رئيس التحرير
عصام كامل

من دولة يوليو إلى عصر السيسي، الدولار يهزم اشتراكية عبد الناصر، النمو الاقتصادى والاعتماد على المنتج المحلى لم يوقفا انفلات «الأخضر» أمام الجنيه

الجينة والدولار،فيتو
الجينة والدولار،فيتو

لا حديث يعلو فى مصر على حديث الدولار، الشبح الذى يقف خلف كل الأزمات المعيشية الصعبة التى يحياها المصريون، بعدما وضعهم ربما لأول مرة منذ عقود طويلة أمام ضائقة مالية لا تنتهي، اضطر معها الغالبية العظمى منهم إلى تغيير خطط الحياة ونمط المعيشة، تعاظمت الضغوط الاقتصادية على مصر بشكل حاد منذ أوائل العام الماضي، طغى شح العملة الصعبة وانعكساتها -ولاسيما ارتفاع الأسعار- على الإصلاحات وإجراءات التقشف التى اتخذتها الدولة، بما يطرح الثقة فى السياسة المالية والاقتصادية التى تتبعها الحكومة الحالية منذ تصدرها للمشهد فى البلاد، وجعل المؤيد قبل المعارض لها يطالب برحيلها واليوم قبل الأمس.

سنوات من الاقتراض حمّلت حكومة مدبولى مصر فاتورة ديون ثقيلة، هى السبب الرئيسى فى نقص الدولار.

الأشهر القليلة الماضية انخفضت فيها العملة الوطنية (الجنيه) بشكل كبير، وأصبح سعر الصرف فى السوق السوداء يتجاوز ضعف السوق الرسمى 31 جنيها، يحدث ذلك ومصر تواجه هذا العام أصعب تحد لها، إذ تبلغ أقساط الديون المستحقة للدفع  42.26 مليار دولار على الأقل، وفقًا لبيانات البنك المركزي!

«فيتو» تفتح ملف الدولار وإشكالياته وتحدياته فى مصر من دولة يوليو إلى عصر الرئيس السيسى.

 

مع تحول مصر من الحكم الملكى، إلى العهد الجمهورى فور نجاح ثورة 23 يوليو 1952 فى اقتلاع النظام القديم، اندلعت على الفور العديد من الأزمات على كافة المستويات، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، وحاول الزعيم جمال عبد الناصر بعد توليه حكم مصر فى يونيو 1956، إيجاد الحلول المناسبة لها وتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية على كافة المستويات، ولكن الدولار وضع أحكامه وتغلب على أى محاولات لإيقاف صعوده أمام الجنيه.

وينظر الكثير من المواطنين والخبراء، إلى زمن حكم جمال عبد الناصر، على أنها أكثر الفترات التى تمتع فيها المواطنون العاديون بفرص كبيرة وغير مسبوقة فى التعليم والوظائف والسكن، والخدمات، بالإضافة إلى نمو الاقتصاد الوطنى من خلال الإصلاح الزراعى ومشروعات التحديث الكبرى مثل مصانع حلوان للصلب والسد العالى فى أسوان وقرارات التأميم مثل قناة السويس.

بالإضافة إلى زيادة رقعة الأراضى المزروعة فى مصر بنحو الثلث، وبالرغم من النمو الاقتصادى الكبير الذى بدأ منذ أوائل ستينيات القرن الماضى، إلا أنه شهد تراجعا فى الفترة المتبقية من هذا العقد بعد حرب 1967 ولم ينتعش إلا فى عام 1970، فما السبب وراء ذلك؟

يقول الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية، إن مصر تبنت النظام الاشتراكى الكامل فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد تأميم ثروات أكثر من 5398 رجل أعمال فى ذلك الوقت، تبع ذلك إنشاء القطاع العام للاعتماد على الإنتاج المحلى، وتحريم الاستيراد من الخارج إلا من خلال الدولة فيما يخص الاحتياجات الضرورية القصوى.

وأضاف عامر فى تصريحات خاصة لـ”فيتو”، القطاع العام كان يضم 318 شركة فى 17 مجال من المجالات الصناعية المختلفة، والتى كانت تهم جميع الشعب المصرى، مؤكدا أنه فى هذه الفترة كان هناك اعتماد كبير على الإنتاج، مما نتج عنه زيادة فى معدلات النمو خلال فترة الستينيات بنسبة 25%، والتى تعد أكبر معدلات نمو فى التاريخ المصرى حتى الآن.

وتابع: معدلات النمو الاقتصادى ساعدت فى رفع قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأخرى، وهذا لأن الدولة لا تعتمد فى استيرادها أو استهلاكها على 75% على مدخلات وخامات الإنتاج والمستلزمات الاستهلاكية المختلفة من الخارج.

وأشار إلى أن عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، من العصور التى كان يتم فيها الاعتماد الكلى على المنتج المحلى. مضيفا: لولا نكسة 1967 لاستمر الاقتصاد المصرى فى النمو بشكل كبير.

وأشار إلى نكسة 1967 كانت السبب الرئيسى فى تقليل معدلات النمو الاقتصادى المصرى، بعد تحويل اقتصاد وميزانية الدولة بالكامل إلى الإنتاج الحربى دون أى تنمية أو تطوير، فتآكلت معدلات التنمية حتى عام 1973.

وعن قيمة الجنيه أمام الدولار، قال الدكتور عادل عامر، إنه بالرغم من تراجع قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار فى عهد جمال عبد الناصر، مقارنة بالعصر الملكى، إلا أن العملة المصرية كانت تتمتع بقوة كبيرة.

وكان الدولار الأمريكى فى بداية حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يساوى 40 قرشا، وسجل ارتفاعات على مدار حكم عبد الناصر (1956 - 1970) حتى وصل فى بداية سبعينيات القرن الماضى إلى 180 قرشا، نتيجة الحروب والتراجعات الاقتصادية المستمرة التى تعرضت لها مصر خلال هذه الفترة.

وأوضح رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية، أن الحروب التى خاضتها مصر خلال فترة حكم جمال عبد الناصر، كان لها تأثير كبير على الاقتصاد المصرى، بداية بالعدوان الثلاثى فى عام 1956، وحرب اليمن فى 1962، ونكسة 1967، مرورا بحرب الاستنزاف.

وأكد أن هذه الحروب تسببت فى “فرملة” النمو الاقتصادى، حيث بقيت مصر خلال هذه الفترة وعلى مدار 20 عاما دون بناء مستشفى، أو مدرسة، أو رصف الشوارع، أو الدخول فى أى مرحلة من مراحل التنمية، لأن الدولة فى هذا الوقت ركزت كل مواردها للإنتاج الحربى.

وأكد أن الاقتصاد المصرى خلال الفترة من 1967 إلى 1974، توقف تماما عن الإنتاج والنمو، ما جعل الدولة تعتمد على القروض، حتى تراكمت فوائدها وأعبائها إلى أن وصلت إلى وقتنا الحالى متوارثة من الأجيال والحكومات السابقة، موضحا أن الاحتياطى النقدى فى مصر خلال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر سجل 232 مليون دولار، بينما قيمة الديون الخارجية على مصر خلال هذه الفترة أيضًا سجلت حوالى 142 مليون دولار.

 

ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية