رئيس التحرير
عصام كامل

حرب التتار


إنها أشرس حرب تخوضها مصر منذ حرب التتار، لقد حاربت مصر في ٥٦ و٦٧ و٧٣ وفقدت الآلاف من خيرة شبابها الطاهر ضد عدو واضح في عدائه، محدد في عدده وعتاده وأسلوب قتاله، كان لمصر الشرعية القانونية والدولية في صد ذلك المعتدى الأثيم، وكانت حروب محدودة الساحة والمدة لم تستهدف وجود مصر أو كيانها، أما أن يواجهنا عدو غادر في قلب مدن مصر وعاصمتها ويستهدف وحدة البلاد فتلك حالة مأساوية لم تمر بها مصر من قبل في تاريخها كله، إنه عدو تتارى ينشر الفوضى والدمار والحرائق ويضرب الآمنين بالرصاص الحى في مقتل، وهو عدو كاره لمصر ويبغض المصريين، يهدف لتدمير الوطن ودفعه للفوضى والهلاك والدمار.


إن مصر تواجه عدوًا شرسًا تشكل في عصابات إجرامية مسلحة، تتخذ من شعار غريب مريب يشبه شعار القراصنة عنوانًا، فقد وضعوا السيفين المتقاطعين الذي يحز الرءوس إمامًا ومرشدًا، فكان عنوان حقيقتهم وأسلوب تعاملهم، وكما أحرق التتار الحاقدون بغداد وألقوا بكتبها في دجلة، يحرق أحفادهم مصر الآن كما أحرقوا القاهرة في يناير ٥٢، وهم يدينون لمرشدهم بالسمع والطاعة والولاء اعترافًا منهم بحاجتهم لمن يدلهم ويرشدهم، فكأنهم قطيع من البلهاء حطوا من كرامتهم الإنسانية وسلموا عقولهم وإرادتهم وذاتيتهم له يقلبهم كما يقلب المغسل الميت طبقًا لوصفهم المقيت.

إنهم التتار الجدد الذين اتخذوا من الإسلام حصان طروادة لكى ينقل معركتهم إلى داخل البلاد المستهدفة، وقد فعلوها في مصر، وهم طبعة واحدة يستخدمهم الغرب المتآمر لضرب المنطقة العربية كلها سواء كانوا من جماعة البنا الإجرامية أو من جماعات السلفيين الوهابية، إنهم ما حلوا في بلد إلا حاق بها الخراب والدمار والهلاك، وانظروا إلى حال أفغانستان والصومال واليمن والجزائر وسوريا وليبيا والعراق ومالى، وها هم قد حاولوا بكل ضراوة أن ينفثوا سمومهم في مصر الطيبة فظهروا على حقيقتهم الدموية، وسيخيب مسعاهم في نهاية أمرهم، فلن تسقط مصر التي كان من قدرها أن تتصدى للتتار من قبل، فهزمتهم شر هزيمة، وقد تجددت المهمة ثانية، فسيكتبُ لها النصر.. كما كُتِب من قبل.

الجريدة الرسمية