رئيس التحرير
عصام كامل

حكومة قنديل تضرب وتعتقل العلماء والباحثين


لا توجد حكومة فى أشد دول العالم تخلفا ورجعية تفعل مثلما فعلت حكومة "هشام قنديل" مع خيرة شباب مصر من حملة الماجستير والدكتوراه، فهى قامت بسحلهم وضربهم وفض اعتصامهم بالقوة الغاشمة، باستخدام وزارة الداخلية التى اعتدت عليهم وضربتهم، ولم تفرق بين رجل وسيدة، فقامت بحفل سحل وضرب جماعى لهم فى الشارع وكأنها رسالة للجميع "إياكم والتظاهر والاعتصام ضد حكومتنا الرشيدة"، وفى نهاية المطاف قامت باعتقال أربعة عشر شابا منهم، ولا أحد يعلم كم القضايا التى ستلفق لهؤلاء تحت مسميات مختلفة، فتعودنا من الأنظمة الغاشمة أن تفعل ما تريد فهى تملك كل شيء، ولكن هل يفكر هشام قنديل فيما فعل؟ وهل يعرف ماذا فعل؟ أم أن غرور السلطة والجاة أعماه عن رؤية الحقيقة؟ وأن جريمته النكراء ضد هؤلاء الشباب لن يغفرها التاريخ، وستكون بداية النهاية له وحكومته، فسياسات إنهاء الإضرابات والاعتصامات بالقوة الغاشمة دليل ضعف الحكومات، ومؤشر على فقدان الثقة الشعبية بها، وتحولها لحكومة تعاقب شعبها ولا تخدمه .

هل توجد دولة فى العالم تفعل مع شبابها حملة العلم الذين صبروا لسنوات وسنوات من أجل خدمة أوطانهم بعلمهم وخبراتهم الأكاديمية، فجميعنا يعلم أن الطالب ليحصل على درجة الدكتوراه يلزمة حوالى عشر سنوات على الأقل من التعب والكفاح والعمل الجاد من أجل تحقيق حلمه بالحصول على هذه الدرجة التى من المفترض أنها تكون فى خدمة الأوطان ومن أجل تنميتها وازدهارها، ولكن فى مصر العكس هو السائد، من يجد ويجتهد بدون واسطة أو محسوبية لا مكان له، وحتى حكومة الثورة والرئيس الثورى لم يفعل شيئا لهم ورفض حتى مقابلتهم، رغم كونه من مؤسسة جامعية وعليه أن يقدر هذه الثروة البشرية الكبيرة، ولكن الرئيس يساهم فى الجريمة بتجاهله لهذة القضية بشكل واضح، فهو لم يفعل شيئا وترك الأمر للحكومة التى تتعمد إذلال هؤلاء الشباب وقتل أحلامهم، وتشارك مع الجامعات فى الجريمة تحت أكذوبة أن الجامعات ترفضهم، فهل الجامعات تحولت لعزب تورث لأبناء المسئولين؟ فكلنا يعلم حال الجامعات المصرية ومستواها علميا وترتيبها العالمى، والمؤسف أن الرئيس يعلم كل هذا ولا يريد تطهير الجامعات ولا المشاركة فى تنميتها عبر ضخ دماء جديدة شابة تنهض بالبحث العلمى، وكأنها رسالة للأجيال القادمة "لا تتعلموا ولا تجتهدوا مهما تعلمتم وحصلتم على أرقى الدرجات العلمية لا مكان لكم فى الجامعات المصرية، فهى حكر على فئة معينة تحتكرها" .
والمؤسف أن هذة القضية منذ بداية الثورة وهؤلاء الباحثين الشرفاء يقدمون كل وسائل الحل الممكنة، ولكن لم يلتفت أحد إليهم ولم يساعدهم، وتخلى عنهم الجميع وتعاملت معهم الحكومات المختلفة بسياسة النفس الطويل، وأنها ستنهكهم حتى يقبلوا بالقليل وهى الوظائف الإدارية العادية، مثل الخريجيين العاديين وحملة الدبلومات الفنية، تخيل الجريمة وحجمها وتخيل أنها من حكومة مفترض أنها ثورية عبر رئيس منتخب جاء ليحقق العدالة الاجتماعية، ولكن الأهم -ونتيجة للبطالة وتدهور الحياة لدى هؤلاء الشباب- أنهم وافقوا على الوظائف الإدارية رغم شعورهم بالغضب واليأس والإحباط، وصدمتهم فى الرئيس مرسى الذى تخلى عنهم، وحكومته التى تجعلهم مثال حى للاغتيال المعنوى لكل مجتهد يسعى لتطوير نفسة وبلده عبر علمه، والأهم الآن أن الحكومة لا تريد حتى الوظائف الإدارية، وتتجاهلهم وتريد أن ترسل لهم رسالة قوية "لا حياة لكم بيننا ولا قيمة لتعليمكم فى حياتنا"، فهل نترك مستقبل هؤلاء الشباب للحكومة تقتلهم وتشارك فى تدمير خيرة عقول مصر؟
لا أعلم لماذا تصمت الأحزاب والحركات السياسية ووسائل الإعلام عن هذة القضية ولا تتبناها، فهى قضية أمن قومى تتعلق بمستقبل مصر وتعكس الجريمة المشتركة بين الجامعات والحكومة، وتدل على أن الثورة المصرية لم تحقق شيئا بل على العكس العدالة الاجتماعية ماتت واختفت من حياتنا، وخرجنا من فساد الحزب الوطنى لظلم النظام الجديد، وما يحدث فى هذة القضية دليل واضح على رؤية الحكومة للبحث العلمى وتطويره وتنميته، والأهم هو سياسة الحكومة تجاه من يطالب بحقه ويرفض الظلم، فهل نقف بجانبهم جميعا وننقذ مستقبل مصر قبل فوات الآوان أم نشارك فى الصمت عن جرائم الحكومة ضد الشعب المصرى؟
الجريدة الرسمية