رئيس التحرير
عصام كامل

التضخم يغتال الدول، تآكل ثروات الشعوب على حساب الأزمات، فنزويلا وزيمبابوي والأرجنتين على رأس قائمة المتضررين عبر التاريخ

شبح التضخم، فيتو
شبح التضخم، فيتو

تسبب شبح التضخم في السيطرة على العديد من اقتصاد الدول، وساهم في انهيارها على مدار عقود من الزمان، في ظل الأزمات المتتالية التي تعرضت لها الدول خلال السنوات الماضية، والتي كان أصعبها مع بداية الحرب ما تشهده دول العالم خلال القرن الـ 21، وهذا ما يجعل الكثيرين يقارنون ارتفاعات الأسعار، بما شهده العالم في العقود الماضية.

 

شبح التضخم يغتال الدول

وبالرغم من أن معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية شهدت ارتفاعات كبيرة في سبعينيات القرن الماضي، والتي ظلت أعلى من 6% على مدار 10 سنوات، حيث بلغت 14% في عام 1980، بينما وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة واليابان إلى ذروته التي سجلت أعلى من 20%، ولم تقف معدلات التضخم عند الدول العظمى فقط، ولكنها كان لها أثر كبير على الأسواق الناشئة ومنخفضة الدخل، حيث تعد فترة التسعينيات أسوأ الفترات التي مرت بهذه الدول، مما جعل معدلات التضخم تتخطى حاجز 40% في أكثر من 40 دولة حول العالم، مما جعل بعضها يسجل فيه معدلات التضخم 1000%.

 

 

التضخم العالمي، فيتو

مواجهة الزيادات الكبيرة في الأسعار

ومع بداية عشرينيات القرن الحالي، وبالتحديد بداية من عامي 2021 و2022، ظهرت العديد من المؤشرات التي تبعث قلقا كبيرا للاقتصاد العالمي، وسط عدم قدرة حكومات الدول في وضع سياسات تعمل من خلالها على مواجهة الزيادات الكبيرة في الأسعار، نتيجة تداعيات جائحة كورونا، ومرورا بالحرب الروسية الأوكرانية.

 

تفاقم أزمة الاقتصاد العالمي

ومع دخول العالم في عام 2024، وسط آمال كبيرة لتراجع معدلات التضخم، تسبب العدوان الاسرائيلي على غزة في تفاقم أزمة الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى دخول الحوثيين على الجبهة ومنع السفن التجارية من التوجه إلى الموانئ الإسرائيلية، مما نتج عنه أزمة في الشحن بالبحر الأحمر، مما جعل هناك العديد من التوقعات للمؤسسات المالية العالمية، بارتفاع التضخم في حالة استمرار أزمة الشحن، مما يجعل السفن تضطر للعبور من رأس الرجاء الصالح واستغراق فترة كبيرة للوصول، مما ينعكس عليه زيادة تكلفة الشحن. 

الاقتصاد العالمي، فيتو

وعلى مدار السنوات الأخيرة، تسببت الأزمات العالمية في تعرض العديد من دول العالم لزيادة كبيرة خرجت عن السيطرة، بنسبة تخطت 50% في الأسعار، خلال فترة زمنية قصيرة، مما نتج عنها تراجع قيمة العملات المحلية والتعرض لعدم الاستقرار الاقتصادي فيها.

 

دول شهدت ارتفاعات قياسية لمعدلات التضخم

وقال صندوق النقد الدولي، إن حوالي 4 دول شهدت ارتفاعات قياسية لمعدلات التضخم في عام 2024، والتي تجاوزت 100%، موضحا أن هذه الدول هي فنزويلا وزيمبابوي والسودان والأرجنتين، حيث سجل معدل التضخم في هذه الدول كالتالي، فنزويلا 360%، زيمبابوي 315%، ثم السودان 256%، والأرجنتين 122%.                                                                                    

 

فنزويلا تتعرض لأكبر سلسلة ارتفاعات في الأسعار

وتعرضت دولة فنزويلا لأكبر سلسلة ارتفاعات في الأسعار خلال 2023، مما جعلها تشهد أعلى معدل تضخم في العالم وسط زيادة سنوية في أسعار المستهلكين تقدر بنحو 360% على مدار العام، ويأتي هذا بعدما سجلت في عام 2018 تضخما تاريخيا، وصل إلى 130000%.

التضخم في فنزويلا، فيتو

وتسببت معدلات التضخم التي تعرضت لها هذه الدولة، في استخدام الدولار الأمريكي في المعاملات بين المواطنين في مع تراجع ثقتهم في العملة المحلية المتقلبة.

 

التضخم في المجر يسجل رقم قياسي

وكشف دليل روتليدج للأحداث الكبرى في التاريخ الاقتصادي، أن هناك عدة دول سجلت حالات تضخم مفرطة على مدار التاريخ، والتي يأتي من أبرزها المجر ويوغوسلافيا وزيمبابوي، حيث شهدت المجر مستويات قياسية في التضخم خلال الفترة من من أغسطس 1945 إلى يوليو 1946، وكانت وقتها الأسعار تستغرق نحو 15 ساعة للارتفاع، ما جعل التضخم يزيد يوميا بمعدل 207%.

التضخم في المجر، فيتو

وحدث التضخم المفرط في المجر عندما حاول صناع القرار إعادة الاقتصاد إلى المسار الصحيح بعد الحرب العالمية الثانية، فاستخدمت الحكومة التضخم كضريبة على مواطنيها للمساعدة في دفع تعويضاتها بعد الحرب وتسديد المدفوعات للجيش السوفياتي.

 

أثرت الحرب العالمية الثانية على اقتصاد المجر بشكل كبير، حيث جعلت نصف قدرتها الصناعية مدمرة وبنيتها التحتية في حالة فوضى، ما جعل هدف الحكومة تحفيز الطلب الكلي لاستعادة القدرة الإنتاجية، التي تسببت في تضخم مفرط.

 

وبدلًا من محاولة السيطرة على التضخم من خلال خفض المعروض النقدي وزيادة أسعار الفائدة، قررت الحكومة ضخ أموال جديدة عبر القطاع المصرفي لتمويل أنشطة ريادة الأعمال، للمساعدة في استعادة القدرة الإنتاجية والبنية التحتية والنشاط الاقتصادي.

 

وتمكنت حكومة المجر من استعادة القدرة الصناعية إلى سابق قدرتها قبل الحرب بحلول الوقت الذي عاد فيه استقرار الأسعار أخيرًا مع إدخال الفورنت، وهي العملة المجرية الجديدة، في أغسطس 1946.

 

التضخم في زيمبابوي تسبب في تفاقم الأوضاع

شهدت دولة زيمبابوي تضخما مفرطا خلال الفترة من مارس 2007 إلى منتصف نوفمبر 2008، حيث كانت الأسعار تتضاعف كل 24 ساعة، ما جعل التضخم يبلغ 98% يوميا.

التضخم في زيمبابوي، فيتو

بعد حصول زيمبابوي على استقلالها عام 1980، اتبعت الحكومة سلسلة من السياسات الاقتصادية التي تميزت بالحكمة المالية والإنفاق المنضبط، لكن في أواخر 1997، بدأ الإنفاق الحكومي المسرف في إثارة المتاعب لاقتصادها، وواجه صناع السياسة عددا متزايدا من التحديات، بما فيها الاحتجاجات الجماهيرية ضد الضرائب المرتفعة والمدفوعات الكبيرة المستحقة لقدامى المحاربين، بالإضافة إلى مقاومة لخطة الحكومة للاستحواذ على المزارع المملوكة للبيض لإعادة توزيعها على الأغلبية السوداء.

 

وتفاقم الوضع المالي للدولة بالإضافة إلى أزمة العملة، حيث انخفض سعر الصرف، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الواردات، ما نتج عنه التضخم المفرط.

 

التضخم في يوغوسلافيا الأعلى عالميا في التاريخ

أما بالنسبة لدولة يوغوسلافيا، والتي شهدت حالة تضخم مفرط في الفترة من أبريل  1992 إلى يناير 1994، حيث كانت الأسعار تستغرق 1.41 يوم لتتضاعف، وبلغ التضخم اليومي 64.6%، فيما سجلت الدولة أعلى تضخم شهري بمعدل 313 مليون في المئة.

5 ملايين دينار يوغوسلافيا، فيتو

 ومرت يوغوسلافيا بمستويات تضخم قياسية في أوائل عام 1992 بعد تفككها واندلاع الحرب بين كرواتيا والبوسنة والهرسك، لتسوء الأمور عام 2000 بعدما ترددت أصداء تأثير مبادرات الإصلاح الزراعي الحكومية من خلال الاقتصاد، بجانب عدة عوامل، مثل سوء الإدارة الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي والصراعات الإقليمية.

 

ومع تزايد معدلات التضخم انخفضت الثقة في الدينار اليوغوسلافي، وتوقفت الشركات عن قبول العملة الوطنية، وأصبح المارك الألماني العملة التي يعتمد عليها الناس، فرضت الأمم المتحدة حظرًا تجاريًا دوليًا على الجمهورية الاتحادية بين مايو 1992 وأبريل 1993.

 

وتسببت العوامل السابقة في تفاقم مشكلة انخفاض الإنتاج، التي كانت أقرب إلى هلاك القدرة الصناعية للدولة، ومع انخفاض الناتج وانخفاض الإيرادات الضريبية، تفاقم العجز المالي للحكومة، حيث ارتفع من 3% من الناتج المحلي الإجمالي في 1990 إلى 28% عام 1993.

ولجأت الحكومة لطباعة العملة لتغطية العجز، وبحلول ديسمبر 1993، كانت دار سك العملة توبتشايدر تعمل بكامل طاقتها، إذ كانت تصدر نحو 900 ألف ورقة نقدية شهريا كانت جميعها عديمة القيمة بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى جيوب الناس، ما تسبب في تضخيم المعروض النقدي بشكل كبير.

 

وبعدما أصبحت الدولة غير قادرة على طباعة نقود كافية لمواكبة قيمة العملة المتدهورة بسرعة، انهار الدينار رسميا في 6 يناير 1994، لتتوقف الشركات عن قبوله، وأصبح المارك الألماني العملة التي يعتمد عليها الناس.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية