رئيس التحرير
عصام كامل

سمير صبري المذيع الذي يجب أن نتعلم منه!

أمس عبرت بنا الذكرى الثانية لرحيل الفنان الشامل والمذيع القدير سمير صبري، الذي غيبه الموت عنا في الثاني والعشرين من مايو 2022.. بعد صراع مع المرض.. ذكرى رحيل سمير صبري تعيدنا لزمن جميل زاخر بالنجوم والمبدعين في كل مجال.. كما تعيدنا لفنان شامل ومثقف من طراز رفيع جمع في رشاقة واقتدار بين التمثيل والغناء، فضلًا عن كونه مذيعا ومحاورا لا يُشق له غبار..

 

وشتان بينه وبين بعض مذيعي  اليوم، الذين لا قبول لهم ولا تأثير ولا كاريزما ولا ثقافة ولا ملكات ولا قدرات تجذبك إليهم، ولا لغة سليمة ولا قدرة على إدارة حوار شائق دون وصاية أو توجيه للضيوف لتطويعهم في سبيل توصيل رسائل معينة، ربما تستفز المشاهد، وتفتقد المصداقية نظرًا لما يمارسه هذا المذيع أو ذاك من تلون ممجوج وأكل على كل الموائد بلا حياء ولا ضمير، وضعف الموضوعية وغلبة الزعيق والشتائم والفهلوة واستفزاز المشاهدين بتجاهل همومهم ومشكلاتهم الحقيقية.
 

أغلب مذيعى اليوم لا يجيدون فن الحوار ولا يعرفون أبسط قواعد اللغة، عربية كانت أو أجنبية. 
فارق هائل بين مذيع صنع للإعلام بريقًا وتأثيرًا وحضورًا قويًا في المشهد العام واجتذب جمهورًا محبًا، يتابع بشغف وحب ما يبثه الإعلام من رسائل هادفة تسعى للتنوير وتعميق الوعى والتعبير الصادق عن نبض الشارع وتوجهاته الحقيقية، دون تشويش أو تشكيك في كل شيء وأي شيء.


شتان بين مذيع كان ينتظره الجمهور وبين مذيع يتمنى المشاهد لو يتنحى غير مأسوف عليه؛ بين مذيع يبنى الوعى بثقافة متفردة وبين مذيع سطحى يعزف مع آخرين نغمة واحدة ويكرس للتفاهة والسطحية وإغفال الأولويات القصوى للوطن والمواطن.


شتان بين مذيع كان يمتع الناس كما فعل سمير صبري وبين مذيع يخدم أجندات يعلمها القاصي والداني، أجندات تخدم كل شيء إلا الشعب المطحون. ومن نافلة القول إنه لم يضبط واحدٌ من إعلاميي الزمن الجميل متناقضًا يقول الشيء وعكسه، ربما في حلقة واحدة كما يحدث اليوم.. 

 

ولا إعلاميًا شتامًا ولا جعجاعًا ثرثارًا ينهل من قاموس البذاءة والسفاهة ولا يعرف من الإعلام إلا السب واللعن والخوض في الأعرض، وانتهاك الخصوصيات مع انفجار بالوعة التسريبات، ولا عرفنا في الزمن الجميل إعلاميًا سطحيًا ولا أكولًا يستفز مشاعر الفقراء بأكلات لا يسمع عنها ولا يراها الغلابة إلا في منامهم أو في برنامج هذا المذيع.

متى يعود للإعلام بريقه؟!

من ينسى مذيعات بحجم ليلى رستم وبرنامجها الأثير نجمك المفضل الذي كان يستضيف ألمع وأشهر النجوم، ومن ينسى أمانى ناشد وبرنامجها المتميز كاميرا 9 وسهرة مع فنان.. من ينسى برنامج النادى الدولى ونجمك المفضّل وغيرهما.. أو ينسى المذيعة همت مصطفى والقدير محمود سلطان وأحمد فراج.. وغيرهم ممن صنعوا الوهج والتألق ومجد الإعلام المصرى في زمن الريادة الحقيقية والسبق الحق.


هؤلاء المبدعون وغيرهم كانوا يعملون في أجواء صعبة بتقنيات أقل تقدمًا، يحمل معاونوهم الكاميرات الثقيلة يتنقلون بها من مكان لآخر وينتشرون في أماكن الأحداث بحثًا عن سبق خبري ومعلومة صحيحة من مصادرها الموثوقة..

 

أما الآن فالإعلامي أو المذيع يعمل في استديو مكيف يعاونه فريق ضخم من المعدين يستقون معلوماتهم وتقاريرهم من البيانات الرسمية وما يجرى تداوله على السوشيال ميديا؛ ومن ثم تراجع التميز وانحسر الإبداع وشاعت النمطية والصوت الواحد الذي قتل الشغف عند الجمهور فتراجع دور الإعلام ومكانته وانصرف الناس إلى القنوات والمواقع إياها..

 

الناس تشعر أن مذيع اليوم لا يعبر عنها ولا يهتم بأحوالها وتطلعاتها ولا همومها وأحلامها ولا هو صوتها لدى المسئولين، ولا هو الرقيب المأمول على الحكومة وتصرفاتها والبرلمان وأعماله.. فلماذا يتابع الناس الإعلام ويضيعون وقتهم في شيء مكرر وممل وربما سخيف وأبعد ما يكون عن اهتماماتهم الحقيقية وأولوياتهم الحقيقية..

 

 

صدقوني بوصلة المتلقى لا تخطىء.. فإذا عزف المشاهد عن المشاهدة والمتابعة فالعيب يكمن فيمن يتصدرون الشاشات والمنصات الإعلامية وليس في وعى الناس وثقافتهم.. فهل يعود للإعلام بريقه ومصداقيته والأهم تأثيره في تشكيل رأي عام منضبط ومستنير!

الجريدة الرسمية