رئيس التحرير
عصام كامل

ونسأل لماذا ينجحون؟!

في الدول المتقدمة لا يبررون الفشل بل يسارعون باستبعاد الفاشل في أي موقع بصرف النظر عن إسمه وتاريخه؛ فالعبرة عندهم بمن يصلح، ومن يمكنه أن يضيف لهذا المنصب أو ذاك.. الشفافية والموضوعية والخطة والهدف أمور تبدو لهم مسلمات واضحة لا يحيد عنها أحد -سواء في التقييم أو الاختيار أو إصدار القرار-..

 

فمثلا منذ ساعات خرج نادى روما الإيطالي ليعلن في بيان واضح أنه جرت إقالة مديره الفني البرتغالي جوزيه مورينيو، بسبب سوء ما حققه من نتائج كان آخرها خسار فريقه أمام ميلان، بثلاثة أهداف مقابل هدف فى الدوري الإيطالي.. 

 

ولم تشفع شهرة مورينيو ولا إنجازاته في البقاء مع روما ولا وقفت حائلًا أمام قرار استبعاده؛ رغم أنه قاد روما للفوز بلقب دوري المؤتمرات في تيرانا مايو الماضي، وإلى نهائي الدوري الأوروبي في بودابست الموسم الماضي أيضًا.

 

وظنى أن الأمر ذاته لو حدث من جوارديولا مدرب مانشستر سيتى، الذي حصد جائزة أفضل مدير فنى لعام 2023 وصاحب البصمة الكبيرة والإنجازات الهائلة ووقع في الإخفاق مع السيتي، لما تردد الأخير في إقالته غير آسف عليه؛ ذلك أن العبرة بالعطاء والإنجاز وليس بالماضي والإسم الكبير الذي ما زلنا أسرى له في تعاملاتنا وقراراتنا المصيرية!

 معاقبة الفاشل


المدهش أن الإصرار على الفشل، أمر لا نجده إلا عندنا.. فربما يبقى المدرب في موقعه رغم حصاد الفشل الذي يجلبه لفريقه المرة تلو الأخرى.. وليت الأمر يتوقف عند حدود كرة القدم ولا يمتد لجوانب أخرى تتعلق بأهم مقومات حياتنا كالصحة والتعليم والنقل والاقتصاد وحجم الديون وغلاء الأسعار الذي لا يتوقف..

 مرورًا بموظف يسيء معاملة الجمهور ولا يهمه مدى رضاه عن أدائه، فيقف -بقصد أو دون قصد- حجر عثرة في طريق راحة الناس ولا يتجاوب مع مستهدفات تطوير الأداء في موقعه، لأنه ببساطة أمن العقاب فأساء الأدب.. 

 

ومسئول يتأخر في إصدار قرار خطير في وقته، أو لا يحسن اختيار معاونيه أو لا يتراجع عن قرار تبين له خطؤه الفادح حتى لا يقال إنه فشل، بل يصر على المضي قدمًا في مسارات الفشل ومآلاته عنادًا أو استكبارًا لا فرق فالنتيجة واحدة.. 

 

والمواطن هو من يدفع الثمن في النهاية إذا لم نجد مسئولًا أعلى منه يخرج ليوقفه فورًا عن غيه ويستبعده من موقعه ويستبدله بمن أكثر كفاءة وإدراكًا ورغبة في تحسين الأداء وإرضاء الناس.. وليت هذا المسئول الأعلى يخرج للرأي العام ليصارحه ويجيب عن تساؤلاته: لمَ كان الاختيار، ولمِ جرى الاستبعاد.. وهل كان على أساس الجدارة والخبرة أم اعتمادًا على أهل الثقة والحظوة..

 

هكذا تتقدم الدول بالمراقبة والتقييم المستمر والشفافية في الاختيارات والمراجعة وقبول النقد ومنح الصحافة والإعلام سلطة الرقابة وكشف مواطن القصور، وتوسيع المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية.

 


أما استبعاد الناس من حسابات الحكومة وإصرار المسئول أي مسئول على أنه أكثر من يعرف ويفهم في مجاله، وأحق من يقدر على تقرير مصير من هم دونه أو من هم تحت ولايته.. فذلك تفكير أحادى جامد ثبت فشله.. لكن هناك للأسف من ينسى أننا لسنا أول ولا آخر من اخترع العجلة، وأن النجاح رؤية واعية وجهد منظم وتخطيط وعمل ورغبة في الإنجاز والاعتراف بالفشل إذا ما وقع فكل بنى آدم خطاء!

الجريدة الرسمية