رئيس التحرير
عصام كامل

شبح السوق السوداء يحاصر قطاع الدواء.. نقص الأصناف أزمة جديدة تهدد صحة المصريين.. ورئيس الشعبة: ننزلق إلى مشكلة صعبة.. وتغيير ثقافة المصريين هو الحل

قطاع الدواء،فيتو
قطاع الدواء،فيتو

تعيش مصر مشكلة صعبة، تعد أخطر تداعيات الأزمة الاقتصادية، وأصعب انعكاسات تدهور سعر الصرف للجنيه أمام الدولار، وهى نقص الأدوية، الأزمة التى تزايدت بشكل ملحوظ وتفاقمت بشدة خلال الأشهر الماضية، وأصبح لها تأثير سلبى كبير على رعاية المرضى وعواقب لا تحمد عقباها على صحة المصريين والمجتمع بأكمله. ورغم خطورة المشكلة إلا أنها لا تزال بدون حلول جذرية تتناسب مع مخاطرها، كما لا توجد مقترحات تساهم فى مساعدة صانع القرار بفهم أفضل للمشكلة من خلال نقل آراء كل عناصر الصناعة والمستهلك من كل الطبقات. من أجل ذلك تطرح «فيتو» آراء عناصر الصناعة فى سياق ملف خاص، يبحث فى أسباب نقص الأدوية وانعكاسات انخفاض قيمة العملة والاعتماد المفرط فى استيراد مدخلات الإنتاج، وممارسات التوزيع غير القانونية، والبيروقراطية المفرطة والإجراءات المعقدة، ومشاكل التصنيع، وسوء إدارة سلسلة التوريد، وندرة المواد الخام.

وتكشف “فيتو” أسباب استمرار الأزمة على الرغم من أن الحكومة بذلت العديد من الجهود لمعالجة نقص الأدوية، لكن الفجوة تزيد من آلام المرضى وتهدد بما هو أكثر خطورة للجميع ولذلك ندق ناقوس الخطر ونطرح الملف لجميع الجهات الفاعلة على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

عجز الدولار طال كل شيء ويهدد المصريين من كل الاتجاهات والأصعدة، لكن الأخطر الزحف على سوق الأدوية، حيث يواجه سوق الدواء خطرًا غير مسبوق، وزادت شكاوى المواطنين من نقص بعض الأدوية الحيوية ما يدفعهم لتوفيرها عبر اللجوء إلى السوق السوداء، وسط ارتفاع حاد فى أسعار بعض الأصناف.

وأكد الدكتور على عوف رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الأدوية تعد من السلع الاستراتيجية ونقص أى نوع فيها يعد مسألة أمن قومى، مضيفا أن هذا الملف فى بؤرة اهتمام جميع أجهزة الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة والحكومة.

وأكد أن هيئة الدواء أيضًا حريصة على متابعة تحركات الدواء فى السوق المصرى، سواء فى مجال التصنيع أو التوزيع، وهناك حرص شديد جدا منهم ألا يحدث نقص فى أى دواء لمدة تزيد على 6 أشهر للصناعة الوطنية، و3 شهور للأدوية التى ليس لها مثائل محلية.

وتابع الدكتور على عوف مؤكدا أن هناك لجنة مشكلة من رئاسة الوزراء ووزارة الصحة وهيئة الدواء المصرية وهيئة الشراء الموحد ووزارة المالية والبنك المركزى والمستشفيات الجامعية، تنعقد كل أسبوع، ويتم من خلالها تدبير النواقص حسب الأولويات، والأدوية التى ليس لها مقابل فى المقدمة وأدوية الأمراض المزمنة، ثم باقى الأدوية.

وأشار رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية إلى جهود لبحث توفير المادة الفعالة لأى دواء مستورد داخل البلد لدعم الصناعة الوطنية، فإذا كان هناك مثائل أدوية بنفس المادة الفعالة أحدهما مصرى والآخر مستورد فالأولوية تكون للمصرى لتنمية التصنيع الدوائى فى مصر وتحفيز المصانع على التصنيع والإنتاج.

أضاف: وهذا سينتج عنه تقليل كميات الدواء المستورد وتقليل سعر الدواء داخل السوق للمريض، وهى المنظومة التى نعمل عليها حاليا.

ولفت عوف أنه حتى هذه اللحظة الأمور مستقرة ولا توجد أى أزمات فى توافر الأدوية بالسوق المصرى، لكن تدبيرها يعتمد على كمية تضخ من البنك المركزى، وبالتالى تحرص غرفة صناعة الدواء على تجميع احتياجات الشركات ثم إرسالها إلى اللجنة ورئاسة الوزراء بحيث يتم توفير العملة للأدوية.

ولفت على عوف إلى أن هناك خامات محتجزة فى الموانئ لم يتم الإفراج عنها حتى هذه اللحظة، لافتا إلى أنه تم إرسال خطاب إلى رئاسة مجلس الوزراء بالمواد الخام الموجودة، بحيث يتم إسراع عملية الإفراج عنها، خاصة أننا ننحدر إلى أزمة لا نستطيع تحديد ملامحها لكنها قريبة جدا منا، خاصة مع تصاعد إشكالية باب المندب التى ستفرض قيودا كبيرة جدا على صناعة الدواء.

أكمل: المراكب الآتية من الهند والصين ستتأثر بشكل كبير جدا، والشحن البحرى عموما كان يتم اللجوء إليه لرخص أسعاره عن الشحن الجوى، ومضيق باب المندب هو الممر الأسرع، ووجود أزمة هناك ستجبر المراكب على الاتجاه إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وسيتسبب هذا فى تأخير مدة الوصول إلى شهرين وثلاثة أشهر، بالإضافة إلى التكلفة العالية، بجانب أن شركات التأمين رفعت سعر تكلفة التأمين على الشحن.

نقص الأدوية

وعن أزمة نقص الأدوية، أوضح رئيس شعبة الأدوية أن تتفاقم بسبب ثقافة الشعب المصرى وعادات الأطباء فى كتابة الاسم التجارى للدواء، أما على أرض الواقع فكل دواء له مثيل من نفس المادة الفعالة، ففى أوروبا وأمريكا يتم اعتماد الاسم العلمى فى كتابة “الروشتة” وليس الاسم التجارى.

وأضاف: على سبيل المثال يشتكى بعض الناس من نقص دواء “البنادول” لكن هناك 50 شركة تنتج نفس المادة الفعالة للبنادول وهى “الباراسيتامول” وبأسعار أقل من البنادول، وبالتالى أزمة نقص الأدوية غير موجودة فى مصر، لأن المواد الفعالة موجودة فى شركات أخرى، ولكن المشكلة الأكبر فى الثقافة.

وتابع: أدوية السكر والضغط وخلافه يتم استيرادها بكميات محددة لذا يجد بعض الناس أنها غير متوفرة لكنها موجودة فى بعض الأماكن مثل صيدليات الشركة الوطنية لتجارة الأدوية ويتم صرفها بالروشتة وبطاقة الرقم القومى، ولها أيضًا بدائل كثيرة فى السوق المصرى.

أزمة الألبان العلاجية

وأكد الدكتور على عوف أنه لا توجد أى أزمة تخص الألبان بشكل عام، سواء ألبان الأطفال أو الألبان العلاجية الخاصة بمرضى التمثيل الغذائى، لافتا إلى أن قصة الألبان تعتبر ملحمة تؤكد أن هذا البلد يعمل بالفعل لصالح المواطن.

تابع: اللبن الموجود فى السوق نوعان، أحدهما مدعم من وزارة الصحة وهيئة التأمين الصحى، ويتم تصنيعه بأيد مصرية 100% وهو “لاكتو” الذى أعيد افتتاحه وتأهيله عام 2014، وعبوة اللبن التى ينتجها من 2014 حتى 2024 سعرها ثابت 5 جنيهات على الرغم من ارتفاع الدولار وارتفاع التكلفة، كانت تكلفة إنتاج عبوة اللبن فى 2014 عشر جنيهات، وفى 2024 أصبحت تكلفتها على الدولة 100 جنيه، لكنها تباع بنفس السعر المدعم وتتحمل الدولة فرق التكلفة.

أما الألبان غير المدعمة التى تخضع لسعر السوق فتزيد وتقل مع ارتفاع وانخفاض الدولار، لذا لا يتم التحكم فى أسعارها، لافتا إلى أنه من الأفضل عدم إخضاعها إلى التسعيرة الجبرية، لأن الشركات سترفض طرحها إذا تم تحديد أسعارها، لكن الأزمة الموجودة حاليا هى فى شركة واحدة لها حصة 40% من السوق المصرى، ومشكلة هذه الشركة أن الوكيل الذى كانت تتعامل معه أعلن إفلاسه فاضطرت للجوء إلى وكيل جديد وهنا يجب البدء فى إجراءات جديدة من التسجيل والطرح وخلافه، ما أحدث فجوة فى فترة ما، لكن هناك أيضًا بدائل كثيرة لهذا النوع من اللبن فى السوق المصرى.

وأكد أن اللبن بأنواعه سواء علاجى أو لبن عادى موجود والدولار لا يمثل أزمة له لأنه لا يخضع للتسعيرة الجبرية.

ومن جانبه أكد الدكتور محمد أشرف خبير التصنيع الدوائى، أن الفترة المقبلة ستشهد ارتفاعا كبيرا فى أسعار الأدوية، وهذا يجرى على كافة السلع وليس الدواء فقط، فالأسعار الموجودة حاليا كانت مسعرة على الدولار بـ16 جنيها، والآن الدولار يقارب الـ70 جنيها.

وأضاف: هناك سيناريوهان إذا لم يتم إيجاد حلول فورية للأزمة، إما ارتفاع أسعار الدواء، أو ستزيد النواقص فى بعض الأدوية، لأن البنك المركزى لن يستطيع توفير الاحتياجات بالسعر الموجود حاليا، على الرغم من أنه يحاول توفير الأولويات لكن سيظل هناك عجز فى بعض الأصناف.

وتابع خبير التصنيع الدوائى بأن ما يحدث الآن هو أزمة عالمية موجودة فى العالم كله وليس فى مصر فقط، فهناك نقص فى سلاسل الإمداد والتموين التى تؤثر على عملية التصدير، وهناك مشكلات فى البحر الأحمر ونقص فى إيرادات قناة السويس، وهناك حرب فى غزة التى أثرت على حركة السياحة، وهذا يتطلب التكاتف والمرور من هذه الأزمة بدون إلقاء كل طرف اللوم على الطرف الآخر، فمن يفعل ذلك فى ظل هذا الوضع الخطير فهو ليس مصريا.

وأضاف أن تحريك الأسعار يحدث بصورة عشوائية ولا تعتمد على آلية واضحة، وهذا لا بد من تغييره الفترة المقبلة، لافتا إلى أن المواطن المصرى له دور أيضًا فى حل الأزمة من خلال شراء الدواء المصرى وبدائل الأدوية المستوردة بنفس المادة الفعالة، لافتا إلى أنه تم إجراء العديد من الاختبارات والتحاليل داخل وخارج مصر على الدواء المحلى وبديله المستورد وثبت أنهما نفس الفعالية ونفس المادة الفعالة، وهنا سيتم توفير العملة الدولارية ودعم الصناعات الوطنية.

وشدد الدكتور أشرف على ضرورة أن يكون هناك تسعيرة موحدة، وإعادة تسعير الدواء المصرى، بحيث يكون مقاربا للدواء المستورد، ولا يزيد سعر المنتج المستورد عن المصرى بنسبة أكثر من 25%.

وشدد على ضرورة أن يكون القرار الأول لرئيس هيئة الدواء خلال تلك الفترة هو علاج التشوهات السعرية بين الدواء المصرى والمستورد، لافتا إلى ضرورة فتح السوق وإعطاء الفرصة لجميع الشركات للعمل ودعم صغار المستثمرين والمصنعين.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية. 

 

الجريدة الرسمية