رئيس التحرير
عصام كامل

التسخين خارج الملعب.. تلك الدعوة إلى التأجيج!

الإحماء والتسخين في عالم السياسة والحرب غير الإحماء والتسخين في عالم الرياضة، ملاعب كرة وحلبات ملاكمة ومصارعة.. ففى عالم السياسة، حين تنفد كل الأدوات الدبلوماسية، ويصبح قرار الحرب حتميا لنيل الحقوق أو صد الأطماع.. 

 

يكون حشد الرأي العام وراء القرار السياسي بشن حرب وقائية، أو اتخاذ اجراءات دفاعية لها صفة الهجوم المحتمل، عملا اعلاميا مدروسا ومخططا له من قبل، والنموذج الاعظم هو الخطة الاعلامية التى جهزت واستخدمت في حرب أكتوبر العظيمة عام 1973، وكان وزير الإعلام وقتها الدكتور عبد القادر حاتم أبو الإعلام المصرى الرشيد.


لماذا ننبه هنا إلى دور الإعلام في تهيئة الناس لمواجهة تطورات ذات طابع عسكرى، قد تفرض علينا مواجهتها؟ ذلك ان أصواتا ناعقة تتصور أن صوتها الجعورى هو ما تحتاجه القيادة السياسية، وأنها ترشده، الى وجوب أن يكون حاضرا بقوة وأن تكشر مصر عن أنيابها، ولكي لايذهب بعيدا، يتحفظ الناعق بأنه لا يدعو للحرب، بل يقول افعلوا شيئا يعكس قوة مصر.. ويذكر بأن عملية السرب لقطع رقاب قتلة أبنائنا المصريين في لبييا جرت قبل أعوام بنداء إذاعى صارخ، استجابت له القيادة السياسية.


الإعلام الخاص

المذيع مذيع، المذيع ليس عالما في السياسة وفي الاقتصاد وفي الشئون العسكرية وفي الدين وفي العلاقات الزوجية، وفي أعمال السحر والشعوذة وفي المطبخ.. هو يلم بشئ من هذا كله، ويتخصص في واحد أو إثنين على الأكثر من هذا كله، وتسنده في إدارة الحوار ثقافة عميقة ومفردات وافرة، ومتابعة يومية لحظية لكل جديد في العالم، من سياسة واقتصاد وعلوم وغيرها مما يخدم لسانه وحواره عند التصدي لضيف ثقيل الوزن. 

 

لكن عندنا مصيبة كبيرة هى المذيع الشامل المفتى في كل فتة! نرصد موجة في الإعلام الخاص تضغط على صانع القرار، وتظهره كأنما هو منتظر هذا المذيع أو ذاك ليقول له إغضب، إصنع شيئا، زمجر لهم فيرتجفوا!


إعلام أحمد سعيد الحنجورى الكذاب، ذاك، قاد البلد إلى مصيبة، ندفع ثمنها حتى الآن، ومن أجل هذا يجب ألا يتصور أي إعلامى أنه يخدم الوطن بالتحريض على اتخاذ خطوات، نتيجة خلق أجواء محمومة شعبيا وغير صحية او حتى صحيحة. 

 

مصر دولة كبيرة، ولديها أجهزة معلومات ذات خبرة عريقة، وعندنا عقول وضعت الخطط، بتوقيتاتها وطوارئها، وفي الوقت ذاته تمارس مصر دورها المقدر عالميا بقوتها الدبلوماسية، وعبر الحدود تعلم إسرائيل ماذا يعني الجيش المصرى حاليا، وماذا صنع بهم قبل عقود في عام 1973.


على الإعلام المستقل أن يطرح المعلومات والقضايا ويستضيف الخبراء، وأن يتوقف المذيع عن دور الخبير العميق الغميق.. مارس دورك في الإعلام أي الأخبار والتنوير، لكن لا تصنع جلبة لا طائل منها، فتنحسر طلبات السفر للسياحة، ويتراجع السياح، ويرتفع سعر النفط، وتتوتر المنطقة بلا مبرر..

 


قيادة مصر السياسية والعسكرية تعرف ماذا تفعل، ولا تحتاج من يطلب منها أن تزأر، وأن تغضب.. 
كل فعل له ثمن ولابد أن يكون الفعل قاصما كاسحا في اللحظة التاريخية الصحيحة.. أما الذهاب إلى التأجيج بفعل حنجرة غبية تدعى العلم فقد انتهى زمنها مع هزيمة إعلام عبد الناصر.. نثق ثقة مطلقة في جيشنا وقياداتنا.. علما ووطنية وشجاعة وحكمة. الناس أعقل بحق من هذه الأصوات الناعقة!

الجريدة الرسمية