رئيس التحرير
عصام كامل

رجل سعيد يحتضر

هنا في كرسيي المريح، أجلس وأنظر من النافذة إلى الشارع.. أتذكر طفولتي في قريتي البعيدة، كانت أيامًا حبلى بالفرح واللعب والمرح، كنت أقضي معظم وقتي مع أقراني، نلعب في الحقول، ونجري وراء الطيور، ونحكي القصص الخرافية المسلية أحيانا، المخيفة غالبا.

 

كنا مجموعة متماسكة، نحب بعضنا البعض كثيرًا، نساعد بعضنا البعض في كل شيء، وندافع عن بعضنا البعض ضد أي عدو، كنا نعيش في سعادة وهناء، لا نعرف شيئًا عن مشاكل الحياة وهمومها.

Advertisements

 

لكن مع مرور الوقت، بدأنا نكبر، وبدأ كل واحد منا يأخذ طريقه. ذهب البعض إلى المدينة للعمل، وذهب البعض الآخر إلى الخارج للدراسة،. تباعدت المسافات بيننا، وبدأنا نفقد التواصل.

 

مرت السنوات، وأصبحت شيخًا كبيرًا. بدأت أشعر بالوحدة، وأشتاق إلى أيام طفولتي، كنت أريد أن أرى أصدقائي من جديد، وأتذكر معهم الذكريات الجميلة. ذات يوم، خطرت لي فكرة. قررت أن أجمع أصدقائي من جديد، وأخبرهم أنني أحتضر. قلت لهم إنني أريد أن أرى وجوههم قبل أن أموت.

ذكريات الطفولة

استجاب أصدقائي لدعوتي، وجاءوا من كل مكان، عندما رأوني، بكوا من الفرحة تارة ومن الحزن علي تارة أخرى. جلسنا معًا، وتحدثنا عن أيام طفولتنا، وتذكرنا كل اللحظات الجميلة التي قضيناها معًا. في نهاية اليوم، كشفت لهم أنني لم أكن أحتضر بالفعل. قلت لهم إن شوقي لهم دفعني للكذب.

 

شعر أصدقائي بالصدمة في البداية، لكنهم كانوا سعداء في الوقت نفسه، سعداء لأنهم تمكنوا من رؤية بعضهم البعض بعد كل هذه السنوات. بعد ذلك اليوم، أصبحنا نتواصل مع بعضنا البعض بشكل منتظم. بدأنا نلتقي كل فترة، ونتذكر ذكريات الطفولة.

 

مرت عدة أشهر، وكنت أشعر بتعب شديد. ذهبت إلى الطبيب، واكتشفت أنني مصاب بمرض خطير. في تلك الليلة، جلست مع أصدقائي، وأخبرتهم أنني أشعر بأنني على وشك الموت. قلت لهم إنني سعيد لأنني تمكنت من رؤيتهم مرة أخرى، وإنهم سيبقون في قلبي إلى الأبد.

 

 

قبل أن أموت، أغمضت عيني، وتذكرت أيام طفولتي الجميلة. تذكرت أصدقائي، وكيف كنا نلعب ونضحك معًا.

توفي الرجل العجوز، وهو مبتسم، راضيًا عن حياته. لقد حقق حلمه في أن يلتقي برفاق الطفولة، وأن يتذكر معهم ذكرياتهم الجميلة.

الجريدة الرسمية