رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وجيشها.. قدر ومصير


قام كيان مصر كدولة مركزية واحدة، أول ما قام بالقوة العسكرية الصرفة على يد الملك مينا الذي وحد القطرين الشمالى والجنوبى، منذ آلاف السنين بقدرة أول جيش نظامى راتب في التاريخ، فأسس هذا القائد العسكري كأب مؤسس وحدة البلاد وضمن استقرارها، وارتبط وجود حماية ذلك الكيان المتحد بقوة الدولة المركزية بعد ذلك، حيث قادها ملوك الأسر المتعاقبون الذين مثلوا القادة العسكريين المحاربين وفى ذات الوقت الحامين لعقيدة الدولة الدينية.


مما أهلهم لنحت تصاويرهم على واجهات المعابد والجداريات يتقدمون جيوشهم ويقودون العربات العسكرية بشخوصهم، مصوبين سهامهم في المعارك، مدافعين عن مصر ووجودها وكيانها العقائدى، وبرز العديد من الشخصيات الملكية العسكرية الفذة في تاريخها القديم مثل (أحمس) الذي طرد المحتلين الهكسوس، و(رمسيس الثانى) وحروبه مع الحيثيين وغيرهم، فكانت مصر دائمًا كيانًا متحدًا جامعًا يضمن استمراره قادة أفذاذ يظهرون بين صفحات التاريخ كلما تعرضت بلادهم للتهديد أو طمع فيها محتل غاصب.

وفى التاريخ الوسيط رأينا قادة عسكريين دافعوا عن ترابها وعقيدتها، وقادوا جيوشها وإن لم يكونوا من أبنائها مثل قطز وبيبرس في حرب التتار، وصلاح الدين الأيوبى في حروبه ضد الصليبيين، وعندما أشرق العصر الحديث على مصر برز دور القائد العسكري محمد على باشا الذي قضى على المماليك لتخلص البلاد لسلطانه، ثم شرع في بناء الدولة الحديثة، واستطاع أن ينهض بمصر عسكريًا وتعليميًا وصناعيًا وزراعيًا وتجاريًا، مما جعل منها دولة كبيرة ذات ثقل دولى في تلك الفترة المميزة من تاريخها الحديث.

وفى خضم المؤامرة الكبرى التي تعرضت لها مصر أثناء تداعيات ثورة يناير وما بعدها ظهر الاحتياج التاريخى لاستدعاء قدرة وهيبة جيشها كما حدث في عصرها القديم والوسيط، ولم تكن وظيفة الجيش تنحصر في استعادة أمن البلاد المفقود بقدر ما كانت تتمثل في حماية ذاتها وكيانها ووحدتها وعقيدتها ومصيرها، حيث قام رجاله بكسر هجمة هكسوس العصر الحديث.. كما قام أحمس بضرب هكسوس عصره القديم !
الجريدة الرسمية