رئيس التحرير
عصام كامل

«الصحف الأجنبية».. العنف يقضي على إمكانية التوصل لحل وسط بمصر.. واشنطن عاجزة عن اتخاذ موقف تجاه القاهرة.. أرض النيل تسقط في فخ حرب العصابات.. الإخوان تقود حربًا أهلية بإدارة خارجية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اهتمت الصحف الأجنبية بتطور الأزمة المصرية، حيث احتل الشأن المصري مقدمة افتتاحيات معظم الصحف الأجنبية الصادرة صباح اليوم الأحد.

وقالت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية: إن قتل ما يقارب من 600 شخص في أعمال العنف التي تشهدها مصر يقضي على إمكانية التوصل لحل وسط لحل الأزمة التي تعصف بأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.

وأشارت الصحيفة إلى وقوع أعمال عنف بين قوات الأمن وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وزعمت بأنها ترفض سياسات الإخوان ولكن الإطاحة بمرسي كانت انقلابًا.

ورأت أن من يرتكب عملية القتل مدرك لحقيقة أن كثرة الدماء تحول دون السير في الطريق السياسي، وأن الذين ارتكبوا عملية القتل لا يأبهون لو كرههم الناس بسبب ذلك، وأن العالم الخارجي لا يهتم بالعنف الذي يكتسح البلاد.

وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من كثرة عدد القتلى من أنصار جماعة الإخوان إلا أنه لا يوجد أي تعاطف معهم، فمعظم الشعب ينظر للإخوان على أنهم إرهابيون.

ونقلت الصحيفة عن الناشطة مني الطحاوي "أن الشرق الأوسط له خصوصية فالخيار هو بين الأنظمة القمعية التي تندلع الثورات ضدها وهي أنظمة علمانية أو شبه علمانية، وبين الإسلاميين، فالخيار بين فاشيين بالزي العسكري وفاشيين بقرآن".

ولفتت الصحيفة إلى أن اليسار الأوربي الذي يناصر الإسلاميين يجد نفسه حائرًا الآن، ولا باستطاعته أن يصنف الأمر لعدة أسباب فالإخوان المسلمين يرون دعوات الأمم المتحدة للحرية والسفر والعمل واستخدام موانع الحمل وحظر الاغتصاب الزوجي بأنه أداة لتقويض العائلة التي هي أساس المجتمع وأن توصيات الأمم المتحدة مقدمة لهدم المجتمع وإعادته للحالة التي كانت قبل الإسلام.

أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فأكدت أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تحاول الآن لعب دور متوازن في الأزمة المصرية، بإرسال رسائل تكتيكية، مع الحفاظ على نفوذها في المجتمع المصري المستقطب بشكل متزايد - حسب الصحيفة - لحماية مصالح الأمن القومي الأمريكي في المنطقة، والحفاظ على علاقة الولايات المتحدة الإستراتيجية طويلة الأمد مع مصر.

وأشارت الصحيفة، إلى أن أوباما طلب من فريقه للأمن القومي، تقييم الآثار المترتبة على الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة المصرية الحالية، والخطوات التي يمكن اتخاذها عند الضرورة.

وشددت على أن إلغاء الولايات المتحدة، شحنة المساعدات من الطائرات الهيلوكوبتر، جاءت للضغط على الجيش المصري، لإيجاد وسيلة لوقف عمليات العنف، والتحرك السريع لاستعادة الحكومة المدنية.

وأضافت أن أوباما اتُهم بالتردد والضعف تجاه مصر، في حين أن دول الخليج العربي وإسرائيل، عارضت عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان - حسب الصحيفة، موضحة أن إدارة أوباما فشلت في استخدام نفوذ الولايات المتحدة لصياغة الأحداث الأخيرة في مصر، وتضاءلت المصداقية الأمريكية ونفوذها، وأصبحت الخيارات السياسية الأمريكية مقيدة.

في حين، سلطت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية الضوء على تطورات الوضع في مصر والصراع التي تشهده البلاد الذي أسفر عن أعمال عنف اجتاحت عددًا من المحافظات.

وقالت الصحيفة: إن الصراع على مصر لم ينته بعد؛ مشيرة إلى أنه منذ عزل القوات المسلحة مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان، على يد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي استجاب لمطالب الثوار الذين نزلوا يوم 30 يونيو مطالبين بعزل مرسي لأنه لم يف بوعوده، وقعت البلاد في انزلاق شديد نحو الفوضى التي تسببت في أعمال العنف والاضطراب والتوترات التي تشهدها المدن المصرية ونجم عنها قتل المئات ولا يوجد أي دلائل على أن الصراع يقترب من النهاية بل يدخل في دائرة الاتساع.

ورأت الصحيفة أن الصراع القائم في مصر يرجع انحصاره في أمرين، الأول تحقيق الديمقراطية في إطار "إما الجيش أو جماعة الإخوان"، ومع أن الرئيس الإخواني كان انتخب بشكل ديمقراطي، فإن إطاحته من قبل الجيش جاءت بضغط شعبي تمثل بمظاهرات جماهيرية تطالب برحيله.

وذكرت: وثانيها أن (المهمة الملحة الآن هي إنهاء العنف والتوجه نحو المصالحة الاجتماعية، ولا تكفي إدانة الغرب العنف للمساعدة في تحقيق المصالحة وإنهاء العنف، فعليه أن يقدم أكثر من ذلك، وحين قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: إن أمريكا لن تتدخل في مصر إلى جانب أي من الأطراف فقد كان يعبر عن عجز بلاده)". 

بدورها، أشارت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، إلى أن مصر تنزلق في حرب عصابات ولا يوجد أمل يلوح بالأفق لنهاية ذلك، نظرًا لأن كل جانب في الصراع الداخلي يتمسك بموقفه في محاولة لتبرير عدد كبير من الضحايا، مشيرة إلى أن فرص استعادة الهدوء تذبل وتبدو أنها غير ممكنة.

وأشارت الصحيفة إلى انتشار الصراع والاشتباكات بين قوات الأمن وأنصار جماعة الإخوان في محافظات مصر، حيث شهدت الإسكندرية والفيوم ومحافظات الصعيد والسويس أعمال عنف وتوتر كبير ولا يوجد مدينة في مصر لم تتأثر بالاشتباكات الحالية حتى وصل عدد القتلى إلى 173 قتيلًا و1200 جريح منذ يوم الجمعة فقط.

وأضاف الصحيفة أن المعركة في مصر لم تصبح مجرد لعبة السلطة العنيفة بين جماعة الإخوان والجيش أو بين حركة احتجاجية والإخوان، ولكن تظهر بوادر حرب العصابات الخطيرة، حيث أفادت تقارير الجيش بوجود متطوعين من أفغانستان وباكستان والعالم العربي ونشطاء من جماعة الإخوان يحملون السلاح ما ينذر أن مصر تواجه حربًا أهلية بإدارة عناصر خارجية.

وتساءل الكاتب الإسرائيلى "يارون فريدمان": "هل من الممكن أن تتدهور مصر وتصل إلى مرحلة الحرب الأهلية الدائرة في سوريا؟".. وردًا على ذلك نفى الكاتب أن تصبح مصر مثل سوريا معتبرًا أن الجيش المصرى حماها من مخطط جماعة الإخوان.

وأشار الكاتب في تقرير له في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إلى أن الجيش المصرى رفض أن تصبح مصر حكرًا للإسلاميين ومنها تتحول تدريجيًا إلى الراعى الرسمى للمنظمات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط.

وقال "فريدمان" إنه خلافًا لسوريا فإن احتمالات انتصار الجماعة على الجيش ضئيل جدًا، لأن الجيش يحظى بتأييد واسع النطاق من جميع المعارضين للإسلاميين، خاصة في المدن الرئيسية الكبرى، فضلًا عن أن الجماعة لا تحظى بدعم خارجى مثلما في سوريا، وعلى الرغم من احتمالية تدخل "منظمة القاعدة " في ليبيا والسودان لترجيح كفة الجماعة بمصر إلا أنها لا يمكنها أن تنتصر أمام أكبر جيش عربي في الشرق الأوسط.

واعتبر الكاتب الإسرائيلي أن سيطرة الإخوان على حكم مصر ألهم فروع الحركة للسيطرة على الحكم في بلدان أخرى مما أثار قلقًا كبيرًا في العالم العربى، مضيفًا أن العلاقات بين الإخوان والجيش بدأت في التدهور بعد مقتل 16 جنديًا مصريًا على الحدود، وكذلك المخاوف التي طرأت على السطح مؤخرًا بأن الحركة الإسلامية تخطط للسيطرة على الجيش وفقًا للنموذج التركي لأردوغان.

ومضى الكاتب قائلا: إن اتحاد الجيش مع المعارضة جاء من الانتهاك الجسيم للرئيس المعزول "محمد مرسي" لمبادئ الديموقراطية وخاصة فيما يتعلق بالدستور الجديد، وذلك بالإضافة إلى عدم استجابة الإخوان إلى الضائقة الاقتصادية بمصر خلال فترة حكمهم، مما أنذر بكارثة اجتماعية واقتصادية في حال بقائهم.

وأكد الكاتب أن جماعة الإخوان لن تتنازل عن صراعها الحالى، فبعد أن وصلوا إلى قمة الحكم، فهم غير مستعدين لتقديم تنازلات بشأن تقاسم السلطة مع أولئك الذين أطاحوا بهم، فهم يريدون نشوب حرب شاملة.

واختتم قائلًا: "على الرغم من أن فرص الإسلاميين في الفوز ضئيلة جدًا فإنها من الصعب التقدير، كم من الوقت سيستغرق الجيش في القضاء على إرهابهم، مشيرًا إلى أنه بعد أن يتمكن من ذلك ويستطيع استعادة الهدوء في الشارع، سيتجه نحو مواصلة الحرب ضد الإرهاب في سيناء ومنع تسلل الجهاديين الذين يؤيدون جماعة الإخوان في مصر".

وذكرت القناة السابعة بالتليفزيون الإسرائيلي أنباء تداولتها صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية تفيد أن إسرائيل مارست ضغطًا على الولايات المتحدة حتى لا توقف الأخيرة المساعدات العسكرية لمصر، خوفًا على مصير اتفاق السلام بين البلدين.

ونقلت القناة عن نفس المصادر أن إسرائيل تحافظ على علاقات وثيقة مع السلطات المصرية، مؤكدة أن إسرائيل طمأنت القيادات في مصر بأن الولايات المتحدة لن توقف المساعدات العسكرية الأمريكية، وذلك بعد أن علمت من الإدارة الأمريكية أن الإدارة لا تميل إلى وقف مساعداتها لمصر على الرغم من مطالبة أعضاء في الكونجرس بذلك. 

وجاء ذلك بعد أن طالب بعض كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى بتجميد المساعدات الأمريكية لمصر، والتي تتألف من 1.3 مليار دولار في شكل مساعدات عسكرية و250 مليون دولار مساعدات اقتصادية.

وأضافت القناة في ذات السياق: أن أحداث العنف تتزايد في مصر لافتة إلى أن 173 شخصًا على الأقل قتلوا خلال الاشتباكات العنيفة التي دارت بمسجد الفتح أمس بعد تبادل لإطلاق النار بين عناصر الإخوان وقوات الأمن.

الجريدة الرسمية