رئيس التحرير
عصام كامل

أبرز الأحداث التاريخية في شهر شعبان، فيه فرض صيام رمضان وتحويل قبلة المسلمين إلى الكعبة المشرفة، مولد سيدنا الحسين، وغزوة بني المصطلق

شهر شعبان، فيتو
شهر شعبان، فيتو

يعد شهر شعبان من الشهور المفضلة التي اختصها الله سبحانه وتعالى وأَوْلَاها من المنزلة بمكان؛ فمَيَّزه بمنزلة كريمة، ومكانة عظيمة، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يختص أيامه بالصيام؛ لكونها محلًّا لرفع الأعمال؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». 

 

 

وفي السطور التالية نسلط الضوء على أبرز الأحداث التي وقت في شهر شعبان والتي جاءت كالتالي: 

فرض الصيام في رمضان

حيث فرض الله تعالى الصيام على المسلمين في العاشر من شعبان من العام الثاني للهجرة، كما قال ابن كثير رحمه الله: “وفي شعبان فُرض صوم رمضان”، ولا بد من الإشارة إلى أن زكاة الفطر فرضت في نفس الوقت.

 

تحويل قبلة المسلمين إلى الكعبة المشرفة

حيث أمر الله تعالى المسلمين بتحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة، بعد أن كانت قبلتهم باتجاه بيت المقدس لسنة ونصف، وتم بذلك نسخ أوّل حكم شرعي، وضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في الاستجابة لأمر الله تعالى دون أي تردّد أو تأخير، حتى إن بعضهم بلغهم حكم تحول القبلة وهم راكعون في الصلاة فداروا كما هم باتجاه الكعبة.

 

غزوة بني المصطلق

حيث وقعت هذه الغزوة المباركة في الثاني من شعبان من العام الخامس للهجرة، وكان سببها أن بعض الأخبار وردت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفادها أن المشركين يتجمّعون لقتاله والقضاء على المسلمين، فأمر عليه الصلاة والسلام الجيش بالاستعداد، وباغت المشركين بالهجوم عليهم وهزَمهم، ومن الأحداث التي وقعت في هذه الغزوة افتضاح المنافقين الذين يسعون في إفساد المجتمع المسلم، من خلال الكذب، والتحريض، ونشر الفتن بين أبنائه، حيث حاولوا استغلال خلافٍ وقع بين المهاجرين والأنصار ليُشعلوا الصراع بين المسلمين، وقال رأس النفاق عبد الله بن أبي في ذلك اليوم قولته الخبيثة: “لئن رجَعْنا إلى المدينةِ ليُخرجَنَّ الأعزُّ منها الأذَلَّ”، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل مباشرةً وقال: (دَعُوهَا فإنَّهَا مُنْتِنَةٌ)، فدُفنت الفتنة في مهدها.

 

مولد سيدنا الحسين 

وفي شهر شعبان من رابعة سني الهجرة النبوية، ولد سبط النبي صلى الله عليه وسلم، وسيد شباب أهل الجنة، الحسين بن علي رضي الله عنهما، وكان لما ولد جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأذّن في أذنيه، ويروى أن النبي كان يصطحب معه الحسين إلى المسجد، وكان يقبله ويداعبه كثيرا.

غزوة بدر الموعد

وفي شهر شعبان من السنة الرابعة أيضا، كانت غزوة بدر الموعد، وذلك أنه لما انتهت معركة أحد، وقبل أن تنطلق قريش راجعة إلى مكة، وقف أبو سفيان بن حرب ونادى - مخاطبا المسلمين -  موعدكم بدر العام القابل، فقال النبي صلى الله عليه، لعمر قل له: نعم هو بيننا وبينك موعد إن شاء الله.

فلما كان شهر شعبان من السنة الرابعة جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيشا قوامه ألف وخمسمائة، وخرج حتى وصل بدرا فأقام عندها ثماني ليال، ينتظر قدوم جيش قريش، الذين أخلفوا الموعد، حيث رجع أبو سفيان من بعض الطريق، بعد أن خرج على رأس ألفي مقاتل، وكان في إخلاف أبي سفيان لهذا الموعد رفع لمعنويات المسلمين، وتعظيم لمكانتهم في نفوس القبائل العربية.

