رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس مرسى بعد 200 يوم من الحكم.. هل من جديد؟


تعد عملية رصد سياسات الرئيس وقراراته من الأمور المعقدة لكل باحثى الشئون السياسية؛ لما تعكسة هذه القرارات من طريقة تفكير وإدارة الرئيس للبلاد، وتأثيرها المباشر على المواطن المصرى، ونحن نعيش فى مصر حالة ثورية نتمنى فيها من الرئيس أن يكون أداة الشعب فى تحقيق طموحاته ورغباته التى قام من أجلها بثورة على النظام الفاسد السابق، وساهم عبر تأييده لمشروع الرئيس مرسى المسمى بمشروع النهضة فى وصوله لحكم مصر، ولكن المشهد تغير فى مصر بعد وصول الرئيس، وتفاقمت الأزمات وحدث فى مصر عكس ما كان يتوقعة الشعب، ويمكننا رصد أهم أخطاء الرئيس فى الفترة الماضية فى النقاط التالية:

مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس أن يقودها نحو مصالحة وطنية حقيقية تتجسد فيها كل معانى الوحدة بين الأحزاب والتيارات السياسية فى مصر، من أجل العبور بمصر نحو المستقبل، ولكننا نعيش العكس بكل صورة، نرى المشهد السياسى المصرى ممزق، وتسوده حالة من التخوين والتشكيك وتبادل الاتهامات بين الفصائل السياسية المختلفة، وفى نفس الوقت نرى صمت الرئيس، ولا نرى أى محاولة لخلق حوار مجتمعى من أجل مشاركة سياسية حقيقية لكل القوى والتيارات من أجل مصر الحديثة.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس حكومة ثورية حقيقية شعارها "الخبرة معيار الاختيار"، ولكننا نعيش العكس، فرئيس وزراء مصر كان مدير مكتب وزير الرى لمدة عشر سنوات فى عهد مبارك، ثم وزيرا للرى فى حكومات مصر الانتقالية، ولا نعرف له توجها سياسيا أو اقتصاديا، وسياساته على أرض الواقع ضعيفة جدا بشكل يجعل المواطن يغرق فى الأزمات، وكذلك اختياره لوزرائه فأغلبهم إما كان من النظام السابق أو الحالى أو من المقربين للنظام الجديد، واختفت الخبرات، فانعكس ذلك على أداء الحكومة فى الشارع المصرى وأصبح المواطنون فى محنة أكبر من ذى قبل.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس تشكيل مؤسسة رئاسية تعكس الحالة الثورية المصرية وتساهم فى تلاحم قوى وفئات الشعب حول الرئيس من أجل المستقبل، ولكننا نعيش العكس، فمساعدى الرئيس الأربعة لا نعرف لهم عملا حتى الآن سوى شخصين؛ عصام الحداد مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية، وهو منصب يتضارب مع وزير الخارجية، والدكتورة باكينام الشرقاوى مساعد الرئيس للشئون السياسية، والاثنين الباقيين لا نعرف لهم عملا ولن تدخلا فى انتماء المساعدين لتيار الإسلام السياسى من عدمه، وإن كان أحدهم قبطى فهو أكاديمى خبراته السياسية شبه معروفة.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس عندما يختار مستشاريه أن يختار شخصيات معروفة عالميا فى تخصصاتها العلمية والأدبية؛ لتساهم فى وضع مصر عبر الخريطة العالمية، ولكن الأسماء حدّث ولا حرج، إما تباع لتيار الإسلام السياسى أو شخصية غير محددة التوجة، وأداؤهم حتى الآن ضعيف جدا، ولا نعرف رغم كثرة عددهم ما هى وظائفهم، كل ما نعرفه أنهم يورطون الرئيس فى العديد من المشكلات بسبب تصريحاتهم التى تدخل مصر فى مشكلات محلية ودولية.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس تحقيق أهداف الثورة وأهمها العدالة الاجتماعية، وتوفير فرص عمل، وغيرها من طموحات وآمال الشعب المصرى، ولكننا نرى عكس ذلك، السياسات الاقتصادية فى تراجع ومصر تتجة للديون، ولا نرى تنفيذ الحد الأقصى والأدنى للأجور، ولا نرى أى شيء سوى تصريحات ووعود بمستقبل أفضل، والمواطن يعيش فى أزمات فى كل شيء.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس أن يدعم شبابها بشكل كبير فى عمليات التنمية، ولكن أين الشباب من المشهد السياسى المصرى، كم من الوزراء شباب؟ كم رئيس مدينة أو وكيل وزارة من الشباب؟ ولماذا لم يحاول الرئيس الاستعانة بهم فى تطوير العشوائيات والمحليات عبر دورات تدريبية تدخلهم العمل التنفيذى مثل رئاسة قرية أو حى أو مدينة لنخلق جيل جديد فى كافة الوزارات، ونعطى الشباب فرصة ليثبتوا للعالم قدرتهم على النجاح.
