رئيس التحرير
عصام كامل

حيرة الألباب في فهم تظاهرات الطلاب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تظاهرات الطلاب في الجامعات المصرية هي الورقة الراهنة التي يضغط بها الإخوان على النظام القائم.

وقد استغل الإخوان حالة الرخاوة التي أصابت الحكومة المصرية في مواجهة الظاهرة الإخوانية، إما تحسبًا لردود فعل الخارج المستنفر تجاه القاهرة نتيجة نشاط التنظيم الدولي وارتباطاته بأنظمة وأجهزة تستهدف إسقاط الثورة لمصلحة إعادة الجماعة إلى سدة الحكم، أو تحقيق المخطط الهادف إلى تفتيت مصر.

استغلال الطلاب كورقة ضغط يرجع إلى ضعف موقف الداخلية في مواجهة هذه الشريحة بفعل الحكم القضائي الذي يحظر عليها دخول الحرم الجامعي من ناحية، وضعف الإدارات الجامعية في اتخاذ موقف حاسم من خلال قانون الجامعات واللائحة الطلابية نتيجة أن لها عينا على المظاهرات والأخرى على صناديق الانتخابات من ناحية أخرى. 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك استغلالا لفورة حماس الشباب قد أغرى الطلاب بالإيغال في التظاهر اللاسلمي إلى أبعد مدى، فانتقلت المظاهرات من حالة السلمية إلى حالة استخدام العنف في مواجهة بعض الأساتذة إلى حالة إتلاف المنشآت وتشويهها واستخدام المولوتوف، إلى الاشتباك مع أفراد الداخلية الموجودين خارج الحرم الجامعي. 

وباستمرار هذه المظاهرات بإلحاح يجري نصب فخ للشرطة لتوريطها في الدم وخلق حالة دموية تدفع إلى التعاطف إلى حد الاشتباك مع الداخلية ومصر الثورة على السواء، ومن هنا تبدو وجاهة التساؤل عن العلة التي تقف وراء تلك المظاهرات.

طالب تنفق عليه الدولة من خلال دعم العملية التعليمية برمتها من حيث المنشآت والوسائل والأدوات وفي بعض الأحيان توفير المسكن والغذاء من خلال المدن الجامعية تجده يقف هاتفًا ضد الدولة مشتبكًا مع مؤسساتها دون خوف أو وجل على مستقبله التعليمي، وإمكانية فقد حياته بالكلية نتيجة تورطه في أعمال شغب أو عنف منه أو عليه. 

ما موقف أولياء أمور هؤلاء الطلاب من تصرفات أبنائهم؟، هل فقدوا سلطانهم على أبنائهم؟.. أم أنهم يدفعون بهم في هذا الاتجاه خدمة لتوجههم المشترك؟. وهل يسمح قانون الجامعات واللوائح الطلابية بتلك المظاهرات التي لا تعبر عن رأي وإنما تستهدف التخريب والإرهاب بخروجها عن الخط السلمي؟. فإن كانت لا تسمح فمن يقف وراء الحيلولة دون تفعيلها؟. وما الذي يجبر الدولة على استمرار الإنفاق على طلاب يعادون على نحو سافر مؤسساتها ويسعون إلى تخريبها بقصد إسقاطها في إطار مخطط معروف ومعلن؟، أم أن الذي يحرك هؤلاء الطلاب هو إيمانهم الراسخ بأن ما يقومون به هو جهاد في سبيل الله؟.

يقول حسن البنا في كتابه مجموعة الرسائل: "هذه رسالتي إلى الإخوان المجاهدين من الإخوان المسلمين، الذي آمنوا بسموّ دعوتهم وقدسية فكرتهم، وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها أو يموتوا في سبيلها، إلى هؤلاء الإخوان فقط أوجه هذه الكلمات الموجزة، وهي ليست دروسًا تحفظ لكنها تعليمات تنفذ". وفي موضع آخر يقول: "وأريد بالتضحية: بذل النفس والمال والوقت والحياة وكل شيء في سبيل الغاية، وليس في الدنيا جهاد لا تضحية معه، ولا تضيع في سبيل فكرتنا تضحية، وإنما هو الأجر الجزيل والثواب الجميل ومن قعد عن التضحية معنا فهو آثم". وفي موضع ثالث يقول: "وأريد بالطاعة: امتثال الأمر وإنفاذه توا في العسر واليسر والمنشط والمكره".

فهل تمثل تلك الكلمات إضاءة للجوانب الظلمة من تصرفات طلاب الجامعات المنتمين لهذه الجماعة في تظاهراتهم؟.. أعتقد أنها تضع الأيدي على العلل الحقيقية التي تدفع بالطلاب إلى هذه التظاهرات، فإذا أدركت العلة سهل العلاج.
الجريدة الرسمية