رئيس التحرير
عصام كامل

المليارات توفرت.. قل لي فيم ستنفقها؟

الآن وقد توفرت، نظريا، خمسة عشر مليارا من الدولارات، سوف تدخل خزينة الدولة خلال هذا الأسبوع، والآن وقد توفرت عشرون مليارا أخرى من الدولارات، ستدخل خزينة الدولة بعد شهرين، نريد أن نسأل الحكومة: كيف ستنفقين هذه الأموال، وفيم سيكون إنفاقها؟ وما هو سلم الأولويات المطروح؟


لا مزايدة على أحد في طرح هذا السؤال، لأنه في حقيقة الأمر سؤال الشارع والبيت والمكاتب، حكومية وغير حكومية، إذ يخشى الناس من سوء التدبير، وسوء الإنفاق، وانقلاب سلم الأولويات. 
 

الحقيقة أن رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، ولا تغيب عنا سعادته عند التوقيع على صفقة الشراكة مع الامارات، حدد أن الصحة والتعليم سوف يحظيان باهتمام بالغ من الحكومة، وهذا أمر طيب واشارة تطمئن الناس، لكن وكما يعلم الدكتور مدبولي، بل وكل قيادات الدولة فان ما يحتاجه الناس هو حدوث تأثير فعلي على مستوى الأسعار والمعيشة.. 

 

وإذا كانت حجة التجار أنهم يشترون الدولار بسعر باهظ من السوق السوداء، فإن خمسة عشر مليارا ستكون متاحة خلال بضعة ايام، بل إن خزينة الدولة فيها وديعة اماراتية قدرها 11 مليارا، صارت بحوزة الحكومة المصرية.. 

يخشى الناس أن تتصرف الحكومة كما يتصرف الأب الذي هبطت عليه ثروة، فارتبكت أولوياته، وكان أيام الفقر المدقع يعرف ماذا يحتاج أولا ثم ثانيا ثم عاشرا، وحيث أن الشعب عاب علي هذه الحكومة استغراقها في بناء الجسور، ومد الشوارع والطرق، رغم أنها بنية أساسية لازمة، فإنه يخشى أن تعود ريمه إلى عادتها القديمة.. 

وهو موقف ووضع لا أظن أن الدكتور مدبولي ومجلس الوزراء، بل والدولة، يمكن أن يتبعوا السياسات نفسها التى ألقت بنا في مأزق قاس، عانى منه ولايزال كل بيت في مصر. 

ماذا بعد توفر الدولار؟


يريد الناس أن تحافظ الدولة على هذه الأموال بانفاقها في مكانها الصحيح، في تشغيل المصانع وتوفير احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج، وفي الافراج عن الأعلاف والبضائع المتراكمة، وينبغي أن يقترن حسن الإنفاق بالترشيد في الاستيراد.. 

 

ومن الافضل استمرار العمل بالقائمة التى تحظر شراء سلع ومواد وأدوات استفزازية. الفلوس للمصانع والمزارع والطعام واستكمال المشروعات. 
 

ويريد الناس من هذه الحكومة ألا تلجأ للقروض، بعد إتمام الاتفاق مع صندوق النكد الدولي، الذي سيضخ حوالي 12 مليار دولار.. مبالغ ضخمة سوف تنعش الحياة الاقتصادية، وتوفر فرص عمل في المشروع الأكبر بين مصر والإمارات في مدينة رأس الحكمة..
 

نريد أن تكون هذه الأموال نقطة إصلاح في السياسات وأدوات التنفيذ، بل وفي اتخاذ القرار بالأولويات، لأنه وبصراحة مطلقة، فإن الناس تعبوا وعانوا وفضحت الأزمة بيوتا كانت مستورة. 
يترافق مع كل هذه المطالبات الشعبية ضرورة توقيع العقاب الصارم على من يحتكر السلع ويخزنها، وأن تتولى حملات مكثفة مراقبة الأسواق، لأن المستهلك ليس فريسة تاجر لص..


نجحت الحكومة إذن في جذب استثمار هائل غير مسبوق إلى خزينة الدولة، وكما قال دكتور مصطفي مدبولي، فإن للرئيس السيسي ولرئيس الامارات الشيخ محمد بن زايد بطبيعة الحال، دورا مشكورا في بناء هذه الشراكة الكبرى..

 


مرة اخرى نهنئ، ونحذر من العودة إلى أخطاء الماضي، ولن يتحقق ذلك الإ بسياسات جديدة وأهداف محددة، ومشروعات تعلنها الدولة يحتاجها الشعب. وعرفنا جميعا أن لقمة العيش الغائبة تعمي الناس عن الأبراج السامقة!

الجريدة الرسمية