 

فضل ليلة النصف من شعبان

ثم اختصَّ سبحانه من هذا الشهر: ليلةَ النصف منه ونهارَها، وفضَّلهما على غيرهما من أيامه ولياليه، ورغَّبَ في إحيائها، واغتنام نفحها؛ بقيام ليلها وصوم نهارها؛ سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها، وما ينزل فيها من الخيرات والبركات.

وقد ثبت ذلك بنصوص الكتاب والسنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين ومَن بعدهم سلفًا وخلفًا، وعليه العمل إلى يوم الناس هذا.

 

الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان

فقد جاء في تفسير قول الله تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]: أنها ليلة النصف من شعبان؛ يبرم فيها أمر السَّنَة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاجّ؛ فلا يُزَاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد؛ كما نقل ذلك الإمام الطبري في "جامع البيان" (22/ 10، ط. مؤسسة الرسالة)، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" (10/ 3287، ط. مكتبة نزار)، والإمام القشيري في "لطائف الإشارات" (3/ 379، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب)، والإمام الكرماني في "غرائب التفسير" (2/ 1073، ط. دار القبلة)، والإمام البغوي في "معالم التنزيل" (4/ 172، ط. دار إحياء التراث)، وغيرهم من المفسرين.

 

الأحاديث التي تدل على فضل ليلة النصف من شعبان 

فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» أخرجه ابن ماجه في "السنن" واللفظ له، والفاكهي في "أخبار مكة"، وابن بشران في "أماليه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ» أخرجه ابن راهويه وأحمد في "المسند"، والترمذي وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعنها أيضًا رضي الله عنها أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «يَفْتَحُ اللهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان؛ ينْسَخُ فِيهَا الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ، وَيَكْتُبُ فِيهَا الْحَاجَّ، وَفِي لَيْلَةِ عَرَفَة إِلَى الْأَذَانِ» رواه الدارقطني في "غرائب مالك"، والخطيب في "الرواة عن مالك"، وابن الجوزي في "مثير العزم"، والديلمي في "الفردوس".

إلى غير ذلك من الأحاديث التي ذكرها الأئمة في مصنفاتهم؛ حتى إنهم أفردوا لها بالتصنيف أبوابًا مخصوصة في كتبهم؛ فبوب الترمذي وابن ماجه في "سننهما": (باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان)، وبوَّب ابن أبي عاصم في "السنة": (باب ذكر نزول ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان، وَمَطْلَعِهِ إلى خلقه)، وبوَّب البيهقي في "فضائل الأوقات"، والبغوي في "شرح السنة": (بَابٌ فِي فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ).

وأحاديث هذا الباب وإن كان في بعضها مقالٌ، إلا أنها في الجملة يقوِّي بعضُها بعضًا؛ لكثرة طرقها وتعدد رواتها؛ فيُحْتَجُّ بها؛ قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (3/ 364-367، ط. دار الكتب العلمية): [باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان.. فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء] اهـ.

أحكام الصيام في شعبان

وفي سياق متصل حرص مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على توضيح أهم أحكام الصيام في شهر شعبان، وذلك عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “ فيس بوك” والتي جاءت كالتالي:

شعبان شهر كريم، نبه سيدنا النبي ﷺ إلى فضله، وكان يُكثر الصوم فيه؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: «ما رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ». [متفق عليه]


يستحب الإكثار من الصيام في شعبان، وهو شهر تُرفع فيه أعمال العباد إلى ربهم، وَرَفْعُها حال صَوم العبد أَرْجَى لقبولها؛ فعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». [أخرجه النسائي]

 

حكم الصيام في النصف الثاني من شعبان

يجوز الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان لمن أراد صوم فرض كقضاء رمضان فائت وكفارة نذر، أو وافق الصوم فيه عادة له كصوم الاثنين والخميس، ولمن وصل صيام النصف الثاني منه بأيام من النصف الأول، أما ابتداء الصوم في النصف الثاني منه في غير الحالات المذكورة فلا يشرع؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا». [أخرجه الترمذي]


نهى سيدنا النبيُّ ﷺ عن صيام يوم الشك (وهو اليوم الثلاثين من شهر شعبان) بقوله: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» [متفق عليه]، ومن حكم ذلك الفصل بين النَّفل والفرض، للتَّقَوِّي على صيام رمضان، ولئلا يتعسف الناسُ فيصوموا يوم الشك احتياطًا فيُدْخِلُوا في رمضان ما ليس منه، وهذا ما لم يوافق هذا اليوم عادة أو قضاءً أو كفارة نذر.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية