رئيس التحرير
عصام كامل

"الإخوان" و"بئر الخيانة"!!!

فيتو

لابد أن نقف لحظة لنسأل أنفسنا سؤالا واحدا "ما هو معني الخيانة" ؟؟. هي لغةً الغدر؛ لأنها تعتبر نقضا للعهد، فاصطلاح الخيانة نفسه يعني مخالفة الحق بنقض العهد في السر أو عمل من أؤتمن على شيء بضد ما أؤتمن لأجله، بدون علم صاحب الأمانة. 

تلك هي الخيانة لغة واصطلاحًا،، وعن حكم الشرع فيها فقد قال تعالي "وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا"، وقال تعالي" وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ" وقال تعالي "يَا أَيُّهَا الَّذيِنَ ءَامَنُوا لا تَخُونُوا الله والرَّسُولَ وتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ". وفي الحديث "أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ". و"اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، ومن الخيانة فإنها بئس البطانة". و"ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بى ثم غدر...". 

فالخيانة خلق ذميم، ورذيلة خسيسة تنفر منها النفوس السليمة وأصحاب الضمائر اليقظة، وتزداد الخيانة سوءًا إذا اقترنت بالغدر.. ومن هنا يمكن القول باطمئنان أن الإسلام لم يكن أبدًا دين الخيانة بحال. 

ولا يمكن لأحد أن يبرر خيانته بأمر الله أو طاعة له سبحانه وتعالي. ومن يأت الخيانة ملصقًا إياها على نحو أو آخر بالدين فهو خائن لدينه بالضرورة. أعرض لذلك بمناسبة ما نشر بخصوص مقتل الشهيد مقدم محمد مبروك، فقد نشر أن هناك أربعة لواءات ومقدم في إدارة المرور هم من أفشوا أسرار العمل لصالح الجماعات الإرهابية وعلي رأسها جماعة الإخوان. 

وقد نشرت الصحف صورة واسم هذا المقدم،، أي إن الجماعة قد اخترقت الجهاز الأمني بالبلاد بعناصر من داخل الجهاز ذاته، وعليه فإن هؤلاء الضباط قد سربوا للجماعات الإرهابية الاسم الحقيقي والاسم الحركي للشهيد محمد مبروك، وطبيعة عمله داخل الجهاز، وطبيعة المهمة الموكلة له. 

لقد سربها من سربها وهو يعلم مدي خطورة ما سرب على الأمن الشخصي للضابط الهدف وعلي أمن البلاد كلها، فلا عذر لمن سرب بعدم العلم باعتباره عاملا في الجهاز الأمني يعرف قواعد العمل فيه كما يعرف أبناءه. 

أما على الجانب الإنساني كيف تسني لمن سرب تجاهل مشاعر الصحبة والزمالة والصداقة التي تتولد بين أبناء الدفعات المتقاربة في الكليات العسكرية أو كلية الشرطة بحكم الإعاشة الكاملة فيها، فما بالك لو كان القاتل والقتيل أبناء دفعة واحدة؟. 

من الذي أمات في قلبه ذكاء المشاعر ورقة الإحاسيس ورهافة الوجدان ويقظة الضمير؟. ليس الدين، لأن الدين يحيي في النفس كل ذلك. 

هل يمكن للمرء من أجل إخوانيته أن يخون دينه؟. والخيانة هنا ليست خيانة قول، وإنما خيانة فعل وتصرف. كما أنها لا تعني أن الخائن فقد فضيلة الحفاظ على الفروض والنوافل من العبادات وإنما يأتيها على وجهها ثم يذهب ليقتل أو يخون. كمن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يذهب ليفجر سيارة مفخخة ظنًا منه أنه بذلك أقرب إلى الله أقرب إلى الجنة، حقا هؤلاء هم المغيبون.
الجريدة الرسمية