فيها بالباطل تزييف الحقائق الثابتة التى شهدت بها الدوائر العالمية السياسية والإعلامية، وأبرز هذه الحقائق أنه فى 30 يونيو نزل إلى ميادين مصر وشوارعها ملايين المصريين رجالًا ونساء وأطفالًا استجابة لحملة "تمرد" لإسقاط حكم الإخوان المسلمين.

غير أن الإخوانى العتيد الذى دبج البيان لم يخجل من وصف هذه الملايين من المواطنين الثائرين بأنها فلول النظام القديم، ومعهم بعض الساخطين على فشل نظام الحكم الإخوانى، فى إشباع الحاجات الرئيسية للمواطنين.

وقد حاول أمين الحزب المزور أن يعطى تفسيرًا منطقيًا للفشل السياسى الإخوانى الذريع فقال –لا فض فوه- مبررًا هذا الفشل أنه ليس فشلًا، ولكنه فى الحقيقة إفشال متعمد من قبل أجهزة الدولة العميقة التى رفضت حكم الإخوان، وأرادت كشف قياداته أمام الناس!

أما الرئيس صاحب اللحية فهو مبرأ من الأخطاء، بل إنه مارس الديمقراطية ممارسة غير مسبوقة وعرض الحوار الهزلى على كافة القوى السياسية والتى رفضته بإباء وشمم، مع أن الرجل كان يريد الوصول بسلام إلى بر الديمقراطية الإسلامية الكاملة!

والحقيقة أن الطريق الذى سلكه "محمد مرسى" لتحقيق هذا الهدف السامى كان مليئًا بالأشواك الجارحة!
وذلك لأنه كان مشغولًا أساسًا بتعيين أهله وعشيرته فى كل مفاصل الدولة وفق مخطط شيطانى خبيث، يهدف إلى هدم الدولة المدنية المصرية وتأسيس دولة إسلامية تكون هى أساس الخلافة الإسلامية الجديدة التى ستوحد الأمة الإسلامية بكل أقطارها ورؤسائها وزعمائها، تحت راية المرشد العام للإخوان المسلمين الذى بالقطع كان سيصبح الخليفة المنتظر!

وفى سبيل ذلك دخل الرئيس المعزول فى معارك تصادمية مع كل مؤسسات الدولة بلا استثناء، ومع كل القوى الحية فى المجتمع.. لقد دخل فى معارك دامية مع جهاز الشرطة بزعم أهمية تطهيره، ومع القوات المسلحة لإصراره على التلاعب بثوابت الأمن القومى، ومع مؤسسة القضاء لإلغائه للأحكام القضائية، ومع الإعلاميين لأنهم مارسوا نقد حكمه الكارثى بصورة جسورة، وللمثقفين حتى من سبق لهم أن خدعوا وأيدوه قبل إعلان نتيجة نجاحه المشبوه وتوليه منصب رئيس الجمهورية!

أما أتباع جماعة الإخوان المسلمين فقد أصابتهم واقعة تصفية المستوطنة الإخوانية فى "رابعة العدوية" وميدان "النهضة" بمس من الجنون، وانطلقوا فى الشوارع والجامعات ترويعًا وتخريبًا.

ترى هل هناك أى إحساس بالمسئولية، أو أى ذرة من الإيمان الصحيح لدى هؤلاء الطالبات والطلبة الذين انطلقوا كالهمج لتحطيم مدرجات جامعة الأزهر وتعطيل الدراسة فى باقى الجامعات؟

ليس هناك حل سوى التطبيق الدقيق والفعال لقانون التظاهر مع مراعاة كل حقوق الإنسان التى تتشدق بها المنظمات الحقوقية التى أعلنت مؤخرًا تحالفها المشبوه مع جماعة الإخوان المسلمين!
الجريدة الرسمية