رئيس التحرير
عصام كامل

لجنة لتبرئة "الإعلام المصري"


الشيخ محمد ـ جاري في المقطم منذ تسعة أعوام، واحد من مجموعة تضم أكثر من مليون شخص في مصر، لا يثقون فيما تذيعه وسائل الإعلام المصرية من أخبار ومعلومات وإحصاءات وأرقام تتعلق بثورة 30 يونيو، التي أراحت الجسد المصري من "سرطان الإخوان".


تخيلوا مثلا أنهم مقتنعون من أن الفضائيات المصرية، نسخت التجمعات البشرية لثورة 25 يناير 2011، وبثتها على أنها تجمعات تتبع ثورة 30 يونيو 2013، كما يكذبون حقيقة إفراج الرئيس المعزول عن الجهادي الإرهابي محمد الظواهري، مقابل تحرير 30 صينيا كانوا يعملون في مصنع أسمنت خاص بالقوات المسلحة في سيناء، واختطفتهم جماعة جهادية إرهابية.

كما لم يصدق جاري خبر منح الرئيس المعزول الجنسية المصرية لخمسين ألف فلسطيني بهدف شراء أراض في سيناء، والعفو الرئاسي عن مسجونين بجرائم جنائية بدعوى أنهم مسجونون سياسيون.

خسرت ساعة من النقاش مع جاري السلفي، وخسرت أيضا ثقته التي منحني إياها طوال الأعوام التسعة، ولم أكن أتوقع أن تفرقنا السياسة، بعد أن التقينا كثيرا على وجبة العيش وما هو أكثر من الملح.

الشيخ محمد صارحني بعدم ثقته في الإعلام، وقال ما يفيد أنني كنت المسمار الأخير - من وجهة نظره - في نعش هذا الإعلام.
كل هذا بسبب وصفي للشيخ محمد أفعال الرئيس المعزول، بأنها جرائم تستحق محاكمة عادلة، قد تتمخض عن سجنه مدى الحياة، إذا لم يكن "إعدامه".

بلغ غضبي من جاري العزيز مبلغا كبيرا، لكن حين جلست أمام شاشة التلفزيون في الليلة التالية، فوجئت بالزميل أحمد موسى على قناة "التحرير" يذيع عددا من الأخبار الصادمة، أهمها: نتيجة التحليل السلبية للـ "دي إن إيه" الخاص بالدكتورين محمد بديع ومحمد البلتاجي، ومقارنته بجثتي أسماء البلتاجي وعمار بديع، اللذين أعلن عن استشهادهما في أحداث فض اعتصام "رابعة".

تذكرت حديث جاري الشيخ محمد الذي يشكك هو وجميع المنتمين لتيار الإسلام السياسي، "إخوان، وسلفيون، وسلفيون جهاديون، وغيرهم"، يشككون فيما تذيعه وسائل الإعلام المصرية، وهنا بدرت إلى ذهني فكرة أطرحها هنا على الحكومة المصرية.

هذا الاقتراح عبارة عن تكليف لجنة تقصي حقائق محايدة، تضم في عضويتها: أطباء شرعيين، وخبراء جنائيين، وحقوقيين، من جميع الأجناس السياسية في مصر، شرط أن تكون الأغلبية للمنتمين لتيار الإسلام السياسي، وخاصة الإخوان، والمتعاطفين معهم.

فمن المؤكد أن هناك أطباء شرعيين وعلماء، وخبراء جنائيين، وحقوقيين، يتبعون جماعة الإخوان، كما أن حزب النور السلفي والدعوة السلفية عامة، لا تخلو من هذه الكفاءات، ولأن جاري الشيخ محمد ورفاقه لا يثقون أبدا في النتائج والأرقام والمعلومات التي تذيعها وسائل الإعلام المصرية، فمن الضروري أن تعلن نتائج اللجنة المقترحة على الهواء مباشرة بالصوت والصورة، على أن يكون أعضاء هذه اللجنة معروفين للعامة من المصريين، ومحل ثقة الأغلبية البشرية.

أعتقد أن هذا الاقتراح يصب في صالح جموع المصريين، الذين انقسموا على أنفسهم، لأسباب سياسية في المقام الأول، ولأسباب تتعلق بانتماءاتهم الأيديولوجية في المقام الثاني، وبذلك نكون قد أثلجنا صدورهم، وحققنا لجميع المصريين الذين يثقون في إعلامهم الوطني، قاعدة أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى، قال أولم تؤمن، قال بلى، ولكن ليطمئن قلبي"، وذلك على الرغم من الأخطاء الفادحة التي يسقط فيها الإعلام المصري، والضحالة التي تظهره أقل من مستوى مصر.
الهدف من اللجنة المقترحة، ليس تبرئة الإعلام، ولكن محاولة لتنزيه مصادر معلومات الوسائل الإعلامية.
barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية