رئيس التحرير
عصام كامل

العيد وغسيل السجاجيد


ومن السلوكيات العجيبة التى تمارسها معظم بيوت الشعب المصرى وليس لها علاقة مباشرة بالسياسة ولكنها من وجهة نظرى هى بدايات تؤدى إلى كوارث سياسية وأمراض مجتمعية نعانيها فى كل نواحى حياتنا هى تنظيف وغسيل السجاجيد أيام الأعياد.


فنجد أن بعض الأسر باختلاف طبقاتها تنظف السجاجيد خارج الشقق من على درابزينات السلالم مؤدية إلى انتشار الأتربة فى كل العمارة من الداخل والخارج بما تحويه هذه الأتربة على كائنات دقيقة لا تُرى بالعين المجردة تسمى بأكاروسات الغبار أو dust mite التى تصيب الجهاز التنفسى بالربو الشُعَبى وكذلك حساسية الجلد فضلا عن تلوث المكان لأن هذه الأتربة تعود مرتدة إلى الشقق من خلال الهواء، وعند محاولة إقناع السكان بوجهة نظرك العلمية وتقدم لهم الحلول تجدهم يحاولون إقناعك بما اعتادوا عليه.

ومن ضمن الحلول التى تعلمتها من زوجتى هى القيام بتنظيف السجاجيد بصفة دورية وعند الاحتياج إلى غسيلها يكفى قليل من الماء لغمر السجادة فى حوض البانيو أو يكفى سكب الماء على السجادة فسيسقط التراب من عليها وبكمية أخرى قليلة مع قليل من المنظفات والمطهرات وبمساعدة فرشاة أرضية نقوم بالغسيل والشطف وفى النهاية نترك السجادة فى وضع أفقى حتى تستطيع السجادة التخلص من الماء الزائد وأخيرا تنشر وتجف فى مكان نشر الملابس.

وبهذا نحافظ على كمية المياة المُهدرة سفها والحفاظ أيضا على الملكيات العامة للعمارة من أثر الأتربة ومياه صرف السجاجيد التى تترك لتجف فى العادة على درابزينات السلالم مما يؤدى إلى تلف الدهانات وأشياء أخرى كثيرة.

وهنا أنا أفترض أن الأشخاص لا يمتلكون مكانس كهربائية لشفط الأتربة والمياه ولا يمتلكون بانيو ولكنى متأكد أنه برغم أن معظمهم يمتلك تلك الأجهزة إنما يتصرفون بحكم العادة لا أكثر.

وبعض الناس يتركون السجاجيد لحراس العقارات وأقصد هنا البوابين الذين يستغلون مداخل العمارات والمياه العامة التى يتشارك فى ثمنها جميع السكان فى غسيل وتنظيف السجاجيد بطريقة استفزازية.

لو طبقنا نظرية العمارة الواحدة بسكانها وبحارس عقارها وبمجلس إدارتها على مصر الكبيرة لاكتشفنا الكارثة التى أشرت إليها فى بداية مقالتى وهى أن مصر كدولة أصبحت دويلات كل فصيل فيها لا يفكر إلا فيما سيعود عليه بالمنفعة ويحارب من أجلها حتى لو أدى هذا إلى الخراب والدمار والمصلحة العامة لا تهم أحدا.

فلكى نبنى دولة قوية نريدها أن تصطف فى صفوف الأمم الكبرى لابد من قانون جازم حازم قوى التفعيل والتنفيذ يجبر الناس على احترام الملكيات العامة والقانون حتى يأتى يوم يصبح الاحترام صفة أصيلة فى الأجيال القادمة.
الجريدة الرسمية