رئيس التحرير
عصام كامل

أرقام الإبلاغ عن "الشاي" .. طلقة "فشنك"


شيء مضحك أن تعلن مباحث الأموال العامة عن أرقام هاتف للإبلاغ عن حالات الفساد والرشوة على مدار الساعة.


مصدر الضحك ـ كما يقول عدد من الناس، أن الغالبية العظمى من موظفي المصالح الحكومية، خاصة الخدمية منها، مثل: المرور، المحليات، الجمارك، الضرائب، التموين، الصحة، البيئة، وعدد كبير من الهيئات الاقتصادية الحكومية، أصبح يربط نحو 80 في المائة من احتياجاته وأسرته، بالدخل الذي يحصل عليه من "تحت الترابيزة" أو "الشاي".

ـ موظف الإعلانات مثلا في الأحياء، أو مجالس المدن في الأقاليم، لا يزيد إجمالي راتبه الحكومي بالحوافز واللجان والمكافآت، على 800 جنيه، فمن أين له بأقساط الدروس الخصوصية التي تتراوح بين 50 و200 جنيه يوميا، سواء كان أبناؤه في مدارس حكومية أو خاصة؟

ـ موظف الإشغالات في الأحياء أو مجالس المدن، لا يزيد راتبه على 450 جنيها شهريا، فمن أين له بثمن استبدال الشاشة lcd أو led بالتليفزيون القديم "أبو حرشة"، ومن أين له بفواتير الموبايل أبو خطين، وغيره الذي تحمله الزوجة، ثم الأبناء.

ـ الموظف المدني في إدارات المرور ـ من رجل الشباك حتى مهندس الفحص، من أين له بالأموال التي يسدد بها الفواتير الكبيرة التي ينفقها بيته في الاحتياجات اليومية المتسارعة، خاصة إذا كان راتبه الإجمالي الشريف لا يكفي لتأمين الزيت والسكر والفول والجبنة والطماطم والبصل، إضافة إلى فاتورتي الكهرباء والماء.

ـ موظف التموين الذي يصل إلى درجة وكيل وزارة أو مدير عام (درجة وظيفية حكومية)، ويختص بمراقبة وتدقيق السلع في المحلات والمطاعم والأفران، وأنابيب البوتاجاز، وغيرها، كيف سيؤمن مصروف أبنائه يوميا في المدارس الخاصة، إلى جانب الدروس الخصوصية، وغيرها من أبسط الأمور الحياتية، براتب لا يزيد على ألف جنيه شهريا؟

ـ موظف الصحة العامة المنوط به مراقبة سلامة الغذاء والإصحاح البيئي في المحلات التجارية ذات العلاقة المباشرة بالأكل والشراب، كيف ينفق على زوجة وثلاثة أبناء في المدارس، وإيجار شقة، مع تجنيب فواتير الموبايل، والهاتف، والماء، والكهرباء، واللحمة، والسمك، براتب لا يزيد على 600 جنيه؟

ـ موظف الجمارك، صمام أمان الدولة، كيف يجاري حياة زملائه موظفي البترول والبنوك، حتى لو تقاضى خمسة آلاف جنيه شهريا؟

ـ موظف الأوقاف كيف يبلغ عن التعديات على عقارات وأراضي الأوقاف الخيرية، بدخل لا يزيد على 900 جنيه شهريا، وكيف لا يفتح أبوابا تحتية لدخل إضافي مضمون، يكفيه لمعيشة فوق مستوى الستر؟

ـ موظفو الجمعيات والإدارات الزراعية سواء في أراضي الدلتا، أو أراضي الاستصلاح، كيف يتعاملون مع المتطلبات اليومية لأسرهم، مع دخل إجمالي شريف لا يزيد على 800 جنيه، لمن تجاوز 20 سنة في وظيفته.

ـ موظف الري، المسئول عن مراقبة استخدام مياه الري وفقا للمقنن العادل المحدد من قبل جهات متخصصة، بدراسات جيولوجية وبيئية رسمية، كيف سيحكم القانون في عمله إذا كان مطلوبا منه 100 جنيه يوميا لتمشية أمور بيته، وراتبه الإجمالي النظيف لا يزيد على 1200 جنيه، لمن تجاوز 20 عاما في عمله؟

ـ كل هذا لن يحدث، فمعظم مطاعم مصر بلا شهادات صحية، ومساحات كبيرة من أراضي الصحراء تصرف أسمدة مدعمة دون زراعة، وهذا يترتب عليه ترخيص بئر وهمية من موظف الري لاستخراج بطاقة حيازة، وكثير من سيارات مصر بأوراق مضروبة، ومعظم السلع المستوردة غير مطابقة للمواصفات بسبب رجل الجمارك.. فكيف نبلغ عن نحو أربعة ملايين موظف، يضطرون لطلب "الشاي" علنا.
barghoty@yahoo.com

الجريدة الرسمية