مصر الثورة كانت تتمنى أن ترى الرئيس يطبق العدل ولا يشارك فى تفاقم الإضرابات الفئوية، فمع أيامه الأولى فى الحكم اجتمع بأساتذة الجامعات، وقرر زيادة رواتبهم دون التعرض لموظفى وإداريى الجامعات، مما أدى لتفجير الوزارة وحدوث مشاكل كثيرة بها، والأمر تكرر، زيادة للمدرسين وعدم الاهتمام بموظفى التربية والتعليم، وما أقصده أن الرئيس لو كان رفض إضراب أساتذة الجامعات وخرج للجميع وقال: إن مصر تخرج من عنق الزجاجة وتعبر نحو المستقبل، وعلينا العمل معا. ويعد بزيادة موحدة لكل موظفى الدولة، لكنا الآن نعيش فى استقرار، فموظفى مصر يرون قطاعا قد زادت مرتباته بسبب إضراب وتظاهر فيقومون بنفس الفكر ويضربون، وهكذا تساهم مؤسسة الرئاسة فى إشعال مزيد من الحرائق فى مصر.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس الشعور بأنه رئيسا لكل المصريين، ولكن قطاعا كبيرا من الشعب يرى أن الرئيس يجامل تياره السياسى الذى دعمه حتى يكون رئيسا لمصر، فهم يتحدثون باسمه ويشعرون الشعب أنهم من يحكمون عبر تصريحاتهم التى تقول للشعب: الرئيس ينفذ قراراتنا. وكذلك دعمه الكبير لهم فى لجنة كتابة الدستور، وآخرها صمته الرهيب عن أحداث جمعة الحساب، وما حدث من ضرب لمعارضى الرئيس من مؤيديه.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس حزمة إجراءات لمكافحة الفساد فى مصر عبر قوانين تكافح الفساد الإدارى وتعزز معيار الشفافية فى مصر، فلم نجد أى شيء سوى تغيير قيادات وأسماء مع عدم المساس بقوانين تشكيل وعمل هذه الهيئات مثل البنك المركزى والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة ومجلس القضاء الأعلى وغيرها.
مصر الثورة كانت تنتظر من الرئيس ومؤسسة الرئاسة الشفافية والوضوح، وعدم تضارب القرارت وتكرر الاعتذارات من المتحدث باسم الرئاسة، ونفيه أخبارا وتكذيبه غيرها، فنتمنى مؤسسة رئاسة قوية يثق فيها الشعب وتكون له ملاذا ضد الظلم والقهر، ولا يجدها موصدة أمامه، لا يستطيع الوصول لها حتى لو أشعل النار فى نفسة كما حدث من قبل.
كلنا فى المشهد السياسى شركاء فى تنمية ونهضة مصر، وإن كان الرئيس قد جانبه الصواب فى بعض القرارات والأمور الخاصة بالدولة، فمهمتنا -نحن الباحثين- توضيح الحقائق ووضع كل شيء فى مكانه الصحيح، فمصر للجميع، ليست حكرا لجماعة أو حزب أو تيار معين، مصر باقية وهم زائلون، كما تعلمنا من دروس التاريخ.
الجريدة الرسمية