رئيس التحرير
عصام كامل

هند صبري والاستقالة ورسائل مهمة؟!

كتبنا من قبل عدة مقالات عن أهمية وجود موقف واضح ومحدد ومعلن للفنان في القضايا الحيوية والمصيرية والأزمات التي يتعرض لها مجتمعه ووطنه وأمته، مثل حرب الإبادة الجماعية التي يكابدها أهل غزة منذ أكثر من شهر ونصف على يدي الكيان الصهيونى، وشددنا على ضرورة أن يضطلع الفن والفنان بدور فاعل ومؤثر وقوي في هذه القضايا، كون الفن والفنانين يتمتعون بقدر كبير من المصداقية والتأثير في الملايين من الجماهير..  

 

وقد تنوع هذا الدور فيما يخص الأحداث الحالية في عدة صور من الدعم لأهل غزة، من تصريحات وتعليقات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى إلغاء أعمال وحفلات فنية ومهرجانات إلى جمع تبرعات وأخيرًا إلى استقالات من مناصب دولية اعتراضًا على ضعف تأثيرها ودورها في الأزمة الحالية.. 

 

مثلما فعلت النجمة التونسية المتميزة هند صبري مؤخرا بإعلان استقالتها من منصب سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بعد 13عامًا لها في هذا المنصب! وسبقها بأسابيع قليلة وعلى نفس المنوال ابن بلدها المطرب التونسي الكبير لطفي بوشناق اعتراضًا على مذبحة المستشفى الأهلي العربي المعمداني بغزة!.

رسائل هند صبري المهمة


رغم تباين ردود الأفعال ما بين مؤيد ومرحب ومشيد وبين معارض ورافض والجدل الواسع الذي أحدثته ومازالت الاستقالة المفاجئة لهند صبري تلك، إلا أن مضمون الرسالة وأسباب الاستقالة التي ذكرتها هند صبري، يحملون رسائل مهمة ومؤثرة واضحة وكاشفة بالدرجة الأولى، لحالة الضعف التي وصلت إليها حاليًا منظمة الأمم المتحدة وكل الأجهزة والمنظمات والبرامج التي تنضوي تحت لواءها.. 

 

مثل برنامج الغذاء العالمي بحيث لم تعد كل هذه التنظيمات قادرة على ممارسة الأدوار المنوطة بها والتي أنشئت من أجلها، بسبب تعنت وجبروت اللوبي الصهيوني وداعميه من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا الذين يضربون بكل قرارات الأمم المتحدة عرض الحائط فقط إذا تجرأت وتعرضت لاسرائيل من قريب أو من بعيد! 

 

ومن هنا جاء قرار هند صبري بالاستقالة بعدما يأست كما جاء في بيان نشرته على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي إنستجرام من قدرة برنامج الغذاء على مساعدة أهل غزة بالشكل المطلوب والتخفيف عنهم بالمساعدات الغذائية إزاء حرب التجويع التي ينتهجها ضدهم الكيان الصهيوني..  

 

وأشارت هند صبري إلا أنها كانت تتوقع أن هذا البرنامج الحائزعلى جائزة نوبل قبل ٣ سنوات لإنجازاته في مجال محاربة الجوع والفقر وندرة المواد الغذائية في العديد من دول العالم الأكثر فقرًا، والذي تأسس عام 1961 ويخدم نحو 120 دولة والمندد بحرب التجويع كأحد الأسلحة الفتاكة في الحروب كما في حرب غزة، سيتمكن من استخدام نفوذه وقوته في الحرب الحالية وهو ما لم يحدث!.


ورغم عدم التفاؤل بالنتيجة والأثر الإيجابي الذي سيكون لقرار هند صبري وبيانها الواضح والمباشر في تحرك المسؤولين عن هذه المنظمات الدولية والضغط بقوة لإيقاف الحرب على غزة، إلا أنه بمثابة الصرخة الشجاعة القوية في وجه المجتمع الدولي العاجز تمامًا عن وقف هذه الحرب العبثية أو على الأقل التقليل والتخفيف من آثارها على الشعب الفلسطيني المنكوب..

 

كما أنه يعكس دورًا وموقفًا محددًا للفنان كما يجب أن يكون ويضطلع تجاه قضايا أمته الوجودية والمصيرية، وهو ما يحسب للنجمة هند صبري حتى ولو اعتبر البعض أنها انسحبت من الدور والمعركة، وكان الأفضل لها أن تستمر وتقاوم وتبحث عن حلول من خارج الصندوق!.

نجوم سبقوها


إحقاقًا للحق ليست استقالة هند صبري ولا لطفي بوشناق من الأمم المتحدة غير مسبوقة من قبل أهل الفن اعتراضًا على تراجع دور هذه المنظمة الدولية وما يتبعها من تنظيمات، فقد سبق ذلك عدد من نجوم الفن المصري والعربي منهم.. صفية العمري التي كانت أول سفيرة مصرية وعربية للنوايا الحسنة عام1994.. 

 

وشاركت عدة منظمات في مجالات محاربة الفقر والإدمان قبل أن تستقيل عام 2006 اعتراضًا على المجازر الاسرائلية في لبنان! وهو نفس ما فعله الفنان حسين فهمي ولنفس السبب، وكذلك الفنان السوري دريد لحام الذي كان سفيرًا لليونيسف ومواطنه جمال سليمان سفير الأمم المتحدة للسكان!.
 

وبعيدًا عن الاستقالات هناك عدد كبير من نجوم الفن العربي تولوا مثل هذه المناصب الشرفية 
من أوائلهم الراحل محمود ياسين الذي كان سفيرًا لبرنامج الغذاء العالمي لمحاربة الجوع مثل هند صبري، عادل إمام لمفوضية شؤون اللاجئين، محمود قابيل لمنظمة اليونيسف المعنية بشؤون الطفولة، محمد صبحي لمكافحة الإدمان والتدخين.

 


ومن الفنانين أيضًا الذين حصلوا على لقب سفير النوايا الحسنة.. أحمد حلمي ومنى زكي ودنيا سمير غانم وآسر ياسين ونيللي كريم وإلهام شاهين ويسرا واللبنانيون راغب علامة وكارول سماحة ويارا والكويتية سعاد عبدالله.

الجريدة الرسمية