رئيس التحرير
عصام كامل

أخطاء ليبرالية فادحة!


ما ورد مؤخرًا في وسائل الإعلام عن الخلافات في جبهة الإنقاذ حول اسم المرشح لرئاسة الجمهورية الذي ستدعمه الجبهة يدل دلالة قاطعة على أن قادة التيار الليبرالى مصممون على ارتكاب الأخطاء فيما يتعلق بالرؤية الصائبة للمشهد السياسي الراهن، وأهمية توحيد الجهود حتى يستطيع التيار الليبرالى أن يجتاز بنجاح الاختبارات الحاسمة لكل من الانتخابات البرلمانية والرئاسية.


والخبرة التاريخية تقول: إن التيار الليبرالى الذي تشكل في شكل أحزاب سياسية قديمة وجديدة بعد ثورة 25 يناير لم ينجح نجاحًا بارزًا في الانتخابات السابقة.. فقد نجح حزب "الحرية والعدالة" الإخوانى وحزب "النور" السلفى في اكتساحها ليصبح لكليهما الغلبة وتم بالتالى تهميش ممثلى التيار الليبرالى لقلة عدد من نجح منهم في الانتخابات النيابية.

وبعد هذا الفشل الأول للتيار الليبرالى جاء الخطأ القاتل.. أو لنقل الخطيئة المكتملة حين تسابق عدد من الرموز الليبرالية لكى يساندوا "محمد مرسي" مرشح جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات الرئاسة، وذلك حتى يعارضوا ترشح "أحمد شفيق" باعتباره في رأيهم ممثلًا بارزًا للنظام القديم.

هرعت هذه الرموز الليبرالية إلى "محمد مرسي" في فندق "فيرمونت" والتقطت صورهم الكريمة وهم يقفون حوله بعد أن أبرموا معه اتفاقًا سياسيًا يقضى بأن يكون الحكم – لو نجح في الانتخابات- توافقيًا، في ضوء إفساح مساحة واسعة من المشاركة السياسية للقوى المختلفة، مع الحرص على حسن تمثيل الأقباط والمرأة.

ولذلك اقترحوا عليه أن يعين نائبة لرئيس الجمهورية ونائبًا قبطيًا بالإضافة إلى نائب آخر. وأخذوا المواثيق على المرشح الرئاسى "محمد مرسي" والذي وعدهم خيرًا.

وأذكر أننى دهشت دهشة بالغة حين قرأت هذا الخبر، وكتبت عمودًا بعنوان "رهان ليبرالى خاسر"، وأبديت فيه استغرابى من سذاجة هؤلاء وأغلبهم قامات ليبرالية عالية، وكيف أنهم ذهبوا لتأييد المرشح الإخوانى والذي هو بحسب التعريف معاد للتيار الليبرالى فكرًا وأفرادًا!

ولم يلبث هؤلاء بعد أن تم بالفعل انتخاب الدكتور "محمد مرسي" رئيسًا للجمهورية بأصوات الإخوان المسلمين وأصوات غيرهم أن اكتشفوا بأنه لم يف بوعوده، وأنه أصدر حركة عشوائية لمجموعة كبيرة من المستشارين الذين ظلوا خارج دائرة صنع القرار، حتى أحس عدد منهم أنه يهين نفسه ويتنكر لتاريخه لو استمر هكذا في القصر الرئاسى مثل "خيال المآتة"! ولذلك استقال عدد كبير منهم حتى من كان لديه هوى إخوانى قديم!

حدث ذلك في الماضى، ثم تدافعت الأحداث السياسية الدرامية والتي أبرزها الفشل السياسي الذريع لحكم الإخوان المسلمين، وأخطر من ذلك سعيهم الدءوب لأخونة الدولة وأسلمة المجتمع.. غير أن النقطة الفاصلة كانت هي لحظة إعلان الدكتور "محمد مرسي" الإعلان الدستورى، والذي بمقتضاه وبحكم نصوصه المعيبة دستوريًا وقانونيًا نصب نفسه -مستندًا إلى حجة الصندوق والشرعية- دكتاتورًا مطلق السراح!

وقد أدى هذا الإعلان إلى إجماع بين القوى السياسية الليبرالية على أن حكم الإخوان تحول إلى حكم مستبد ليس ذلك فقط ولكن تبلورت علامات السخط الشعبية بعد أن ثبت للجماهير أنها خدعت في انتخاب "محمد مرسي"، لأنه لا يصلح رئيسًا للبلاد، وأخطر من ذلك أنه بسياساته المنحرفة يهدد الأمن القومى المصرى.

لكل ذلك نشأت حركة "تمرد" لإسقاط الرئيس "محمد مرسي"، واستطاعت بجهود ثورية متميزة جمع ملايين التوقيعات، ودعت إلى الخروج الشعبى الكبير في 30 يونيو وفعلًا خرجت الملايين استجابة لدعوة "تمرد"، وتم في 3 يوليو بعد دعم القوات المسلحة للخروج الشعبى عزل "محمد مرسي"، وتعيين رئيس مؤقت للجمهورية وإعلان خارطة طريق.

الآن – وفقًا لهذه الخارطة- يكاد الدستور أن ينتهى، وسيتم الاستفتاء عليه، وبعد ذلك ستجرى الانتخابات البرلمانية وبعدها الانتخابات الرئاسية.. وتقول الأخبار: إن هناك خلافات حادة في صفوف جبهة الإنقاذ حول من ستؤيده الجبهة للترشح للرئاسة.

وفى نفس الخبر إشارة تثير الدهشة حقًا لأنها تكشف عن "خيبة" التيار الليبرالى.. فالخبر يقول إن هناك اتجاهًا لعدم تأييد "حمدين صباحى" مع أنه حصل على أربع ملايين صوت في الانتخابات السابقة، وأن المفاضلة تتم بين اسمين آخرين هما "أحمد سعيد" وهو شخصية غير معروفة رئيس حزب المصريين الأحرار والدكتور "أسامة الغزالى حرب" رئيس حزب الجبهة الديمقراطية وهو شخصية أكاديمية وسياسية معروفة.
ولا أريد التعليق على هذا الخبر!
الجريدة الرسمية