رئيس التحرير
عصام كامل

إعادة إعمار درنة، 6 أشهر على الإعصار وصراع الفرقاء يلقي بالمدينة المنكوبة إلى المجهول

درنة، فيتو
درنة، فيتو

أعلن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الثلاثاء الماضى، عن افتتاح شارع "الفنار" بمدينة درنة خلال الإفطار الرمضاني الجماعي الذي أقيم فى المدينة المنكوبة بالإعصار منذ سبتمبر الماضى، وجاء إعلان البرلمان الليبي عن تلك الفاعلية، عقب دعوة البعثة الأممية فى البلاد إلى "برنامج وطني منسق" لعملية إعادة إعمار درنة، بمناسبة مرور 6 أشهر على الفيضانات المدمرة التى ضربت المنطقة الشرقية.

ملف إعادة إعمار درنة الليبية

وتعصف بملف إعادة إعمار درنة، خلافات كبيرة بين الفرقاء فى الشرق والغرب، ويلقى كل طرف اللوم على الجانب الآخر، ومحاولة كل طرف الاستيلاء على المشروعات وإقصاء الطرف الآخر، فمن جهة تتهم حكومة الغرب التى يمثلها عبد الحميد الدبيبة، نظيرتها فى الشرق، وتحديدا إلى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي فى ظل تكليف نجله صدام حفتر بملف إعادة إعمار المدينة المنكوبة، ومن الشرق تخرج الاتهامات تجاه الغرب وتحمل الدبيبة مسئولية تعطيل ملف الإعمار، وتحميله تدهور الأوضاع على خلفية رفضه تسليم مهامه بعد انتهاء ولايته. 

 

وسط هذا وذلك وعلى الأرض، يقول الأهالي، إن "درنة على حالها منذ توقف الإعصار قبل 6 أشهر" باستثناء جهودهم الخاصة وبعض المتطوعين من شباب درنة والمناطق المجاورة، ولم يبدأ أي مشروع سوى مشروع توسعة مجرى وادي درنة.

درنة المدمرة تدفع ثمن الخلافات السياسية

المواطن العادي البعيد عن الصراعات السياسية، جعل إعمار درنة شمالي شرق يتصدر اهتمامات، نظرًا لفداحة الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالمدينة وأهلها، بالإضافة إلى17 بلدية بشرق البلاد، بعدما أدي "دانيال" إلى مقتل ما لا يقل على 4352 شخصًا، بالإضافة إلى آلاف المفقودين، وتشريد ما يقرب من 45000 شخص، فيما أشارت التقارير إلى أن نحو 8 %  من سكان درنة الليبية ماتوا أو فقدوا في الفيضانات، وربع أحياء المنطقة مُسح من خريطة الدولة بعدما جرفته السيول إلى المتوسط، في مدينة يقدر عدد سكانها بنحو 200 ألف نسمة، لتكون تلك الكارثة أسوأ الكوارث الطبيعية التي وقعت في تاريخ البلاد، ورغم فداحة الخسائر ظل الملف يراوح مكانه في ظل تنافس محموم بين حكومة تدير شئوت شرق البلاد، برئاسة أسامة حماد، وغريمه تهيمن على القرار فى الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، على إدارة مشاريع إعادة الإعمار.

ضحايا درنة، فيتو

وتشير التقارير الأممية، إلى أن الآلاف في عداد المفقودين حتى الآن، ويواصل الناجون صراعهم مع الألم لعدم معرفة أماكن دفن أحبائهم المفقودين، خاصة بعد أن هرعت حكومة الوحدة الوطنية بتعليمات أصدرتها حكومة الدبيبة حينها، لدفن آلاف الجثث في مقابر جماعية دون تحديد هويتهم، علاوة على عراقيل حكومية ترمى إلى تعطيل أي تحقيقات في الحادث المأساوي تحنيا لإشعال الغضب الشعبي.

 

وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، أعرب في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي منتصف أكتوبر الماضي 2023، عن قلقه إزاء الانقسام والتنافس بين القيادات الليبية حول إعادة إعمار درنة وضواحيها، داعيًا إلى تأسيس آلية وطنية موحدة لتقييم حجم الأضرار، وتنفيذ مشروع إعادة الإعمار، تجري تغطية تكلفته من الموارد الوطنية الليبية.

تحذيرات من استغلال كارثة درنة فى المكايدة

ويري المراقبون للشأن الليبي، أن مدينة درنة لا تهم بشكل كبير صانع القرار في العاصمة طرابلس لأنها ليست من ضمن اهتمامات إلا فيما يتعلق بكيفية جني ثمرات الفيضانات من مشاريع إعادة الإعمار، هذا وقد إضاف المحليين إلى أن كارثة الفيضانات التي حلت على درنة ليست الأسوأ في 2013 فقط بل الأسوأ في تاريخ ليبيا، من حيث حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية المهترئة والضعيفة، والتي لم تشهد أي تطوير منذ عشرات السنوات.

 

وتشير التقارير المتعلقة بالملف الشائك، أن أكبر عائق أمام إمكانية عودة الحياة بسرعة إلى مدينة درنة هو اتهامات الفساد المتبادلة الذي تعيشه الدولة الليبية، طرف يتهم حكومة حماد فى الشرق ومجلس النواب بالهيمنة على القرار، وطرف آخر يرى أنه في ظل حكم الدبيبة الذي يرفض تسليم الحكم بشكل سلمي، بالإضافة إلى صراع السلطة بين صانع القرار في طرابلس، أمور جميعها تحجب أي رؤية رؤية إستراتيجية حقيقية وواقعية ليس فقط لإعادة بناء تلك المدن أو ما تضرر منها وإعادة بناءها وتأهيلها، بل يعيق أيضا وضع خطط حقيقية وجادة لتفادي حدوث مثل هذه الكوارث.

اتهامات موجهة إلى حفتر والدبيبة

من جانبه قال بسام القنطار، الباحث اللبناني، المعني بالشأن الليبي في منظمة العفو الدولية في تقرير المنظمة الأخير حول كارثة درنة: "بعد ستة أشهر من الفيضانات، لم تحقق السلطات الليبية بشكل كامل بعد فيما إذا كانت الشخصيات العسكرية والسياسية النافذة قد تقاعست عن حماية حق الناس في الحياة والصحة وحقوق الإنسان الأخرى، مما أدى إلى وقوع مثل هذا الدمار والخسائر الفادحة".

حديث الباحث بالعفو الدولية، جاء في إشارة وإتهام مباشر للقائد الأعلى للقوات المسلحة العربية الليبية شرق البلاد المشير خليفة حفتر، متجاهلا فى ذات الوقت الاتهامات الشعبية الموجهة لحكومة الدبيبية بالتقصير ومحاولة الفوز بكعكة أموال التعمير.

اقرأ أيضا: 

النائب العام الليبى: سنلاحق كافة المتسببين في كارثة انهيار سدود درنة

على النقيض، قلل  المحلل السياسي الليبي، إسلام الحاجي، فى تصريحات سابقة لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، مما يردده البعض بأن ملف إعادة إعمار درنة سيعهد به حصريًا لهيئة الاستثمار العسكري التابعة لـ"الجيش الوطني"، بقيادة المشير خليفة حفتر، موضحًا أن، هذه الهيئة لا تملك شركات بناء لتنفرد بمثل هذه العملية الضخمة.

ويري المحلل السياسي الليبي، أن توظيف كل من الدبيبة وحفتر لملف إعمار درنة، سيترتب عليه لفت أنظار القوى الدولية والإقليمية لحجم الدور، الذي يلعبه كل منهما في ملف الإعمار، فضلًا على كونه دعاية سياسية مبكرة لهما في أنه يقدم شيئًا لأهالي المناطق المتضررة.

الغرب يستغل ملف درنة سياسيا

وعزز الكاتب والخبير الليبي أحمد خلدون، تلك النظرية، مشيرا إلى أن أمريكا تعمل بشتى الطرق على حماية حكومة الوحدة ورئيسها عبد الحميد الدبيبة كونه أحد أهم حلفاء واشنطن في الغرب الليبي، وتحاول الولايات المتحدة وفق قوله: إخفاء جميع الأدلة التي تدين حكومة طرابلس وتؤكد تقاعسها في حماية اللليبين، وتسعى لإلقاء اللوم على الغرب وتحميله المسؤولية الكاملة عن الحادثة، مستغلة الكارثة الإنسانية لتحييد أطراف لا ترغب فى وجودها بالمشهد السياسي.

 

ذلك المشهد المعقد، دفع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا، عبدالله باتيلي، إلى إعادة توجيه الدعوى للسلطات والجهات الليبية الفاعلة، أمس الأربعاء، إلى الدفع قدمًا وبشكل جماعي بعملية إعادة إعمارٍ درنة والمناطق المتضررة جراء العاصفة "دانيال"، والتركيز على الاحتياجات والمصالح العليا للأشخاص الذين تضررت حياتهم بشدة من هذه الفيضانات، جاء ذلك في بيان مشترك مع نائبته، منسقة الشؤون الإنسانية جورجيت جانيون، بمناسبة مرور 6 أشهر على الفيضانات المدمرة التي شهدتها المنطقة الشرقية جراء العاصفة.

ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

 

الجريدة الرسمية