رئيس التحرير
عصام كامل

أيام لا تنسى!

في مثل هذه الأيام قبل عام مضى عشتُ محنة مرض عابر وغامض داهمنى فجأة وبلا مقدمات لأجد نفسي بين جنبات المركز الطبي العالمي.. مرت الأوقات صعبة في بدايتها.. لكن شيئًا فشيئًا أدركت أن ما أصابني كان لحكمة ربانية اختارت الوقت والبلاء.. 

 

كان المرض، رغم متاعبه، محنة في ظاهره أخذتني من الحياة المعتادة التي اعتدنا فيها النعم، وهذا شأن كل البشر لا يعرفون قيمة ما هم من نعم إلا إذا سلبت منهم أو خيف عليها من الزوال.


أدركت أنها منحة ربانية ساقها الله إليَّ لأبصر حقيقة الدنيا التي مهما طالت فهي إلى زوال؛ هى لحظة في عمر الزمن.. أبصرت حقيقة العلاقات.. أيها كان حقيقيًا صمد أمام الاختبار.. وأيها كان زائفًا سقط في أول اختبار حقيقي..

 

عرفت من ظل معى لا يتوقف عن السؤال عني مدفوعًا بشعور صادق وقع في قلبي.. ومن كنت عابرًا في حياته على غير ما كنت أظن أني إلى نفسه قريب.. اقتربت كثيرًا من الله يملؤني يقين ورضا وتسليم بقضائه سبحانه.


ترسخت في نفسي قناعة أن الأيام دول.. وبقاء الحال من المحال.. اكتشفت أن هناك أيامًا تسكن قلوبنا ولا تغيب عن ذاكرتنا أبدًا كتلك التي مرضت فيها.. وهناك أيام نودعها ونرجو أن ننساها.. الأيام وجوه وملامح وأحداث وأصعب الأشياء فى الحياة أن تعانى من قسوة الأيام فى معاملة الناس وغروب الأحلام  تخونك الصحة.. 

 

وتهرب منك سنوات العمر، وترى الجحود والنكران من أناس أحببتهم ومنحتهم أجمل سنوات العمر.. وترى أناسًا آخرين لم تكن تعرفهم من قبل بالقدر الكافى تجدهم أحبابا يمنحونك الحب والعطف والوفاء أشعر وأنا أودع عاما على المحنة/ المنحة أنه كان عاما فى غاية القسوة.. 

 

ليس معى وحدى ولكنه مارس القسوة مع الجميع ولم يترك أحدًا دون أن يترك على ملامحه علامة أنه عام لم يرحم أحدًا وقد اجتاحت قسوته الكون كله حرم الآباء من أبنائهم وحرم الأزواج من زوجاتهم ولم يفرق بين وطن أو بلد وآخر. 

 


كل عام وأنتم بخير بمناسبة عام مضى وعام جديد يعوض ما فات ويمحو الغضب والأحزان إلى عام سعيد يمنحنا الحب ويمتعنا بالصحة ويمنع عنا كل شر وكل سوء.. وينهى الحروب والدمار وسفك الدماء الذي تعج به الشاشات.. اللهم لطفك بنا وبالإنسانية كلها يارب العالمين من جشع المجرمين الذين لا يبالون بصور الدم والقتل وإزهاق روح الأبرياء!

الجريدة الرسمية