رئيس التحرير
عصام كامل

القرار جاء متأخرا


كشف المستشار عدلى منصور، الرئيس المؤقت خلال لقائه بعدد من الإعلامين أن دولة الإمارات الشقيقة وافقت على تمويل عقد مع إحدى شركات العلاقات العامة الدولية لمواجهة الحملة الإعلامية الخارجية ضد مصر، ولكن الروتين المصرى تسبب فى تأجيل العقد، ما دفع الإمارات للتهديد بتولى الأمر بنفسها بعيدا عن عرقلة الروتين المصرى الغارق فى التفاصيل الصغيرة، لقد فهمت الإمارات أن أفضل شيء يمكن أن تقدمه لثورة 30 يونيو هو مخاطبة الرأى العام العالمى بأن ما حدث فى مصر ثورة مكتملة الأركان وليس انقلابا عسكريا كما تحب أن تسميه الكثير من الدول الغربية، أما نحن فمازلنا غارقين فى التفاصيل الصغيرة مثل الروتين المصرى وأن كل ما فكر فيه السيد رئيس الوزراء حازم الببلاوى مخاطبة القنوات الفضائية بتغيير جملة مصر تواجه الإرهاب التى تضعها القنوات الفضائية على الشاشة إلى مصر تبدأ عصر الديمقراطية،  وكأن هذا سيجعل دول العالم المعادية لمصر وتقف فى صف الإخوان تبصم بالعشرة أن ما حدث فى مصر ثورة وليس انقلابا.


ورغم بشاعة ما قام به الإخوان منذ فض اعتصامى رابعة والنهضة، إلا أنهم استطاعوا أن يكسبوا نقاطا كثيرة فى تعاملهم مع الحكومة والشعب المصرى واستطاعوا أن يستميلوا عددا من الدول الغربية، لأنهم أدركوا ببساطة أهمية الإعلام الغربى وأهمية التأثير على دوائر صنع القرار فى العواصم المهمة، وأن هذا لا يتحقق بالصدفة أو التعاطف ولكن يتحقق بدفع الأموال الطائلة والتعاقد مع كبرى شركات العلاقات العامة الدولية، ولكن يبدو أننا أدمنا مخاطبة أنفسنا كما حدث من قبل عندما قررت مصر التقدم للمنافسة لتنظيم كأس العالم لكرة القدم وظللنا نهلل لأنفسنا فى الداخل أننا نملك كل شيء وعندنا عشرات الملاعب الجاهزة، وأن أزمة المرور التى تخيف البعض منا سيتم حلها بأحد الأفكار العبقرية التى توصلنا إليها، وأنه لا توجد دولة تملك قوة الملف المصرى وأن الفراعنة هم أول من ابتكروا كرة القدم وأن الملك بتاح أول من أحرز هدفا فى مرمى خصومه، وأن التاريخ يسجل هذا الإنجاز العظيم باسم المصريين وكانت المفاجأة أننا حصلنا على صفر كبير ولم نحصل على صوت واحد، حدث هذا لأننا ببساطة خاطبنا أنفسنا ولم نخاطب العالم الخارجى وأصحاب القرار فى الأمر وأصبحنا مصدر سخرية من الجميع .

من العيب أن تتأخر مخاطبة الرأى العام العالمى طوال هذه الفترة وتوضيح حقيقة ما حدث فى مصر وأنها ثورة حقيقية من أجل إزاحة طاغية حاول خطف البلاد والعباد هو وجماعته وأن القوات المسلحة المصرية حققت رغبة الشعب المصرى الذى نزل بالملايين إلى الشوارع وهذا لن يتحقق سوى بالتعاقد مع إحدى الشركات العالمية الكبرى المحترفة،  وتحجج الرئيس بالروتين المصرى أمرا غير مقبول ومن العيب أن يصدر عن رئيس الجمهورية الذى يمتلك السلطة لتغيير القوانين التى تخدم المصالح المصرية وإذا كان البعض يتصور خطأ أن دفع الأموال فى هذه الملفات رفاهية لا نملكها حاليا فهو مخطئ لأن توضيح حقيقة ثورة 30 يونيو للعالم الغربى سيخرس الكثير من الألسنة المتربصة بمصر وشعبها وسيكون سببا فى تدفق الاستثمارات الخارجية على مصر وعودة السياحة كما كانت قبل الثورة .

يجب على الجميع المشاركة فى هذه الخطوة التى تأخرت كثيرا وأقصد الحكومة بكل أجهزتها وعلى رأسها الهيئة العامة للاستعلامات والمصريين بالخارج ورجال الأعمال والسفارات المصرية بالخارج وألا نتعامل مع هذا الملف باستهتار متعمد وكأننا لسنا فى حاجة إليه،  فجزء كبير من المصريين فى الخارج لم تصل إليهم حقيقة ما حدث فى 30 يونيو ويستغل البعض هذا ضد الثورة المصرية.
الجريدة الرسمية