رئيس التحرير
عصام كامل

«سد النهضة» يتحدى الاتفاقيات.. الانتهاء من بنائه 2017.. يبعد عن مصب مصر 1400 كم.. الإمارات تنسحب من تمويل السد.. وإثيوبيا تلجأ لقطر.. إسرائيل الوسيط لبيع طاقة السد

سد النهضة - صورة
سد النهضة - صورة أرشيفية

تواصل إثيوبيا أعمالها في بناء سد النهضة على النيل الأزرق بولاية بنيشنقول، قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية السودانية، على مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومترا، وعند اكتمال إنشائه، المرتقب في سنة 2017، سيصبح أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء.


وتقدر تكلفة البناء بـ 4.7 مليارات دولار أمريكي، وهو واحد من ثلاثة سدود تشيد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا.

وسيبلغ ارتفاع السد 170 مترًا (558 قدما) وبعرض 1.800 متر (5.906 أقدام) مكون من الخرسانة المضغوطة وسيكون لها محطتان لتوليد الطاقة الكهربائية، كل على جانبي قناتي تصريف المياه. محطتان للطاقة، يسرى ويمنى، سوف تحتوي كل منهما على 8 × 350 ميجاوات من توربينات فرانسيس والمولدات، ولدعم السد سيكون الخزان بطول 5 كم (3 أميال) و50 مترا (164 قدما) ارتفاع سد السرج، وسيسع خزان السد لحجم 63 مليار متر مربع من المياه.

ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الصراعات تتزايد حول المياه الإقليمية الأفريقية حيث تتجه إثيوبيا لبناء سد يبعد عن المصب المصري 1400 كيلو متر، وهو ما حذر من بناء سدود على نهر النيل الأزرق لما يمثل خطرا كبيرا على إمدادات مياه النيل لمصر وقد يقلل تدفق مياه النيل إلى دلتا النيل بنحو 25%.

وقالت صحيفة "ذي ريبورتر" الإثيوبية: إن الدولة بتشييدها سد النهضة قررت تحدي الاتفاقيات التي أبرمت في الحقبة الاستعمارية، حسب وصفها، والتي منحت دولتي المصب، مصر والسودان، حقوقا في مياه نهر النيل، حيث حددت لمصر 55.5 مليار متر مكعب والسودان 18.5 مليار متر مكعب من إجمالي 84 مليار متر مكعب، متجاهلة باقي دول حوض النيل الـثماني، التي تسعى بدورها إلى اتفاقية أكثر عدلًا.

ولفتت الانتباه إلى أن "مصر" في الماضي هددت بشن الحرب لحماية حقوقها التاريخية والتي حددتها، ما وصفتها الصحيفة، بالاتفاقات الاستعمارية عامي 1929 و1959.

وأوضحت أنه في عام 1970 بعد تولي السلطة العقيد الماركسي "منجستو هايلي مريام"، دعا خبراء من الاتحاد السوفييتي لدراسة إمكانية بناء السدود على روافد نهر النيل واستغلال مياهها، الأمر الذي استفز مصر وهددت وقتها بتدمير السدود بالقوة العسكرية.

لذلك، في عام 1979، اعتبر الرئيس الراحل أنور السادات مصير نهر النيل قضية تمس الأمن القومي، وقال وقتها: "إن القضية الوحيدة التي يمكن أن تدفع مصر للدخول إلى الحرب مرة أخرى هي المياه". في إشارة إلى خطط إثيوبيا للاستفادة من مياه النيل أكثر الموارد الطبيعية قيمة لديها.

وأشارت صحيفة السوداني إلى أنه بعد ساعات من إعلان إثيوبيا بناء سد النهضة في أبريل عام 2011، قامت السودان ومصر بالاحتجاج بشدّةٍ على السدّ بحجة أنه سيسبّب أضرارًا بالغة ويقلّل كميات المياه التي سيحملها النيل الأزرق لهما.

واقترحت إثيوبيا تكوين لجنة من عشرة أعضاء تشمل عضوين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا، وأربعة أعضاء آخرين من خارج دول حوض النيل لتنظر في أي أضرار قد تنتج من سدّ النهضة وتقترح الحلول اللازمة للتقليل من هذه الأضرار. قبلت السودان ومصر هذا المقترح بترحاب حار.

وكشف تقرير اللجنة عن وجود أخطار على مصر، وهو ما يعظّم موقف مصر الدولي تجاه أي تحركات بشأن سد النهضة، ويلزم إثيوبيا بالتعديل وفقا لقانون الدولي.

وأعلنت حكومة أديس أبابا أنها مستمرة في تجهيز موقع إنشاء السد، وسوف يستكمل العمل فور انتهاء موسم فيضان النيل الجديد نهاية الشهر بإثيوبيا، مشيرة إلى أن حكومة أديس أبابا تعتمد في تمويل إنشاء السد على المعونات الأجنبية في المقام الأول، رغم أنه يجب أن توجه لمكافحة الفقر وتحسين الصحة العامة وتوفير خدمات مياه الشرب والصرف الصحى للمجتمعات المحلية، وهى مشاكل اجتماعية تعانيها نسبة كبيرة من الشعب الإثيوبى، وفقا لصحيفة "ذا ريبورتر" الإثيوبية.

وذكر موقع "أوول أفريكا" الإثيوبي أن مصر وإثيوبيا كانتا في نزاع دبلوماسي على مدى أسابيع على بناء سد النهضة الإثيوبي، والذي يعتبر أكبر سد لتوليد الكهرباء في أفريقيا، ولكن مصر تواجه الآن اضطرابات سياسية داخلية، مما أثر على تحويل انتباهها، فيما تواصل إثيوبيا البناء الضخم لسد النهضة الإثيوبي على الرغم من الاحتجاجات الغاضبة في بعض الأحيان من مصر لمنع بناء هذا السد.

وأضاف الموقع أن إثيوبيا قالت إنها ستملأ الخزان بسعة 74 مليار متر مكعب من مياه النيل، وكان جواب مصر "كيف يمكن ملء الخزان دون التأثير على تدفق المياه في السنوات المقبلة على مصر وخصوصًا في فترات الجفاف؟" مؤكدًا أن إثيوبيا ماضية في البناء، حتى مع استمرار عمل خبراء البيئة والدبلوماسيين وتأكيدهم لأضرار السد لدول المصب.

وأفاد الموقع أن سد النهضة سيجعل إثيوبيا أكبر دولة مصدّرة للطاقة في أفريقيا خلال الأربع سنوات القادمة وسوف يكون طول السد 1708 أمتار وارتفاع 145 مترا، وسينتج 6000 ميجاوات من الطاقة، وسيكون هناك مشترون محتملون لتلك الطاقة ويشمل المشترون دول الصومال وأوغندا وربما أيضًا مصر، وسوف يتم الانتهاء من بناء السد في عام 2017 بتكلفة ما يقرب من 5 مليارات دولار.

ومن الدول التي تمول سد النهضة دولة الإمارات العربية المتحدة التي طلبت من الحكومة الإثيوبية تمويل السد بنسبة 70 % من تكلفة المشروع ولكن العمل بسرية، ولكن الآن الإمارات سحبت عرضها بتمويل سد النهضة في إثيوبيا وأوقفت تسليم أقساط التمويل إلى الحكومة الإثيوبية، بعد أن كانت قد سلمت أديس أبابا الدفعة الأولى من التمويل متذرعة بأنها تفضل الانتظار لحين وضوح الأمور وتحديد مصير الأوضاع في مصر.

ولقد جعلت الصفعة الإماراتية لإثيوبيا، تلجأ إلى قطر لتمويل مشروع السد، وستوافق الحكومة القطرية على العرض الإثيوبي مقابل شروط عديدة، منها مساندة الجانب الإسرائيلي الداعم الأقوى لبناء السد للانتقام من الحكومة المصرية، وستقوم إسرائيل بدور توزيع الطاقة وبيعها في المنطقة بعد بناء السد.
الجريدة الرسمية