رئيس التحرير
عصام كامل

نقطة الانطلاق.. الأمن والمسار الديمقراطى


الآن.. في هذه اللحظة الفارقة في مستقبل الوطن.. ونحن نتحسس مواضع أقدامنا على أعتاب المستقبل، في ظل أحداث جسام.. علينا أن نسلط حزمة الضوء على مشارف مستقبل الوطن، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها..

في ظنى أن نقطة الانطلاق إلى المستقبل ترتكز الآن على ركيزتين رئيسيتين.. الأولى سرعة تأهيل واستعادة عافية مؤسسات الدولة وفى مقدمتها المؤسسات الأمنية.. الركيزة الثانية تحديد مستقبل المسار الديمقراطى، ووضعية ودور القوى السياسية.
إذا بدأنا بالركيزة الأولى "المؤسسات الأمنية".. أرى أن مستقبلها يرتهن بما يسرى على مستقبل جميع قطاعات الدولة، التي يقول واقعها إنها تبدو في حالة تمدد أو ارتخاء أو ارتباك معتاد في المراحل الانتقالية التي يخيم عليها مناخ سياسي يغلب عليه تداخل الرؤى الذي يصل أحيانًا إلى حالة عدم وضوح الرؤى، لكنها سوف تعود للانضباط وتخضع للقانون والدستور عندما تكتمل مؤسسات الدولة، ببرلمان يمارس رقابته الصارمة، وحكومة منتخبة تفرض سيادة الدولة على كل فعالياتها الأمنية.. ومع ذلك ستظل عملية تصحيح كامل المسار للمؤسسات الأمنية في حاجة إلى وقت، ذلك لأن الانحرافات وآليات الاختيار والبنية الخاطئة والتكوين المهنى، والعقيدة الأمنية، بنيت على مدى سنوات طويلة وأجيال متعاقبة من الحكومات التي اعتمدت على الحلول الأمنية "فقط" لجميع مشاكل وأزمات المجتمع، وهو الأمر الذي يستحيل أن نزيله بين يوم وليلة.
أما الركيزة الثانية للانطلاق نحو المستقبل، وهو المسار الديمقراطى، فيمكن القول بداية إن المسار الديمقراطى قد شق طريقه بما يستحيل على أي قوة أن توقفه.. ليس لأن المؤسسة العسكرية أو غيرها يقبل ذلك، وإنما لأن مصر بعد ثورة يناير توزعت فيها مصادر القوة وولدت قطاعات شعبية وسياسية جديدة قادرة على أن تفاجئ الجميع بعنفوانها وغضبها، إذا فكر أحد في الانحراف بالمسار الديمقراطى.. ولذلك ينبغى أن يوضع كل ذلك في الحسبان، لأن الشارع السياسي الآن غير ذلك الذي عرفته مصر طوال تاريخها الحديث، ومن ثم يستحيل على أي قوة من أي تيار أو مؤسسة أن تستبد بأمر البلاد أو تقصى غيرها.
ومما يبعث على التفاؤل، أن توازن القوى في مصر الآن يجعلها مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لديمقراطية جديدة، لذلك فإنه على الجميع الإسراع بإعادة بناء نسيج الشراكة والمصالحة، لأنها الظهر الحقيقى والوحيد في وجه أي متآمر على حرية واستقرار وأمن هذا البلد.. على الجميع أن يبادر بتصحيح العلاقة مع مؤسسات الدولة، تلك العلاقة التي ساءت وتهتكت خلال العامين الماضيين.. على الجميع أن يبادر بتصحيح العلاقة مع الأمن، القضاء، الأزهر، الكنيسة، المؤسسة العسكرية، الأحزاب، الإعلام، المثقفين، وحتى منظمات المجتمع المدنى مهما طالها من اتهامات.. والأهم أن يتصالح كل منا مع نفسه!.
halemo_9@yahoo.com

نقلا عن جريدة فيتو
الجريدة الرسمية