رئيس التحرير
عصام كامل

نبلاء وخونة يتحدثون عن غزة

 تتوقف أى فكرة بل تتيبس وتموت إن بعدت عن غزة الصابرة الوحيدة وما يحدث لها أمام العالم بأسره، تتصاغر كل همومك من فقر ومرض وغلاء واحتكار أمام لقطة واحدة من أرض غزة التى تركها الجميع وحدها، فالبلاء لا يوصف ولا يتخيله أحد ولا يطيقه بينما صبرهم أسطورى وسماوى وسرمدي مقدس.. 

 

هل هناك أصعب وأكثر ألما من أن ترى أطفالك يتضورون جوعا أمام عينك وتحت سمعك، وتعجز عن إطعامهم أبسط الطعام حتى لو كان ورق الشجر، ثم تعود فتجدهم قد اغتالتهم يد الخسة والنذالة بدم بارد وهم جوعى!

 

أى ألم هذا وأى مأساة تلك، وأى عالم حقير هذا الذى يقف مدانا بالصمت الخائن أمام شعب يباد كل دقيقة، ولا يتحرك لوقف الجانى القاتل من ممارسة وحشيته غير المبررة، لقد كفرنا بهذا العالم، ولقد كفرنا بكل مفاهيم العدالة والسلام فى هذا العالم، فمن يملك السلاح والمال يفعل ما يشاء دون حسيب أو رقيب.. 

 

حتى البعد الأيديولوجي والديني المقدس أصبح لا قيمة له عند أغلب دول العالم، فالغرب المسيحى بكل طوائفه من كاثوليكية كاسحة لبروتاستينية لأرثوذكس شرقيين، يؤمنون بأن اليهود هم من صلبوا المسيح عليه السلام بعدما أذاقوه العذاب فى طريق الآلام..

 

 وحتى الآن لا يعترف اليهودى أو الصهيوني بالمسيح كنبى مثل المسلمين أو إله مثل المسيحيين، لكن الآخرين ينحازون كحكومات وأنظمة لمن قتل وعذب قديما وحديثا دون أيما احترام لعقيدة أو إنسانية أو خلق!

 

الذين نصروا غزة

هل تتخيل أن من نصروا غزة حتى الآن هم الأطفال والبسطاء الذين قاطعوا واستغنوا عن أشياء تبدو بسيطة لنا، لكنها تمثل كل عالمهم، فالطفل الذى يسعد بقطعة حلوى أو بسكويت، تخلى عن سعادته وقاطع هذا المنتج أو ذاك لأنه على علاقة ما بعدو لا يعلم عنه الكثير سوى أنه قاتل ومجرم وخسيس ولا يشرف بمقارنته بالحيوان.

 

هل تدرك معنى أن يستغنى بسطاء المصريين والعرب من الفقراء عن زجاجة مياه غازية أو وجبة يعتبرونها قمة الرفاهية عندهم وعوضا عن شقاء أسبوع كامل في العمل، هؤلاء الذين يفعلون ما يستطيعون ويؤمنون بجنيهاتهم القليلة في شركات متعددة الجنسيات لكنها تدعم العدو المجرم، لذا فهم يجاهدون بما هو متاح لهم.. 

 

ولو استطاعوا قتالا لقاتلوا، ولو قيل لهم اقتسموا لقمتكم مع إخوة لكم فى العقيدة والإنسانية لفعلوا عن طيب خاطر، وترى أعينهم تفيض من الدمع لعجزهم عن فعل الكثير للأشقاء في غزة.

 

نخبة القاع

يتناقض هذا كليا مع نخبة القاع العربية التى بدأت فى إراحة ما تبقى لها من ضمير محتضر مشوه بلوم المقاومة في غزة وإلصاق التهم لها مثل الصهاينة، من هؤلاء مشايخ سلفية مدخلية وجامية تنطق بلسان من يدفع لها.. 

 

فمنهم من يسقط الجهاد ويرحب بالخنوع والاستسلام للأعداء مادام هناك من يملي عليه ذلك ويغدق عليه بالأموال، ويطول المجاهدين في المعركة بترك القتال والجهاد بالسنن التعبدية! أي عبث هذا وأى انسلاخ من الدين والركون للوهن الذي لم يعرفه الإسلام يوما!

 

أما النخب العلمانية، أو بشكل أكثر دقة، النخب المعادية للإسلام تحت مسمى العلمانية والتنوير، فيسخرون من أى نصر للمقاومة ويعتبرون صمودها وهم بينما هو واقع فعلى، لكن عدائهم للدين جعلهم غربان ناعقة بالخراب والتشاؤم، وبعضهم تجاوز كل حدود الحقارة.. 

فهذه مثلا كاتبة تسخر وتشمت في أم فلسطينية مجاهدة تطالب المتبرعين بإرسال فوط شخصية لفتيات فلسطين المجاهدات العفيفات الصابرات، فتقول لها بكل وضاعة، أنت بلا سقف وبلا غذاء وتطالبين بفوط صحية، ينقصك أيضا المكياج وأنت تموتين.. هل رأيتم أحقر من ذلك!
Fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية