رئيس التحرير
عصام كامل

الإسلام والإيمان والإحسان (2)

تعددت مسميات الرسالات السماوية والفحوى والمضمون والدين واحد وهو الإسلام.. وشاء الله تعالى أن يختم الرسالة السماوية بالرسالة التي تحمل اسم الدين وهي رسالة الإسلام، تلك الرسالة التي حققت المعادلة بين احتياجات الجانب المادي والجانب الروحي في مملكة الإنسان، وما يلزم لهما حتى تستقم الحياة للإنسان وتستقم حركة الإنسان في الحياة الدنيا، حتى يؤدي أمانة الاستخلاف في الأرض..

 

تلك المعادلة التي لم يشأ الحق عز وجل أن تتحقق في الرسالات السماوية السابقة. والإسلام هو الدين الذي أكمله الله تعالى وأتمه وارتضاه سبحانه لعباده، وهو النعمة التي أنعم بها سبحانه وتعالى عليهم. يقول تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" ويقول عز وجل (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ). ويقول سبحانه وتعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ).

رسالة الإسلام

ورسالة الإسلام تدور حول ثلاث أسس هي العقائد والعبادات والمعاملات.. والعقائد هي الأساس والركن الركين للإيمان والإسلام، وهي كما عرفها لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله الإيمان بوجود الله تعالى ووحدانيته وأنه تعالى لا ضد له ولا ند له ولا شبيه له.. 

 

وأنه واحد أحد فرد صمد ولا تصور ولا كيف له، لا تحيط به العقول ولا تدركه الأبصار، وأنه جل جلاله ليس كمثله شيء وهو الذي تفرد بالخلق والإيجاد والذي منه النعم والإمداد وهو الذي خلق فسوى وقدر فهدى، والقائم بربوبيته عز وجل على أمر الخلائق والعباد والمدبر لشئونهم.. 

الإيمان بالملائكة والرسل واليوم الآخر

ثم الإيمان بالملائكة عليهم السلام وأن الله تعالى خلقهم من النور وفطرهم على طاعته وعبادته وذكره، لا يعصون له تعالى أمرا، وانهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون.. ثم الإيمان بالكتب والرسالات السماوية السابقة التي أنزلها الحق عز وجل والتي منها التوراة والإنجيل والزابور ومزامير سيدنا داود وصحف سيدنا إبراهيم عليهما السلام.. 

 

ثم الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم السلام وهم صفوة الخلق وسادة أهل الاجتباء والاصطفاء الإلهي وهم على رأس قائمة الذين أنعم الله تعالى عليهم.. يقول سبحانه (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا). 

 

هذا وقد ورد في صحيح البخاري أن عددهم مائة ألف وأربع وعشرون ألفا. خص الله تعالى منهم خمس وعشرون بذكر أسمائهم، ولم يذكر لنا الآخرين. يقول تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ). 

 

وأما عن الذين خصهم الله عز وجل بالذكر وأشار إليهم بالاصطفاء هم سيدنا آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران. يقول تعالى (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ). هذا ووجب علي العبد المؤمن الإيمان بهم وإتباعهم والتمسك بهديهم وتعظيمهم وتوقيرهم ومحبيتهم والأدب معهم والإقرار بفضلهم وسمو مكانتهم عند ربهم عز وجل..

 

ثم يأتي بعد ذلك الإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة يوم أن يبعث الله من في القبور ويحشرهم للحساب على عقائدهم وأعمالهم في الدنيا. واليوم الآخر هو يوم لا شك فيه، فيه الفصل والحساب، ولقد أشار الله تعالى إليه بأسماء عديدة منها يوم القارعة، ويوم الواقعة، ويوم البعث، ويوم الخروج، ويوم الفصل، ويوم الدين، ويوم الحاقة، والساعة، والغاشية، والنبأ العظيم.. 

 

ويوم التناد، ويوم الحشر، ويوم التغابن، ويوم الجمع، ويوم الفزع الأكبر، ويوم الجمع والوعيد، والعرض، والصاخة، واليوم الموعود، وغير ذلك من الأسماء. 

 

 

وهو يوم عظيم تتقلب فيه القلوب والأبصار.. وهو يوم يسير على عباد الله تعالى المؤمنين، ويوم فرح وسعادة. ويوم شاق وعسير على أهل الكفر والشرك والنفاق.. ثم يأتي بعد الإيمان باليوم الآخر الإيمان بقضاء الله تعالى خيره وشره حلوه ومره.. وهذا ما سوف نتحدث عنه بمشيئة الله تعالى في المقال التالي..

الجريدة الرسمية