الرهان الخاسر للثورة المضادة!
السقوط المدوي لجماعة الإخوان المسلمين حكمًا وجمعية دينية ومشروعًا سياسيًا أدى بها – بعد أن عصفت بها الموجة الثورية في 30 يونيو والتأييد الشعبي الكاسح لخارطة الطريق التي اقترحها الفريق أول "عبد الفتاح السيسي"- إلى أن تقوم بدور الثورة المضادة!
والرهان الخاسر لهذه الثورة المضادة تمثل في الاحتشاد في ميادين "رابعة العدوية" و"النهضة"، ورفع الشعارات الزاعقة عن الشرعية والهتاف للرئيس المخلوع سعيًا وراء عودته إلى كرسى الحكم مرة أخرى، وعودة مجلس الشورى الباطل ليتحكم بالتشريعات المنحرفة في مصائر المصريين، وعودة رئيس الوزراء الفاشل "هشام قنديل" ليرأس الوزارة من جديد!
أوهام بالغة الغرابة نسجتها العقول الخربة لقيادات الإخوان المسلمين، الذين أثبتوا بما لا يدع مجالًا للشك أنهم يتمتعون بغباء سياسي نادر!
والدليل على ذلك أنهم يظنون – بعد أن استغلوا المواطنين البسطاء والنساء والأطفال – أنهم يمكن عن طريق هذه المظاهرات الغوغائية أن يعودوا ليحكموا الشعب المصري بالحديد والنار هذه المرة، بدلًا من رفع الشعارات الزائفة من أمثال "نحمل الخير لمصر"، أو الترويج للمشروع الوهمي عن "النهضة"، والذي كان في الواقع إعلانًا جهيرًا عن الإفلاس الفكرى لجماعة الإخوان المسلمين، والتي أكدنا مرارًا ومنذ سنوات بعيدة أنها لا تمتلك أي مشروع، ولم تنجب مفكرًا واحدًا له قيمة، وأهم من ذلك أن حديثهم وحديث حلفائهم عن "المشروع الإسلامى" ينطوي على مخاطر جسيمة فيما يتعلق بكيان الدول الوطنية، لأنهم لا يؤمنون بالحدود ولا بالتراث الوطني لكل شعب، لكونهم يسعون – بصورة خيالية مرضية- إلى إقامة خلافة إسلامية تذوب في جنباتها الأوطان والحدود!
واعترف للقارئ أنني أشفق إشفاقًا كبيرًا على إخواننا وأخواتنا وأبنائنا من المواطنين البسطاء الذين استطاع قادة الجماعة تزييف وعيهم، وملأ رءوسهم بالشعارات الدينية، بعد أن صوروا لهم – زيفًا وبهتانًا- أن المعركة ليست صراعًا سياسيًا بين الشعب الذي رفض استبداد الجماعة وبين قادة الجماعة الذين أصروا على الهيمنة المطلقة على الدولة استنادًا إلى ديموقراطية مزيفة، ولكنها معركة بين المؤمنين والكفار!
وطائفة المؤمنين –في عرفهم- هم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم وأتباعهم، أما الكفار فهم كل جموع الشعب المصري!
وهم –على غرار الرئيس المخلوع الذي كرر كلمة الشرعية في خطابه الأخير الخائب أكثر من أربعين مرة– ما زالوا يرفعون هذا الشعار الزائف، ويستخدمون العنف والإرهاب في محاولة يائسة لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء.
والواقع أن الذي منع السلطة السياسية من تنفيذ قرار فض الاعتصامات هو الحرص الشديد على الدم الذي سيسيل نتيجة استخدام أعضاء الإخوان للأسلحة التي خزنوها في الميادين لمقاومة الشرطة والقوات المسلحة.
والعجيب أنهم ما زالوا يتحدثون كذبًا عن أن اعتصاماتهم سلمية، مع أنهم احتلوا الميادين بالقوة والعنف، بل إنهم في ميدان النهضة أغلقوا أبواب جامعة القاهرة!
وفي تقديرنا أن ساعة الحسم اقتربت لأن الدولة لو تهاونت مع هذه الاعتصامات والمظاهرات الغوغائية فمعنى ذلك زوال سلطتها إلى الأبد.
لقد فوض الشعب القوات المسلحة للقضاء النهائي على العنف والإرهاب، وبقي أن يتم التنفيذ بالطرق القانونية التي تكفل تقليل الخسائر البشرية إلى أدنى معدل ممكن.
انتهى عهد استخدام الإخوان للنساء والأطفال كدروع بشرية مخالفة بذلك كل المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية. غير أن فض الاعتصام نتيجة رضوخ جماعة الإخوان المسلمين للإنذار الذي وجه لمظاهراتهم أو بالقوة لن ينهي مشكلة هذه الجماعة.
وذلك لأننا نحتاج إلى نصوص دستورية قاطعة تمنع تكوين الأحزاب السياسية على أساس ديني. ولا بد من تشكيل "مجلس دستوري" يضم مجموعة منتقاة من الشخصيات العامة تراقب ممارسة العملية الديموقراطية بعد إتمام الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، وذلك لأن حجة "الصندوق" الذي في ظله يمارس أي فصيل سياسي الحكم بصورة استبدادية كما فعلت جماعة الإخوان المسلمين قد سقطت إلى الأبد.
لا صوت يعلو على صوت الإرادة الشعبية الثورية!