رئيس التحرير
عصام كامل

تحليل رباعيات صلاح جاهين.. تعرض الفكرة والمذهب في شكل ومضات متحررة من أسر القافية.. وتكشف خلاصة تجارب الحياة

الشاعر الفنان صلاح
الشاعر الفنان صلاح جاهين

 رباعيات صلاح جاهين ــ رحل فى مثل هذا اليوم عام 1986 ــ التي بدأ كتابتها عام 1959 واستمر فيها على مدى أربع سنوات حيث اكتفى بما كتب في ديسمبر عام 1962، وقد بلغ عددها 150 رباعية نشرها رباعية رباعية في كل عدد من أعداد مجلة صباح الخير، وغناها فى النهاية على الحجار.

رباعيات صلاح جاهين المعمارية بمركز الإبداع الفني اليوم


 وكما كتب الأديب يحيى حقى في كتاب "رباعيات صلاح جاهين" يعرف الرباعية بأنها كلمات قصيرة تتناول في العادة موضوعا بعينه لكنها عند كاتبها تحتوى تجربته في الحياة ورؤيته للعمر والدنيا والقدر ومصير الإنسان دون أن يجمعها فكرة واحدة وإنما جاءت الرباعية كومضة متألقة تحررت من أسر القافية، فهى تتعلق بالرأى وحده دون صاحب الرأى فهى لا تنبئ عن شخصية كاتبها أو صفاته، وتقول الرباعية الأولى: مع ان كل الخلق من أصل طين /وكلهم بينزلوا مغمضين / بعد الدقايق والشهور والسنين / تلاقى ناس أشرار وناس طيبين.

Advertisements

أفضل القوالب الشعرية 

ويضيف الأديب يحيى حقى أن رباعيات صلاح جاهين هي أفضل القوالب الشعرية للفليسوف الذى يريد عرض فكره ومذهبه في شكل ومضات متألقة، فرباعيات صلاح جاهين هي صلاح جاهين..لكن إياك أن تظن إنك تستطيع أن تتبين أعماقه ، فهذا الحصى اللامع الذى تظن أنه في متناول يدك إنما هو غارق في قاع سحيق، وهذه الرباعيات ماهى إلى تعبير عن حزن مؤلفها على كثير من الأوضاع حوله يناقشها بأسلوب أليم لكنه ساخر.

الشاعر صلاح جاهين 

 جمع صلاح جاهين الرباعيات فى كتاب لا يزيد حجمه عن حجم كف الصبي الصغير والقارئ لا يشعر أن هذه الرباعيات تدور حول محور مرسوم مسبقا، بل هى وحي منوع وليد رأى فريد فى الحياة وفكرة لم تتمركز وظل يدور حولها.

"أنا شاب لكن عمري ألف عام".. حمدي الوزير: أشهر رباعيات صلاح جاهين كتبت لي| فيديو

الكاتب يحيى حقى 

 يقول يحيى حقى: أول ما تجده فى كلمات صلاح جاهين فى الرباعيات هو تعبيرها الصادق الظريف الخفيف الدم عن مزاج ابن البلد فى مصر، فصلاح ابن بلد مصفى لم يفسده تثقيف ولا تعليم ولا شهرة بل زاده رقة على رقة، لكن لا تحسب أن سبب صدق تعبير صلاح عن مزاج ابن البلد راجع الى ان الرباعيات مكتوب بالعامية، فالمضمون طغى على الشكل اللغوى حتى محاه، 

يحيى حقى يناقش الحزن في رباعيات صلاح جاهين

هدد اللغة الفصحى 

 وتابع حقى: والحقيقة أنه لم يهدد أحد اللغة الفصحى كما هددها صلاح جاهين، فقد وضع فى كيس واحد كل ما كتب من أغان وقصائد وأزجال ولن يصعب عليك أن تلقيه فى أول كوم زبالة يقابلك فى سوق التوفيقية، حتى بيرم التونسى لم يشكل خطرا على الفصحى لأنه اقتصر على الوصف، أما صلاح جاهين فقد رفع العامية بعد أن طعمها بالفصحى وثقافة المثقفين، فهى فى الحقيقة لغة ثالثة فى مقام اللغة التى تستطيع أن تعبر عن الفلسفة شعرا..وهذا خطر كبير فمع حبى لهذه الرباعيات أتمنى من صميم قلبى أن تكون عاقرا، فنحن فى غنى عن هذه البلبلة التى لابد وأن تصيب حياتنا الأدبية، فالإجادة فى هذه اللغة الثالثة ليست إلا فلتة من الفلتات لو استخدمها كل من هب ودب تحول غذاؤنا كله إلى بضاعة دكان تسالى لب وسودانى وفشار، لكن فى النهاية لا يمكننا تجاهل الرباعيات زالا كنا كالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال.

