رئيس التحرير
عصام كامل

"شهود وشهادات على الحركة الإسلامية".. مشاركة مميزة لمكتبة الإسكندرية بمعرض الكتاب فى دورته الرابعة والأربعين

مكتبه الاسكدنريه
مكتبه الاسكدنريه

تشارك مكتبة الإسكندرية هذا العام بجناح متميز فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى تعقد دورته الرابعة والأربعين من اليوم وحتى 6 فبراير المقبل.


وتعرض مكتبة الإسكندرية فى المعرض مجموعة كبيرة من إصداراتها المختلفة. ويعد من أبرز ما تعرضه المكتبة لجمهور المعرض أحدث إصداراتها  كتاب "شهود وشهادات على الحركة الإسلامية: تاريخ الحركة الطلابية فى السبعينات"، وهو تحرير الباحث سامح عيد.

ويبين الكتاب كيف ظلت الذاكرة التاريخية تعتمد على مجموعة من المصادر فى توثيق الأحداث؛ أبرزها الوثائق المكتوبة ممثلة فى الأوراق الرسمية المرتبطة به، وأغفت لعقود طويلة أهمية الاستعانة بالشهادات الشفهية على الرغم من أنها تعطينا صورة حية للماضى، فقص أو حكى التاريخ يمثل إعادة الحياة لأفكار ومشاعر وتراث السامعين، فالتاريخ الشفاهى له نبض ودفء.

ويوضح أن هناك طبقة راسخة من العادات والأفكار، ونسقا ثابتا من القيم تتحكم وتوجه المسار التاريخى للأحداث، وإن كانت هذه الطبقة غير مرئية، لكن على المؤرخ إدراكها بعيدا عن الإدراكات العقلانية، فتلك المادة مع إخضاعها للبحث والنقد التاريخى، ووضعها فى سياق بيئتها الاجتماعية والتاريخية والجغرافية، يمكن أن تسد بعض الفراغ التاريخى، وتُفَسر بعض الظواهر الاجتماعية التى سكتت عنها المصادر.

ونموذجا لأهمية هذه الشهادات يعرض الكتاب شهادات قيادات الحركة الإسلامية فى مصر من خلال عرض تاريخ الحركة الطلابية فى الجامعات المصرية فى فترة السبعينات من القرن الماضى وكيف انطلقت منها للمشاركة فى العمل السياسى.

قدم الشهادات كل من المهندس أبو العلا ماضى؛ رئيس حزب الوسط، والمحامى منتصر الزيات، والمحامى مختار نوح، والدكتور عصام العريان؛ نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، والدكتور كمال حبيب، والصحفى محمد مورو.

يتناول الكتاب تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر خلال الثلاثين عاما الماضية الذى أثار كثيرا من الجدل على المستوى السياسى وعلى المستوى العلمى الأكاديمى بين الباحثين والدارسين؛ وذلك لأن هذه الفترة شهدت انقسامات كثيرة داخل الحركة فلم تكن حركة واحدة بل انقسمت إلى عدة حركات وحدث داخلها انشقاقات باتجاهات فكرية وعقائدية اختلفت فيما بينها، واكتنف البعض منها الغموض والسرية على مستوى التنظيم أو على مستوى التحركات.

لم تستطع الدراسات التى قدمت على مدى هذه الفترة تغطية جميع جوانب وأحداث وتاريخ الحركة الإسلامية وذلك لعدة معوقات؛ أهمها احتفاظ الكثيرين من أعضاء هذه الحركة أو التنظيمات التى انشقت منها بأسرار هذه الحركة وأشكالها التنظيمية وتحركاتها، فظلت كثير من المعلومات والحقائق بعضها سرية وبعضها الآخر غائب، لتأتى هذه الشهادات لتكشف النقاب عن الكثير منها وتغطى الكثير من الفجوات المعرفية المتعلقة بتاريخ الحركة الإسلامية فى تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر السياسى.

تتناول الشهادات نشأة جميع شهود تاريخ الحركة الإسلامية فى فترة السبعينات، وتستعرض مشوارهم التعليمى وكل المؤثرات الفكرية المختلفة عليهم وصولا إلى المرحلة الجامعية الفاصلة فى الانخراط فى العمل الطلابى تحت لواء التيار الإسلامى، مبينة كل الأنشطة الطلابية، خاصة المعسكرات التى أقيمت فترة الإجازات الدراسية، التى من شأنها التأثير على التكوين الفكرى واستقطاب العديد من الشخصيات المؤثرة فى تاريخ الحركة من كل الجامعات المصرية وخاصة جامعتى القاهرة والإسكندرية إضافة إلى أسيوط والمنيا، وما ترتب على ذلك من تكوين شبكة من العلاقات التنظيمية بين المجموعات الإسلامية.

تشترك جميع الشهادات فى طرح نشأة الحركة الإسلامية الحديثة التى تعتبر الظهور الثانى للحركة، فالظهور الأول كان على يد الشيخ حسن البنا عام 1928 بنشأة جماعة الإخوان المسلمين، وتعرضها لصدامات متوالية وصلت إلى أقصى درجاتها فى الفترة الناصرية وانتهت بوفاة الرئيس جمال عبدالناصر، لتبدأ مرحلة جديدة فى عصر الرئيس محمد أنور السادات. هذه المرحلة كما يعرضها الأستاذ أبوالعلا ماضى بدأت طلابية مختلفة عن النشأة الأولى التى بدأت فى الإسماعيلية مع ستة من العمال وكانت الدعوة لها فى المقاهى قبل المساجد، فكان تكوين المجموعة المؤسسة الثانية لها تركيبة معينة ترتكز على طلاب الجامعة فاختلفت رؤيتها للعمل الطلابى الإسلامى عن سابقتها من حيث الأفكار والتنظيم والتحركات ومكان الدعوة لها أيضا حيث كانت الجامعة منبرها الأساسى.

تظهر الشهادات أيضا الصراع الذى دار بين قيادات الحركة الإسلامية فى هذه الفترة وكيف أدى إلى الانقسام إلى تيارين؛ تيار اتجه للانضواء تحت الإخوان، فيما اختار آخرون وأغلبهم من المنيا تأسيس التيار الجهادى الذى استأثر بمسمى الجماعة الإسلامية، وكيف غلف التوجه الجهادى الجماعة الإسلامية فى الصعيد، وتأثرها الشديد بالقطبية والخومينية الصاعدة التى وجدت فى الإطاحة بالنظام عنوانا لطرحها المسلح فى قضية اغتيال الرئيس السادات وما كان لذلك من أثره فى تحول الجماعة الإسلامية إلى حركة شعبية معارضة خرجت من الجامعة إلى المجتمع.

وانفردت الشهادات بالحديث عن موضوعات كثيرة كانت على درجة عالية من الأهمية مثل حادثة اغتيال الرئيس السادات وسردت كل تفاصيل التخطيط والتدبير والتنفيذ للعملية، وعرضت للمطاردات الأمنية لأعضاء الحركة الإسلامية فى كل المحافظة واعتقال العديد منهم وتقديمهم للمحاكمة وما دار فيها من ملفات القضية التى عرض لها الأستاذان مختار نوح ومنتصر الزيات بحكم دفاعهما عن معتقلى الحركة الإسلامية فى تلك القضية الشهيرة "قضية الجهاد".

الجريدة الرسمية