صلاح جاهين 

 تحررت رباعيات صلاح جاهين من أسر القافية كلها نزهة جميلة يخالط دعابتها حزن دفين لكنه رقيق يضع يده في يد الأمل فقال: سهير ليالى وياما لفيت وشفت / وفى ليلة راجع في الظلام قمت شفت / الخوف كأنه كلب سد الطريق / وكنت عاوز اقتله بس خفت.


كانت رباعيات صلاح جاهين وليدة الخلوة والحزن الرفيع وضع قلبه على يده ومده إلينا وقال كلوا من كنوزى، تذوقوها تجدوها لذيذة، ونقول له لقد أكلنا وشبعنا من هذه الكنوز إلى حد التخمة فهو لم يأت بجديد لكنه أتى بخير التراث المنتقل اليه مع بقية أموال الوقف التى أكل الدهر عليها وشرب حتى أصبح خلالها وسط العمارات الشاهقة المبنية بالاسمنت المسلح فى عصر الذرة نوعا من تحشم الشاكرين لربهم على الستر.

العيش ليس الحياة 

ولأن صلاح جاهين كان يخاف من العدم والفناء وظهر ذلك في كتاباته فهو يرى أن العيش ليس الحياة فحسب بل هو المتعة في هذه الحياة فكتب يقول: أحب أعيش ولو حتى في الغابات / أصحى كما ولدتنى أمى وأبات / طائر حيوان حشرة بشره بس أعيش / محلا الحياة حتى في هيئة نبات.


ويقول يحيى حقى: يصف صلاح جاهين نفسه بالبهلوان تارة وبالمرح أخرى إلا أن النغمة الغالبة على رباعياته هي الحزن المكتوم، وهو الذى يجمع بين الناس جميعا لأن صاحب الحزن قد مسته الحياة بضر في صحته أو في عواطفه أو رزقه وأماله، وقد أصبح هذا الحزن مألوفا لكن جاهين يأخذه بالسخرية فكتب يقول / يا حزين ياقمقم تحت بحر الضياع / حزين أنا زيك وأيه مستطاع / الحزن مبقالوش جلال ياجدع / الحزن زى الصداع والبرد.

خفيف الدم صلاح جاهين 

 يرى جاهين أن الأصل معدن خسيس يمثل الشر وفى قلب كل إنسان مضغة منه فيقول: يامشرط الجراح أمانة عليك / وأنت في حشايا تبص من حواليك / فيه نقطة سودا في قلبى بدأت تبان / شيلها كمان والفضل يرجع ليك، وعن الكذب واللوع كتب صلاح جاهين آخر رباعياته يقول فيها: علم اللوع أضخم كتاب فى الارض / بس اللى يغلظ فيه يجيبه الأرض / أما الصراحة فأمرها سهل / لكن لا تجلب مال ولا تصون عرض.

دعوة للتحذير من الحزن 

وقال صلاح جاهين أيضا في دعوة للتفاؤل والتحذير من الحزن الطويل: حاسب من الأحزان وحاسب لها / حاسب على رقابيك من حبلها / راح تنتهى ولابد راح تنتهى / مش انتهت أحزان من قبلها.
يقول حقى: بالرغم من خيبة الأمل ونظرة التشاؤم التى أظهرها صلاح فى رباعياته إلا أننى لم أجد هذا الرجل فى الغرب، بحثت عنه فى بلاد العالم التى زرتها فلم أعثر عليه، ذلك أن موطنه الشرق موطن الصحراء الممتدة والسماء الصافية والنجوم اللامعة، ويوجد منه فى الشرق الكثير حتى ألفته.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية